"أهلاً بأبي سعيد. كيف الاولاد؟ ربطتا خبز كالعادة؟" لا شك ان السعادة تغمرك عندما تشعر ان تجار الحي مثل الفران والسمان والخضري يعرفونك ويعرفون عاداتك اليومية مما يؤكد انك جزء من مجتمع يشكل مرجعاً لك كلما شعرت بالوحدة او الغربة. الا ان الاستقبال نفسه من موقع على نسيج العنكبوت سوف يخلق لك شعوراً بالانزعاج لا يمكن مقاومته. فعلى عكس تجار الحي تتمكن شبكة انترنت من تجميع المعلومات عن امورك الخاصة من وراء ظهرك. فلا تكتفي الشبكة بمعرفة اسمك بل تجمع المعلومات عن ذوقك وعاداتك. وتشكل امكانات الشبكة الهائلة لتخزين المعلومات وتحليلها نعمة لكل من يريد تجميع المعلومات حول المستخدم ولا سيما مسؤولي التسويق المباشر. وبالطبع لم تصل الشبكة بعد الى مرتبة الاخ الاكبر في رواية اورويل ولكن هناك العديد من المواقع عليها يمكنها مراقبة ما يفعله الزائر وما هي خصائصه. فما هي المعلومات التي يتم تسجيلها عند موفر الوصول الى الشبكة وعند مواقع العنكبوت التي نزورها؟ وكيف تصل الاعلانات المباشرة الى علبة بريدك؟ وما معنى الامان على الشبكة؟ موفر الوصول يعرف كل شيء يشكل موفر الوصول الى الشبكة ISP الوسيلة الاضطرارية للدخول الى نسيج العنكبوت العالمي والاستفادة من البريد الالكتروني. ويمكن لهذا الموفر ان يعرف كل شيء عن المشتركين لديه. فعدا عن المعلومات التي يطلبها قبل الاشتراك يمكنه الاطلاع على تاريخ التجوال على النسيج والمواقع التي زارها المشترك لديه وتواريخ هذه الزيارات واوقاتها والفترات التي استغرقتها. فعند اتصال جهاز مودم المشترك بجهاز الخدمة لدى الموفر يحصل المشترك مقابل اسمه وكلمة مروره على رقم بروتوكول انترنت IP مثل 195.40.50.246 يكون نوع من التعريف به في الشبكة. ونظرياً يشكل هذا الرقم المرجع الوحيد الذي يدل على المستخدم داخل الشبكة. وغالباً ما يتغير هذا الرقم لدى كل اتصال جديد بالشبكة فيعرف حينها بالبروتوكول الديناميكي، ويعني ذلك ان موفر الوصول هو الجهة الوحيدة التي تحتفظ بمعلومات كاملة عن تاريخ تجوال المستخدم داخل الشبكة. اما في ما يتعلق بالبريد الالكتروني، فيمكن للموفر ان يطلع على كل الرسائل التي يرسلها المشترك لديه او يتلقاها وذلك دون عناء لأنها مخزنة في جهاز خدمة البريد لديه الذي يقوم بتخزين هذه الرسائل قبل تسليمها. ورغم سهولة الاطلاع على الرسائل يمتنع معظم موفري الوصول عن قراءة بريد المشتركين اذ يشبهون انفسهم بساعي البريد الذي يمكنه فتح الرسائل المسؤول عنها ولكنه لا يفعل. مواقع تعرفك لدى وصولك الى موقع ما على نسيج العنكبوت يحصل جهاز خدمة هذا الموقع على معلومات عنك مثل رقم بروتوكول انترنت الخاص بك والبلد المقيم فيه ونوع برنامج التصفح ورقم اصداره ونوع نظام التشغيل وحتى عنوان الموقع التي كنت فيه قبل الانتقال الى الموقع الحالي. وتشكل هذه المعلومات بطاقة هوية حقيقية للزائر يقوم برنامج التصفح لديه بتقديمها الى جهاز خدمة الموقع. وتستخدم مثلاً المعلومات حول بلد الاقامة لعرض اعلانات بلغة هذا البلد على الموقع. اما التعرف على نوع برنامج التصفح فتفيد في ارسال صفحات مصممة خصيصاً له لا سيما وان الفوارق تتسع بين هذه البرامج. وبالطبع هناك الكعكة التي تكلمنا عنها في مقال سابق وهي ملف نص صغير يقوم خادم الموقع بتخزينه في قرص الزائر ويحتوي على معلومات حول تاريخ زيارة الموقع والتجوال بين صفحاته وغير ذلك. وتستخدم الكعكة لتنسيق الموقع بشكل يتوافق وذوق الزائر لدى الزيارة التالية. وقد تسهل الكعكة عملية تخصيص المواقع حسب اذواق الزائرين الا انه مجرد الشعور بأن الموقع يقوم بكتابة ملف على قرصنا او حذفة يجعلنا نتردد في الدخول في هذه اللعبة لأننا لا نسيطر عليها تتيح برامج التصفح امكان رفض الكعكات. وقد يكون العزاء الوحيد للذين يتلقون الكعكات هو انها لا تحمل معها اي فايروس يمكنه القضاء على القرص. وهناك ايضاً بعض المواقع التي تخزن على خادمها ملفات بيانية تحصي تجوال كل زائر بالتفصيل. ولا شك ان هذه الملفات تشكل سلاحاً تسويقياً ماضياً. فكانت الشركات التي اشتركت في تجربة "التصفح والتسوق" Surf And Buy وهي مركز تسويق الكتروني انشأته اي.بي.ام.، تعرف دائماً الى اية صفحة في الموقع وصل الزائر اضافة الى تفاصيل كل زياراته السابقة. وسوف تستخدم هذه الكمية الهائلة من المعلومات لتصميم النسخة التالية من مركز التسوق هذا. أخيراً ان اسهل طريقة لأي موقع للحصول على معلومات عنك هي بسؤالك مباشرة. فكر بذلك في المرة المقبلة عندما تقوم بملء الاستمارات التي تعرضها بعض المواقع عليك. وإذا اردت الاطلاع على كل ما يكتشفه عنك الموقع الذي تدخل عليه قم بزيارة موقع الهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات في فرنسا على العنوان www.cnil.fr الذي يعرض بالامثلة الحية كل التعديات على الحياة الخاصة التي يمكن ان تحصل على الشبكة. البيع الالكتروني يراقب تنتشر ظاهرة الشراء المباشر عبر انترنت بشكل سريع فيأتي الزائر الى الموقع ويتصفح لوائح المنتجات المعروضة ويؤشر على السلع التي يريدها. وعندما يصل الى صفحة الفاتورة يجد ان كل المنتجات التي اختارها اضيفت الى فاتورته مع اسعارها والسعر الاجمالي لطلبيته. فيقوم بإدخال رقم بطاقة ائتمانه وتنتهي الصفقة. ولكن المشكلة في انترنت هي ان البيانات تتنقل عبرها بوضوح ويمكن لأي كان مشاهدة رقم البطاقة لذا توفر مواقع البيع المباشر وسائل السفقات الامينة التي تعرض مربع حوار ينبه بأن وضعية الاتصال تغيرت. فيظهر رمز خاص في برنامج التصفح يدل على ذلك وقد يكون رمز مفتاح او قفل او اطار ازرق حسب البرنامج ويتحول عنوان الصفحة النشطة ليبدأ بحروف https بدلاً من http. ولكن ماذا تعني الصفقة الامينة؟ ففي هذه الوضعية تكون كل عناصر صفحة العنكبوت النصوص والصور وغيرها مشفّرة encrypted بواسطة مفتاح شيفرة حجم 40 بت. ولا يكفي هذا الحجم ليشكل عائقاً امام القراصنة المتمرسين الذين اثبتوا سهولة فك هذه المفاتيح. لذلك يتم استخدام مفاتيح بأحجام قد تبلغ مئات البتات ولكن يقتصر استخدامها على حقل الفاتورة الذي يحتوي رقم بطاقة الائتمان وحسب. وتتكفل انظمة التشفير بمنع تنقل المفاتيح بشكل عشوائي على الشبكة. ولكن اهم مشكلة في هذه السفقات هي انه على عكس السفقات العادية لا يسلم جهاز خدمة الموقع أي وصل الى المشتري عند اتمام الصفقة. الخنزرة تحتل تكلمنا عن "الخنزرة" spaming في موضوع سابق وهي باختصار ممارسة من بعض شركات التسويق المباشر التي تهجم على علب بريد آلاف المستخدمين بإعلانات وعروض ابرز ما تتمتع به هو قلة الذوق. وتتخصص هذه الشركات بتجميع اكبر عدد ممكن من عناوين البريد لإغراقها بعروض "مدهشة" و"فرص لا تفوت". واسهل الطرق للحصول على هذه العناوين هو شراء ملفات مكونة من استمارات قام المستخدمون انفسهم بملئها! كما يمكنهم استغلال عناوين وصلت اليهم عن طريق الاعلانات التي تظهر على صفحات العنكبوت والتي تقول للزائر "انقر هنا". وتتطفل بعض شركات التسويق على حلقات النقاش لحصاد عناوين المشاركين. ولا تحتاج هذه الشركات لقراءة كل المساهمات في هذه الحلقات اذ تستخدم برامج آلية تمسح الرسائل وتغربل العناوين في لحظات. وتصتاد هذه الشركات عصفورين بحجر واحد اذ انها لا تكتفي بالحصول على عناوين المساهمين في حلقات النقاش بل تحصل ايضاً على معلومات حول اهتماماتهم مما يساعدها في التسويق. درهم وقاية اظهرت دراسة عرضها موقع محرك البحث لايكوس ان 86 في المئة من مستخدمي انترنت يتوجسون من مسائل الامان والتعدي على الحياة الخاصة مقابل 30 في المئة فقط يعبرون عن المشاعر نفسها حول المواقع الخلاعية. فإذا كنت اقرب الى النسبة الاولى، هنا بعض النصائح الوقائية التي قد تحافظ على حياتك الشخصية. - التخلص من الكعكات: يكفي حذف ملفاتها. ويقوم نافيغيتر بحفظها في ملف واحد هو cookies.txt في ويندوز وmagic cookie في ماكنتوش. اما انترنت اكسبلورر فيحفظها واحدة واحدة في مجلد اسمه cookies في ويندوز وماكنتوش. ويجب الانتباه الى ان بعض الكعكات لا تظهر على القرص الا عند انهاء برنامج التصفح. وتأتي الاصدارات الحديثة من نافيغيتر واكسبلورر بوظائف تتيح رفض الكعكات وتكون عادة في تفضيلات البرنامج. - حذف العنوان الالكتروني: يقوم برنامج التصفح بحفظ عنوان المستخدم الالكتروني بين تفضيلاته. واذا قمنا بحذف هذا العنوان لا يتمكن خادم الموقع الذي نزوره من العثور عليه. ولكن في المقابل يصبح من المتعذر النقر على رابط بريد من نوع "انقر هنا للكتابة الينا" في صفحات العنكبوت. - ملء الاستمارات: لتجنب الوقوع في فخ ملفات العناوين التي تباع الى شركات التسويق المباشر، يكفي ادخال عنوان الكتروني وهمي في الاستمارة لدى ملئها. - مقاومة الخنزرة: هناك العديد من البرامج المتخصصة في صيد رسائل الخنزرة وتصفيتها قبل وصولها الى علبة بريد المستخدم اي مباشرة من خادم البريد. ويتم ذلك بفضل قاعدة بيانات في البرنامج تحتوي على اشهر المخنزرين. ويمكن التعرف سريعاً على هذه البرامج إذ أن اسماءها توحي بوظيفتها مثل "قاتل الخنزرة" و"مبيد الخنزرة" وغير ذلك من الاسماء الحربية. - التصفح المغفل: افضل طريقة للتجول في الشبكة بشكل خفي anonymous هي استخدام الجهاز الوكيل proxy اذا وجد لدى موفر الوصول. ويؤدي ذلك الى حجب رقم بروتوكول انترنت الخاص بالمتجول عن اجهزة خدمة المواقع التي يزورها اذ يظهر لها رقم بروتوكول الجهاز الوكيل فقط. وإذا لا يتوافر جهاز وكيل لدى موفر الوصول فيمكن الذهاب الى مواقع مخصصة في التجول الخفي وقد يكون اشهرها www.anonymizer.com الذي يلعب دور الحجاب بين المتجول والمواقع التي يزورها وذلك بإعطائها رقم بروتوكول وهمي. كما يتيح هذا الموقع ارسال بريد الكتروني يظهر فيه اسم وعنوان وهميان. - تجنب التوثيق: هناك بعض المواقع التي تتخصص في توثيق المساهمات في حلقات النقاش مثل موقع www.dejanews.com. واذا اردت عدم الظهور في هذا التوثيق يمكنك اما حذف كل مساهماتك من الارشيف بالذهاب الى www.dejanews.com/forms/nuke.shtml او بإدخال عبارة x-noarchives:yes في اول سطر من مساهمتك قبل ارسالها الى حلقة النقاش. - بعد تطبيق هذه الاساليب الوقائية، اذا كنت لا تزال متوجساً من اقتحام قرصك الثابت يمكنك استخدام قرص ثابت اضافي يحتوي فقط على نظام التشغيل وبرنامج التصفح والغاء تحميل القرص الاصلي في فترات تجوالك على الشبكة.