قالت مصادر لبنانية رسمية ل"الحياة" ان التحرك اللبناني الديبلوماسي في اتجاه عدد من العواصم العربية الذي اتفق عليه في اطار ورقة العمل المشتركة اللبنانية - السورية اول من امس الخميس في الاجتماع التنسيقي في دمشق، يفترض ان يؤدي الى هدف مزدوج هو توضيح الموقف اللبناني - السوري المشترك من الطرح الاسرائيلي الذي يشترط ضمانات وترتيبات امنية يتم التفاوض عليها والرد على هذا الطرح من جهة، واستكشاف مدى الاستعداد الجدي لدى الدول المعنية، من اجل اغتنام فرصة الاعلان الاسرائىلي عن نية الانسحاب من الجنوب والبقاع الغربي لإحياء مفاوضات السلام، كي يأتي تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 في هذا الاطار، من جهة ثانية. وقالت المصادر نفسها ل"الحياة" ان ورقة العمل المشتركة اللبنانية - السورية التي تضمنت خطة التحرك في اتجاه الدول المعنية بتنفيذ القرار 425 وبعملية السلام، خلال اجتماعات نائب الرئىس السوري عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع ورئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري ووزير الخارجية فارس بويز، توخت هذا الهدف المزدوج نظراً الى ان الجانبين اللبناني والسوري توصلا الى تقويم اولي مشترك ينطلق من الحذر حيال الموقف الدولي من التحركات الاسرائيلية وجدية نيات تل أبيب. واضافت المصادر "ان لبنان بناء عليه سيبقى على تشدده في مواجهة الطروحات الاسرائيلية، ويرفض الشروط التي تتضمنها من ترتيبات وضمانات ومفاوضات. وهذا التشدد يخدم المصلحة اللبنانية والسورية في اتجاهين: - الاتجاه الاول: اذا كانت اسرائيل تناور في طرح مسألة الانسحاب من لبنان وترمي هذه المناورة في وجه الدول المعنية بعملية السلام من اجل الهرب من الضغوط التي تتعرض لها لتليين موقفها على المسار الفلسطيني، فان من حق الجانب اللبناني ومعه السوري، ان يواجه هذه المناورة بثباته على موقفه المبدئي الرافض للإنجرار وراء اي طرح اسرائىلي يراد منه استخدام لبنان للهرب الاسرائيلي من التزامات عملية السلام، لا الانسحاب من لبنان. ان اسرائىل، اذا كانت تناور في طرحها، من اجل تخدير الرأي العام الاسرائيلي الذي بات تيار واسع منه مناهضاً لبقاء جيشها في لبنان بفعل تعرضه لمزيد من الخسائر نتيجة ضربات المقاومة، فان من حق لبنان ان يبقى حذراً ويبقى على سقف الموقف الذي يعلنه اركان الحكم برفض المفهوم الاسرائىلي للقرار 425. - الاتجاه الثاني: استكشاف مدى جدية الاستعداد الاسرائيلي للانسحاب، فإذا كان الضغط الاسرائيلي الداخلي على حكومة بنيامين نتانياهو مصدر جدية النيات الاسرائيلية التي يؤكدها الجانبان الاميركي والفرنسي والامين العام للامم المتحدة كوفي أنان، فإن هذه الجدية مناسبة هي ايضاً لمعرفة مدى امكان تطوير هذه الفرصة نحو الحل الشامل. وفي هذا المجال ترى المصادر الرسمية ان ثبات الموقف المبدئي اللبناني يجب ان يؤدي بالجدية الاسرائيلية المفترضة الى نوع من المرونة من جانب القادة الاسرائيليين، حيال امكان استئناف مفاوضات السلام على المسارين السوري اولاً ثم اللبناني. وترى المصادر في هذا المجال ان الجانب السوري لن يقبل بأقل من استئناف المفاوضات من النقطة التي انتهت اليها في واي بلانتيشن. واذا ظهرت مرونة اسرائيلية حيال مبدأ الانسحاب الاسرائيلي حتى حدود الرابع من حزيران يونيو 67، فلا بد للدول المعنية والولايات المتحدة الاميركية من ان تجد صيغة ما لاستئناف التفاوض بين اسرائيل وسورية تضمن للاخيرة في شكل من الاشكال اصرارها على الانسحاب الكامل من الجولان. والصيغة هذه تتوقف على مدى حماسة واشنطن لإنتاجها، وعلى التجاوب الاسرائيلي الحقيقي في مقابل بعض الليونة السورية في الشكل لا في المضمون.