قال رئيس الأركان السوداني الفريق الركن سيد احمد السراج ان مشكلة جنوب السودان "سياسية ولا تحل بالقوة"، وربط في تصريح الى "الحياة" لدى وصوله الى الدوحة امس بين "حشود عسكرية اوغندية وأريترية" على الحدود السودانية وبين جولة الرئيس بيل كلينتون الافريقية. وفي غضون ذلك التقى وفد اميركي رسمي على مدى اليومين الماضيين في اسمرا عددا من قادة "التجمع الوطني الديموقراطي" السوداني المعارض وقائد قوات التحالف السودانية العميد عبدالعزيز خالد. وقالت مصادر قريبة من الاجتماعات ان النقاش تناول رؤى المعارضة بشأن بناء "السودان الجديد". وذكرت المصادر ان الوفد الاميركي سيرفع تقريراً عن جولته التي شملت نيروبي وكمبالا وأديس أبابا وأسمرا والقاهرة الى الرئيس كلينتون فور عودته الى واشنطن من مهمته المتعلقة تحديداً بالوضع السوداني. وشدد رئيس الأركان السوداني الفريق الركن سيد احمد السراج على ان المشكلة في جنوب السودان "سياسية ولا تحل بقوة السلاح" وانه "مهما حصل لقضية الجنوب فان الحل سياسي وليس عسكرياً". وقال لپ"الحياة" في الدوحة التي وصل اليها امس في زيارة تستمر ثلاثة أيام بدعوة من نظيره القطري العميد الركن حمد بن علي العطية انه سيتم "البحث في التعاون المشترك"، ونوه بالعلاقات القطرية السودانية وأكد انها "ليست علاقة اليوم" ولفت الى اهمية "تبادل الزيارات والتدريب المشترك" بين الجيوش العربية. وفي شأن الوضع العسكري في جنوب السودان أضاف: "نحن مسيطرون على الوضع ونمسك بزمام المبادرة رغم التهديد والاطماع العالمية". وتابع: "نحن لا نقول اننا سنحل المشكلة عسكرياً فالقضية ستحل في النهاية سياسياً". وأشار الى وجود "حشود عسكرية أوغندية" وأخرى اريترية على الحدود مع البلدين حالياً وقال ان الحشود على حدود اوغندا تزامنت مع زيارة الرئيس بيل كلينتون الى اوغندا. وعما اذا كانت جولة كلينتون الافريقية ستؤدي الى مزيد من الضغط على السودان قال: "ربما تؤثر. كنا نأمل من اميركا كدولة لها وزن بأن تساعد في تحقيق السلام". وشدد على ان اميركا اذا دفعت جهود السلام في الجنوب فسيتحقق السلام، وقال: "اننا لسنا دعاة حرب ولا نؤيد الاعتداء على الجيران". لكنه ندد بپ"دول الاستكبار التي تستهدف الخيار الحضاري الاسلامي في السودان". وأوضح ان الأوضاع على الحدود الاثيوبية - السودانية "هادئة الآن"، وقال ان رئيسي البلدين اتفقا على الا يحدث اعتداء على الحدود، وإذا حدث شيء فإنه يحل من خلال الاتصالات بين البلدين. وسئل عن التأثير العسكري للمعارضة الشمالية والجنوبية حالياً فقال: "لا قوة لهم للقيام بعمليات" عسكرية و"الجبهة الشعبية الاريترية الحاكمة تقوم نيابة عنهم بعمليات عسكرية والمعارضة تتولى فقط الاعلان عن انتصارات". وأكد انه "لا شيء على الحدود مع مصر" و"ان قضية حلايب سياسية وستحل"، مشيراً الى ان وزير الخارجية السيد مصطفى عثمان اعلن في وقت سابق انها "ستحل بالتكامل" بين الدولتين. ووصف العلاقة مع مصر بأنها "ازلية" وانه "لم تقم حرب في مصر الا كان السودان مع الاخوة المصريين في الجبهة". من جهة اخرى، وفي اطار جولة في دول منطقة القرن الافريقي وصل الى اسمرا وفد اميركي برئاسة ديفيد دون مسؤول شرق افريقيا في الخارجية الاميركية يضم ستة مسؤولين آخرين في ادارات مختلفة. وعلمت "الحياة" من مصادر خاصة ان الوفد يهدف الى مناقشة السياسات الاميركية تجاه بعض القضايا الاقليمية، وتحديداً الوضع في السودان، وانه زار كلاً من نيروبي وكمبالا واديس ابابا ويغادر اسمرا اليوم الى القاهرة للغرض ذاته. وكان الوفد برفقة الرئيس بيل كلينتون اثناء جولته الافريقية التي شملت نحو ست دول وانتهت امس في السنغال. والتقى الوفد الرئيس الاريتري اسياس افورقي وبعض المسؤولين في الحكومة الاريترية. كما التقى امس قادة في التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض منهم مبارك الفاضل المهدي، والدكتور منصور خالد، والفريق عبدالرحمن سعيد، والدكتور فاروق احمد آدم، وعبدالعزيز دفع الله، والدكتور شريف حرير وآخرون. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع ان النقاش كان مواصلة للقضايا التي تناولها اجتماع وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت وقيادات من المعارضة في كمبالا في كانون الاول ديسمبر الماضي. واضافت ان النقاش تناول رؤى المعارضة في بناء السودان الجديد وموضوع ادارة واغاثة المناطق التي تسيطر عليها، لا سيما وان اولبرايت وعدت بدعمها انسانياً والمشاركة في تنميتها. واشارت المصادر الى ان الاجتماع تناول ايضاً بالشرح القرارات التي توصلت اليها هيئة القيادة المعارضة في اجتماعها الاخير في آذار مارس الماضي. وقالت ان اعضاء الوفد الاميركي "اكدوا ضرورة وحدة التجمع الوطني الديموقراطي لكي يكون بديلاً للنظام القائم في السودان". وعلمت "الحياة" ايضاً ان الوفد التقى العميد عبدالعزيز خالد قائد قوات التحالف السودانية اول من امس لمدة ساعتين، غادر بعدها امس الى خارج اسمرا. وسألته "الحياة" قبيل مغادرته عن اللقاء فأكده، كما سألته عن سبب لقائه الوفد منفرداً، فقال انه كانت لديه "ارتباطات ميدانية" عجلت بهذا اللقاء وحالت دون حضوره اللقاء الموسع. وأضاف: "ليس في الامر ما يدعو الى الاجتهاد في التفسير فذلك امر عادي يخضع للظروف". ووصف العميد خالد اللقاء بأنه كان "حواراً مفتوحاً، إذ كان أعضاء الوفد يريدون معرفة وجهة نظرنا من بعض القضايا العامة". وأضاف ان النقاش شمل تقويماً عاماً للوضع في السودان والقضايا التي تداولته هيئة قيادة التجمع الوطني في اجتماعها الأخير، إضافة إلى قضايا اقليمية أهمها مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد. ونفى العميد خالد أن يكون الوفد وعد بأي شكل من أشكال الدعم، لكنه قال إنهم "أبدوا اهتماماً خاصاً بالوضع في المناطق المحررة". وأشارت المصادر إلى "الحياة" أن الوفد سيرفع تقريره إلى الرئيس كلينتون فور عودته إلى واشنطن بعد اكتمال مهمته. يذكر ان الوفد يضم كلاً من جون برندرغاست مدير شؤون افريقيا في مجلس الأمن القومي، وفنس كيرن مساعد الوزير لشؤون افريقيا في وزارة الدفاع، وفيليب مايكل جيري وهو مدير في إدارة شؤون افريقيا في وكالة المعونة الأميركية، وروبرت هوديك الذي عمل سفيراً لواشنطن في كمبالا وأديس أبابا وأسمرا التي غادرها العام قبل الماضي، ودون تيتلبوم القائم بأعمال السفارة الأميركية في الخرطوم، وجالي سميث وهي من المسؤولين في وكالة المعونة الأميركية.