ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يتجاوز 80 دولاراً    عبرت عن صدمتها.. حرائق كاليفورنيا تحطم قلب باريس هيلتون    «حرس الحدود» بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    الشيخ طلال خواجي يحتفل بزواج ابن أخيه النقيب عز    النادي الأدبي في جازان.. مؤسسة ثقافية تهدف إلى نشر الثقافة الأدبية والفنية وتعزيز الوعي الأدبي بين الأفراد    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُقدم مزايا جديدة للمستوردين والمصدرين    إنتر ميامي يُحدد موقفه من ضم نيمار    أنشيلوتي يبدي إعجابه بالجماهير.. ومدرب مايوركا يعترف: واجهنا فريقًا كبيرًا    جوزيف عون يرسم خارطة سياسية جديدة للبنان    حرس الحدود بجازان يحبط تهريب (160) كيلوجرامًا من نبات القات        خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    الكرملين: بوتين جاهز للتحاور مع ترمب بدون شروط مسبقة    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    أنشيلوتي معجب ب «جماهير الجوهرة» ويستعد لمواجهة برشلونة    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    صُنَّاع الفراغ !    «عباقرة التوحد»..    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    كُن مرشدَ نفسك    عام مليء بالإنجازات الرياضية والاستضافات التاريخية    الحمار في السياسة والرياضة؟!    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    ماذا بعد دورة الخليج؟    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    أسرار الجهاز الهضمي    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    مريم بن لادن تحقق انجازاً تاريخيا وتعبر سباحة من الخبر الى البحرين    «متطوعون» لحماية أحياء دمشق من السرقة    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    «الأوروبي» في 2025.. أمام تحديات وتوترات    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    لا تحرره عقداً فيؤذيك    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    الصدمة لدى الأطفال.. الأسباب والعلاج    كيف تكسبين زوجك؟!    أفضل الوجبات الصحية في 2025    ثنائية رونالدو وماني تقود النصر للفوز على الأخدود    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    من أنا ؟ سؤال مجرد    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    برشلونة يتأهّل لنهائي كأس السوبر الإسباني على حساب أتليتيك بلباو    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 29 نيسان ابريل 1918 : من السلط الى "المدينة": لورانس ينتصر معنوياً
نشر في الحياة يوم 29 - 04 - 1998

يوم التاسع والعشرين من نيسان ابريل 1918، كان يوم المدينة المنورة والسلط في الحرب التي كانت تتجابه فيها، في منطقة الشرق الأوسط، القوات الإنكليزية وحلفاؤها العرب من جهة والقوات التركية من جهة أخرى.
وكان ذلك اليوم ايضاً يوم لورانس الذي كان يقوم بعملية الربط بين الانكليز والعرب ويحاول، على حد تعبيره هو في كتابه الأشهر "اعمدة الحكمة السبعة"، أن يوفق بين العديد من الجنسيات والاثنيات التي كانت تتشكل منها قوات الحلفاء، في الوقت الذي كان يحاول فيه أن يدفع الإنكليز لكي يكونوا أكثر نزاهة مع العرب، و"القبائل العربية لكي تكون أكثر اهتماماً بالقتال، منها بتوزيع الغنائم على بعضها البعض"، حسبما قال هو نفسه.
من هنا كان لورانس في ذلك اليوم كثير المشاغل: من جهة كان عليه ان يتابع عملية محاصرة المدينة، ومن جهة ثانية أن يشرف على أول هجوم كبير شنه الانكليز وحلفاؤهم على مدينة السلط. وفي الوقت نفسه كان عليه ان يتحمل جزءاً من مسؤولية الخسائر التي أحاقت بالحلفاء بالغرب من مدينة عمان.
من هنا سيظل ذلك اليوم محفوراً، الى الأبد، في ذاكرة لورانس، بوصفه اليوم الذي تواكب فيه الأمل مع اليأس، وكشف للورانس كم أنه يعيش وسط خضم من التناقضات وضروب الاهمال التي قد يكون من شأنها ان تجعل العواقب وخيمة.
قبل ذلك بثلاثة أيام كان الجنرال داوني قد تراجع عن مهاجمة مواقع المدورة التي كانت شديدة التحصين من الناحية التركية. ولسوف يبرر داوني موقفه بأن البدو الذين ساعدوه على احتلال تل شهم "عادوا الى مخيماتهم بعد ان حصلوا على ما كانوا يأملون من غنائم". أما من تبقى من قوات بدوية فقد استعان داوني بها لتدمير مئات الكيلومترات من خط سكة حديدة معان/ المدورة.
وكان هذا في حد ذاته انتصاراً على الاتراك الذين اضحوا الآن، واعتباراً من يوم 29 نيسان، محاصرين كلياً في "المدينة". إذ ان القوات العربية البدوية وقفت بصلابة تحول بين الاتراك وبين اعادة اصلاح خطوط السكة، ما أوقع الحامية التركية في المدينة في فخ ما بعده فخ... ولم يعد أمامها الا ان تتراجع حتى معان، أو تستسلم. أما لورانس الذي كان في تلك اللحظة بالذات يخشى ان يقوم الأتراك بشن هجوم مضاد من ناحية الشمال لانقاذ حاميتهم المحاصرة، فقد تحرك نحو أبو اللسن لتدارك الأوضاع انطلاقاً من هناك الصورة "المدينة" تحت الحصار الانكليزي - العربي.
في اليوم نفسه، كانت المحاولة الإنكليزية الجديدة والضخمة لاحتلال مدينة السلط، لكنها سرعان ما تبدت محاولة فاشلة كل الفشل لأنها، كما سيروي لورانس لاحقاً وكما سيوافقه داوني على ذلك، كانت محاولة جرت من دون أي تخطيط، وفقط بالاعتماد على معلومات غير صحيحة.
هذا الهجوم الفاشل والمكلف شنه الجنرال الانكليزي لويس بويلز، من دون أن يعلم بذلك مسبقاً لا لورانس ولا الجنرال داوني. كان بويلز يعتقد ان احتلال السلط مسألة في منتهى السهولة، معتمداً في ذلك على ما قاله له زعيم قبائل صخر من أن بإمكانه ان يسانده بعشرين ألف مقاتل. ولسوف يقول لورانس لاحقاً ان زعيم هذه القبائل لم يكن قادراً على تعبئة أربعمئة مقاتل، فكيف حدث ان صدّقه بويلز حين حدثه عن عشرين ألفاً؟
مهما يكن، رسم بويلز خطته بسرعة وبشكل عفوي. ولخوفه من أن يعارضه داوني أو لورانس أو الاثنان معاً، لم يعلمهما بها معتقداً ان الانتصار الذي سيحققه بمؤازرة بني صخر سوف يجعله متفوقاً على الاثنين معاً. ولكن، في النهاية لم يكن مقاتلو بني صخر على الموعد، والقوات الإنكليزية لم تكن كافية، والخطة لم تكن محكمة، وهكذا انتهى الأمر بأن وجد الجنرال هنري شوفيل قائد الحملة تحت اشراف بويلز، نفسه وحيداً مع رجاله في مواجهة الأتراك المتمترسين بشكل جيد في المدينة وحولها.
وهكذا خيضت معركة غير متكافئة، معركة تولى الأتراك ومن كان يحالفهم من العرب، خلالها، قطع طريق التراجع على الإنكليز، مما اضطر هؤلاء الى الانسحاب عبر الوجهة الوحيدة التي كانت متاحة لهم في تلك اللحظة، وجهة نهر الأردن. وهكذا فشل الهجوم وظلت مدينة السلط في أيدي الأتراك.
أما الانكليز فقد فقدوا في تلك المعركة أكثر من 1600 مقاتل، وفي المقابل كان "المنتصر" الأكبر في المعركة لورانس، الذي أثبت هنا مرة أخرى أن لا شيء في تلك المنطقة من العالم يمكن ان يتم بنجاح من دونه.
وأما الأتراك فقد التقطوا أنفاسهم بعد ان استقر وضعهم في المدينة ولو الى حين، بعد أن تمكنو بصدّهم هجوم السلط من أن يربكوا القوات الإنكليزية ويثيروا بين قادتها خلافات حادة، وأن يضعضعوا ثقة هؤلاء بحلفائهم العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.