قالت مراجع سياسية متتبعة للإتصالات الدولية الجارية في شأن العرض الاسرائيلي تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 مشروطاً بالتفاوض على ترتيبات امنية في مقابل الانسحاب، ان الجانب الاميركي برر دعوة لبنان الى القبول بالتفاوض مع اسرائيل على تنفيذ القرار بالقول: "فليجلس الجانبان الى طاولة التفاوض وليرفض لبنان هناك اي بحث في ترتيبات امنية ويطلب الانسحاب من دون شروط، من الاسرائيليين". وكانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت دعت لبنان، في رسالة الى نظيرها اللبناني فارس بويز، سلمه اياها ديبلوماسي اميركي في السفارة الاميركية في باريس اثناء زيارته العاصمة الفرنسية اواخر الاسبوع الماضي، الى التعاطي "بجدية" مع اسرائيل في شأن عرضها تنفيذ القرار الرقم 425. وقالت المصادر المطلعة على الموقف الاميركي انه كرر النصح بالتفاوض مع اسرائيل، وهو الأمر الذي يرفضه لبنان لاعتباره ان التفسير الاسرائيلي للقرار يخرج عن نصه الاصلي الذي لا يتضمن اي عبارة عن التفاوض بين الدولتين، ويعتبر ان القرار 426 الذي نص على آلية انسحاب الجيش الاسرائيلي تحدث عن ترتيبات للانسحاب لا ترتيبات امنية، على ان تتفاوض الأممالمتحدة مع كل من لبنان واسرائىل على حدة على اجراءات الانسحاب، لا اكثر. وفي حين وجد المسؤولون اللبنانيون دعوة اولبرايت لبنان الى قبول التفاوض على العرض الاسرائيلي تبنياً للطرح الاسرائيلي المناقض لمنطوق القرار 425، ذكرت المراجع السياسية ل"الحياة" ان الجانب الاميركي استبق دعوة اولبرايت بابلاغ لبنان وسورية انه يتفهم وجهة النظر اللبنانية القائلة ان القرار 425 لا ينص على شروط للانسحاب الاسرائيلي او على التفاوض على ترتيبات. لكنه يدعو الى مقابلة الطرح الاسرائيلي بالدعوة الى التفاوض من دون ان يغير ذلك من جوهر الموقف اللبناني. وأفادت المعلومات في هذا الاطار ان الموقف الاميركي ابلغ الى دمشق، عبر فرنسا التي نقل المسؤولون فيها الى المسؤولين السوريين ان واشنطن لا ترى مانعاً في حصول المفاوضات بين لبنان واسرائيل على ان يؤكد لبنان خلالها موقفه المبدئي. وأعرب الجانبان السوري واللبناني عن تخوفهما من هذه الدعوة نظراً الى المخاطر التي تنطوي عليها لأن اسرائيل ستأخذ حجة الجلوس الى طاولة المفاوضات للإصرار على طرح المواضيع التي تريد والشروط التي اعلنت في شأن تنفيذ القرار 425. وأعربت مصادر مراقبة عن اعتقادها ان الولاياتالمتحدة تحاول من وراء تأييد التفاوض الاستفادة من الطرح اللبناني التقليدي القائل ان لا ضمانات او ترتيبات امنية لاسرائيل، إلاّ في اطار عملية السلام الشامل، من اجل دفع الجانب الاسرائىلي الى احداث تقدم على مسارات السلام كافة بالتوازي مع تطبيق ال425. إلاّ ان مصادر اخرى مراقبة رأت ان طرح اولبرايت للتفاوض، على رغم علمها المسبق بالرفض اللبناني - السوري له ليس إلاّ محاولة لكسب الوقت، وإلاّ فإذا كان لبنان سيرفض اي ترتيبات او ضمانات فلماذا تشجيعه على التفاوض؟ في هذا السياق توقفت مصادر لبنانية رسمية وأخرى ديبلوماسية غربية في بيروت امام ملاحظة ذات دلالة، هي ان الجانب الاسرائيلي، حين اتخذ مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغّر الاربعاء في الاول من نيسان ابريل الماضي، قرار تبني القرار الرقم 425 وفقاً لاقتراح وزير الدفاع اسحق موردخاي، اعلن ان مجلس الوزراء الموسّع الذي انعقد لاحقاً يوم الاحد في الخامس من نيسان سيتبنى قرار المجلس الوزاري المصغّر. إلاّ ان المجلس الموسّع اجتمع واكتفى بالبحث في التطورات على المسار الفلسطيني من عملية السلام، ولم يتطرق الى القرار 425 وأجّل البحث فيه. وسألت المصادر اللبنانية والديبلوماسية عن سبب احجام مجلس الوزراء الموسّع عن ذلك، وسعت الى ايجاد الاجابة عن عودة الجانب الاسرائيلي الى التباطؤ في اتخاذ اجراءات تبني اقتراح موردخاي، وجاءت الاجوبة من الدوائر المعنية بهذا الامر متنوعة، وأبرزها: - التفسير الأول: ان احد كبار المسؤولين العرب المطلعين على الوضع الاسرائيلي الداخلي أسرّ الى مسؤولين لبنانيين ان السجال داخل الحكومة الاسرائيلية بين اقتراح موردخاي المبني على التفاوض مع سورية على الانسحاب، واقتراح وزير البنية التحتية ارييل شارون الانسحاب من جانب واحد مع اتخاذ خطوات رادعة وقصف لبنان في حال حصول عمل عسكري ضد اسرائيل انطلاقاً من الحدود اللبنانية، لم يحسم نهائياً بعد. - التفسير الثاني: ان الاوساط المتتبعة للموقف الاميركي اشارت الى ان واشنطن أدّت دوراً في تأجيل اتخاذ مجلس الوزراء الموسّع القرار بتبنّي ال425، لأن واشنطن تريد كسب الوقت على جبهتين: جبهة تكثيف الاتصالات لمعالجة العقد على المسار الفلسطيني، بعد التطورات الحاصلة لجهة اغتيال احد مسؤولي "حماس"، ثم جبهة اعطاء المجال لمزيد من المشاورات، مع لبنان وسورية والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وفرنسا على العرض الاسرائيلي في شأن القرار 425، لتتم الاستفادة، كما تحرص واشنطن من هذا العرض كي يأتي في اطار الحل الشامل. وذكرت هذه الاوساط ان واشنطن تفضل تدرجاً زمنياً في طرح المبادرة الاسرائيلية، على ايقاع الاتصالات الاستكشافية في شأن امكان ايجاد صيغة تجمع بين الموقف الاسرائيلي والموقفين اللبناني والسوري.