نشرت الحياة بتاريخ 30 آذار مارس 1998 مقالاً للسيد حازم صاغية بعنوان "دور الأيديولوجيا ومدى الحاجة اليها في عراق صدام حسين" على أساس انها مداخلة في ندوة أقيمت للكتاب والأدباء العراقيين في لندن. وعلى رغم ان المقالة أعدت سلفاً، الا انها كانت هشة وسطحية وبعيدة عن الواقع الى حد بعيد بسبب بعدها عن الحقائق التاريخية من جانب وجهل الكاتب في موضوع الأيديولوجيا - التي يمقتها أساساً - سواء كانت ماركسية أو نازية أو قومية أو أية أيديولوجية أخرى. جاءت المقالة خالية من التحليل العلمي لطبيعة النظامين السياسيين السوفياتي والنازي، وربما لم يقرأ الكاتب مصادرهما الأساسية للسبب المذكور آنفاً. لذلك جاءت المقالة مرتبكة وتتكلم عن قفزات تاريخية لعشرات أو مئات السنين من دون ان يتكلم عن العنوان الذي اختاره بشكل محدد ودقيق وهادف. وهو "الأيديولوجيا ودورها" أو يتطرق بالوقائع والتحليل كما يجب عن "عراق صدام حسين" كما هو قائم وموجود. ويستطرد صاغية فيقول "فصدام يشبه في طاغوتيته مستبدين شرقيين كعبدالناصر، لجهة الانفعال عن المجتمع ومراتبه، ولجهة حكمة من خارجه لمجرد الاستيلاء على ادوات العنف...". فالسيد صاغية يريد أن يزيّف التاريخ الذي عاصرناه وعشنا فصوله. فالذين عاصروا عبدالناصر لا زالوا احياء وشاهدوا أفعال عبدالناصر ونظام حكمه وسياساته القومية والوطنية. فعبدالناصر لم يكن مستبداً في شعبه كصدام حسين حيث لا وجود للمقارنة بين الشخصين على الاطلاق. كما ان عبدالناصر لم يكن منفصلاً عن المجتمع. وعمل من اجل الفقراء من العمال والفلاحين وقضى على مجتمع النصف في المئة، وهي فئة محدودة وضعت مصر تحت الهيمنة والتبعية للاستعمار البريطاني قبل ثورة 23 تموز يوليو عام 1952. ولو كان عبدالناصر منفصلاً عن شعبه لما خرج مئات الآلاف من الشعب السوري لاستقبال عبدالناصر في كل المحافظات في عهد الوحدة. ولما زحف عشرات الآلاف من شعب لبنان الشقيق الى سورية عبر الحدود لاستقبال عبدالناصر في دمشق، ولما خرجت الملايين من ابناء الشعب المصري تطالب عبدالناصر بالعدول عن استقالته بعد نكسة حزيران، ولما خرجت ايضاً الملايين من الشعب المصري تشيع عبدالناصر في موقف مهيب يوم رحيله. لقد نشطت في الفترة الأخيرة بعض الأقلام في الهجوم على عبدالناصر بمناسبة وغير مناسبة وهي ظاهرة لها دلالاتها، وهو القضاء على هذا الرمز التاريخي المعادي للصهيونية والاستعمار وقوى التخلف، في أعين الجماهير الى الحد باتهامه بالتفاوض مع اسرائيل، كما ورد في برنامج تلفزيون BBC حول الحروب العربية - الاسرائيلية.