"دمعة وابتسامة" كلمتان معبّرتان تلخصان واقع حال المرحلة ال23 من بطولة الدوري اللبنانية لكرة القدم، وانعكاساتها على وضع الفرق، خصوصاً المتصارعة للنجاة من الهبوط الى الدرجة الثانية، مع ما يرافق ذلك من تدابير احتياطية ومسايرات من ضمن سيناريو النجاة. الدمعة ترقرقت على خد الراسينغ ومناصريه. فالفريق العريق، حامل لقب البطولة الأعوام 1956 و1965 و1970، والذي عرف ب"سفير كرة القدم اللبنانية" و"القلعة البيضاء"، ترنّح وعاش حالة نزاع الى أن دخل مرحلة ارتشاف البقايا المريرة لكأس الهبوط للمرة الأولى في تاريخه، حين خسر أمام التضامن صور 1-2 على ملعب صيدا، فبقي في المركز ال13 ما قبل الأخير برصيد 20، وبات عملياً في مصاف الدرجة الثانية مثله مثل الرياضة والأدب متذيل الترتيب ب17 نقطة. وكان الراسينغ تخطى هوة الدرجة الثانية في الموسم الماضي في اللحظة الأخيرة على حساب السلام زغرتا في المباراة التي جمعتهما على ملعب طرابلس. والواقع ان فرصاً بالجملة سنحت أمام الراسينغ من خلال سيطرة على مجمل مجريات الشوط الأول وانعدام الفاعلية الهجومية للتضامن، لكن لاعبيه أمعنوا في اهدارها ومن بينها أربع انفرادات سهلة. تقدم التضامن في الدقيقة ال41 عندما نفذ رضا عنتر ركلة حرة رفعها داخل منطقة الراسينغ، فارتدت من الدفاع وتابعها إبراهيم مناصري في الشباك البيضاء الى يمين الحارس علي حدرج... وأدرك الراسينغ التعادل بعد دقيقتين من ركلة جزاء للعراقي حمزة هادي، اثر مخاشنة دفاع التضامن لايلي بدر داخل المنطقة. غير ان بدر عينه اعاق مهاجم التضامن هيثم زين في أواخر الشوط الثاني، والنتيجة ركلة جزاء جديدة سجل منها زين هدف الفوز لفريقه، الذي عزز مركزه الثالث وبات رصيده 39 نقطة. وتعملق الأنصار أمام الصفاء الخامس 31 نقطة على ملعب طرابلس، فابتسم هانئاً بعدما حوّل تخلفه صفر-2 الى فوز 4-3، ليتوّج بطلاً للمرة العاشرة على التوالي، وكان أولها في نهاية موسم 1987-1988 علماً أن بطولة موسم 1988- 1989 لم تقم. خاض الفريقان احدى اجمل مباريات البطولة، وكانت واحدة من اللقاءات القليلة التي أعادت الحماسة الى الملاعب، وشهدت اهتزازاً متكرراً للشباك. فاجأ الصفاء الأنصار بهدف في الشوط الأول سجله وليد دحروج في الدقيقة ال40، وأضاف النيجيري عثمان صالح هدف التعزيز من ركلة جزاء في الدقيقة ال60. ورد الأنصار عن طريق كيفورك قره بيتيان بعد دقائق قليلة، وعادل العراقي ليث حسن 2-2 في الدقيقة ال75. وعاود الصفاء التقدم في الدقيقة ال80 أثر ركلة جزاء، سجلها عثمان صالح أيضاً، وعادل الأنصار مجدداً بعد دقيقة واحدة عن طريق محمد موسى... ثم حسم مالك حسون الموقف في الدقيقة ال87 4-3 ليبلغ رصيد الأنصار 63 نقطة في الصدارة ويحتفل باكراً بالتاج الجديد، وبالنجمة التي سيضعها لاعبوه على قمصانهم في الموسم المقبل - على الطريقة الإيطالية اشارة الى القاب الدوري العشرة. وكان الأنصار غُرّم بمبلغ 3 ملايين ليرة "لما بدر من مشجعيه من سلوك شائن تجاه الحكام" ولا سيما حكم التماس مصطفى طالب في المباراة السابقة أمام البرج، كما أوقف لاعب وسطه سليم حمزة مدى شهر لضربه لاعب البرج غسان شويخ. ولم تكن مباراة الأنصار والصفاء وحدها غنية بالاهداف، فقد استمتع الاخاء الأهلي وللمرة الأولى منذ أسابيع بالفوز، وجاء سخياً على حساب الرياضة والأدب، حيث دك سلمان عبدالخالق الذي نزل الميدان في الشوط الثاني، المرمى الطرابلسي أربع مرات وتسبب لفريقه بالهدف الخامسة 5-صفر، والذي سجله ناصر عادل من ركلة جزاء. وأشعل البرج الصراع لتفادي بطاقة الهبوط الثالثة، والتي تدور في فلكها حالياً سبعة فرق، بعدما حقق مبتغاه وبوفرة أمام النجمة الثاني 48 نقطة، ففاز عليه 3-صفر، على ملعب جمال عبدالناصر في بلدة الخيارة البقاعية. سجل اهداف البرج باسل حديد في الدقيقة ال13، وغسان شويخ في الدقيقة ال63، وعلي رحال في الدقيقة ال87. وبذلك جاء اليوم الأخير من المرحلة ال23 ممتعاً على عكس لقاءات افتتاحه، التي كانت بلا روح، وفيها تعادل الحكمة والهومنمن الرابع 32 نقطة من دون أهداف، ومثلهما فعل شباب الساحل والعهد. وقد أدرك العهد طموح الساحليين لجني النقاط الثلاث، فنهج مبدأ السلامة من خلال تشتيت الكرات وإفشال الهجمات على حساب العرض الفني، واقتنع بأن نقطة واحدة ولو انها لا تشفي الغليل وتنجّي من الخطر، أفضل من السقوط في هزيمة مباغتة. أما فريق الأهلي صيدا فقفز الى المركز السادس 28 نقطة بفوزه على الهومنتمن 2-1. بعدما تقدم 2-صفر بهدفين لخالد بديع في الدقيقة ال44 وموسى ديوب في الدقيقة ال79. وقلّص حاجي قدير الفارق للهومنتمن في الدقيقة ال86. لكن وضع الفريق الصيداوي لا يبدو مريحاً تماماً، لأنه لا يزال متشبثاً بأهداب قافلة النجاة مع العهد 27 نقطة والإخاء الأهلي 27 والهومنتمن 26 والحكمة 26، والبرج 25 وشباب الساحل 24.