وافق الامام الاكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الازهر على هدم المشيخة الازهرية العتيقة التي تحوي مكتبه ومكتب الائمة السابقين والتي تتوسط شارع الازهر .وبذلك قضت الموافقة على المعارضة التي ابداها معممون ازهريون تجاه مشروع هدم المشيخة باعتبارها اثراً اسلامياً ملحقاً بالازهر الشريف لا يجوز الاستغناء عنه. ويستعد الامام الاكبر لنقل اوراقه وكتبه وملفاته الى مبنى حديث في الدراسة تجاه شارع صلاح سالم الحيوي قبالة مبنى دار الافتاء، ليكونا معاً المشيخة الجديدة ودار الإفتاء مجمعاً اسلامياً يشكل معلماً حديثاً من معالم القاهرة الاسلامية. وحرك هدم المشيخة خطة كبرى لتجديد شباب القاهرة الفاطمية عبر محوريها: شارع الازهر وشارع المعز اللذان يتقاطعان معا عند مسجد السلطان الغوري. ويشارك في الخطة، بالاضافة الى الجانب المصري، الجانبان الالماني والفرنسي تحت اشراف كامل من هيئة اليونسكو. ولأن صرح الازهر الشريف يحتل موضع القلب من مدينة القاهرة، فإن المستوى الاول من الخطة الذي بدأ قبل عامين استهدف إعادة إعمار الازهر، وبكلفة بلغت 50 مليون جنيه ساهمت فيها المملكة العربية السعودية وباكستان بالاضافة الى المؤسسة الازهرية التي يطمح شيوخها الى اعادة الشباب الى الجامع الذي ناهز عمره 1060 عاماً، وتحدد للافتتاح الكبير يوم المولد النبوي الشريف، اذ يقام احتفال ضخم تشارك فيه فاعليات وهيئات اسلامية كبرى. وستكون بداية لمشروع تجديد شباب القاهرة الفاطمية. وعلى المستوى الثاني من الخطة التي يجري العمل فيها على قدم وساق تأتي منطقة الازهر والحسين، التي يرى المهندس شريف لطفي رئيس الجهاز التنفيذي لإحياء القاهرة الاسلامية انها تحتاج الى إعادة تخطيط شامل وكامل. واذا كانت القاهرة الفاطمية تحتل الاهمية القصوى حسب ثرائها الاثري وتاريخها الحضاري، فإن قلب القاهرة الذي يضم الازهر والحسين هو الاولى بالرعاية. وتبدأ فكرة المشروع بنقل حركة المركبات من على الارض الى انفاق تحت الارض تمر في شارع الازهر اكثر شوارع القاهرة ازدحاماً، بعدها ستجري اعمال ترميم شاملة للمباني الاثرية في المنطقة. وستتحول المنطقة بين المسجدين الى ساحة بانورامية سياحية جاهزة لاستقبال هواة زيارة المناطق الاسلامية عرباً واجانب وحتى مصريين. يقول المهندس لطفي ان قرار هدم المشيخة الازهرية حل كثير من تعقيدات المشروع الذي يحظى بعناية شيخ الأزهر. اما المستوى الثالث من الخطة الذي يتزامن تنفيذه وترميم الجامع الازهر فيخص شارع المعز الذي يحوي وحده 27 اثراً اسلامياً من مساجد وبيوت واسبلة وتكايا ومدارس، كل منها يشكل وحده اثرية تحتاج الى رعاية خاصة. وتعاني كل هذه الاثار انعكاسات الاستخدام اليومي، وكثير منها يستخدم في الاغراض التجارية. وكما يقول الدكتور جاب الله علي جاب الله الامين العام للمجلس الاعلى للآثار فإن المشروع في هذا المستوى يتضمن إخلاء الشارع من السيارات وقصر الحركة فيه على المشاة، وسيتم تبليط ارضياته على الطراز الاسلامي، ويأخذ شكل المدرجات المصاطب وتتم انارته بالفوانيس القديمة. وأكد وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني على أهمية الشارع، راصداً موازنة قدرها 25 مليون جنيه مصري لترميم احد أبرز آثاره وهي مجموعة قلاوون، التي يجري العمل فيها حالياً. كما ان "المعهد الالماني للآثار" أنجز تسعة منها، ويجري العمل في بقية آثار المجموعة التي تعد الدرة الثمينة في تاريخ مصر الفاطمية، وهي تحوي واجهة وفسقيات ومنبراً وسبيلاً ومدرسة، ومئذنة جميلة انشأها الناصر محمد بن قلاوون، ويرجع الفضل في انشاء هذه المجموعة الى الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي احد المماليك البحرية. المستوى الرابع من المشروع يتولاه الجانب الفرنسي بمشاركة مصرية ويشتمل على منطقة الجمالية، وأنجز الفرنسيون ترميم وتنظيف الجزء المتساقط من سور القاهرة بين بوابتي النصر والفتوح والبرج الغربي والسور بينهما مع الاحتفاظ بالمقابر الاثرية خلفه بمآذنها وقبابها الاثرية لصيانة الطابع الاثري للمكان. مع إخلاء ألفي مقبرة من سكانها الاحياء ليقتصر سكانها على الاموات الذين لا يسيئون للمناطق الاثرية. واكد شريف لطفي ان هدف المشروع في كل مستوياته زيادة الجذب السياحي لتلك المناطق وتمهيد طرق الوصول الى المناطق الاثرية، وتيسير زيارتها بهدف تحقيق عائد اقتصادي يرفع من مستوى معيشة سكان تلك المناطق، ويساعد على اخلائها في القريب العاجل من اجل إنشاء مزارات تجارية وسياحية في المقام الاول، وايضا الحفاظ على المناطق واثارها. منطقة الجمالية، التي ترتدي حالياً ثيابها الجديدة، ويوليها الفرنسيون اهمية خاصة، تنتسب الى الامير جمال الدين محمود الاستادار وزير مالية السلطان الناصر المملوكي الذي انشأها عام 811 هجرية، وتوفي لتحمل المدرسة اسمه "الجمالية"، ويعمم اسم المدرسة على المنطقة بأكملها بعد ذلك. والجمالية التي تمتد اليها يد الإصلاح تتوسط الحد الشرقي لمدينة القاهرة، ويحدها من الشرق جبل المقطم، ومن الشمال حي الظاهر، ومن الغرب باب الشعرية، ومن الجنوب الدرب الاحمر، ومعظم حواريها له اسماء مملوكية، وتحتوي على كم هائل من الاثار الاسلامية ابرزها جامع الحاكم بأمر الله وجامع الاقمر، وسبيل عبدالرحمن كتخدا وقصر بشتاك وسبيل محمد علي ومدارس الظاهر بيبرس والصالح نجم الدين ايوب وحمام اينال ومسجد السلطان برقوق ومدرسة السلطان الغوري وبيت السحيمي، الذي جرى ترميمه بمعونة كويتية، ومعبد موسى بن ميمون أحد أبرز المعابد اليهودية في مصر.