تجددت صباح امس حركة الاحتجاج والعصيان التي قام بها نحو 1700 سجين محكومين وموقوفين في سجن رومية قرب بيروت. فبينما كانت احدى فرق الصيانة التابعة لقوى الامن الداخلي تصلح الاعطال الحاصلة في ابواب الزنزانات التي حطمها السجناء في سجن الموقوفين، احتجزها موقوفون. لكن وحدات من قوى الامن الداخلي اقتحمت الجناح، بعدما كان الموقوفون سيطروا على المبنى، ما أدى الى سقوط عشرة جرحى من السجناء وتحرير المعتقلين. وروى مصدر أمني ل"الحياة" ما حصل، فقال ان "قوة من رجال الامن اثناء اقتحامها مبنى السجن فوجئت بنحو مئة وخمسين موقوفاً يحملون ادوات حادة، فاضطرت الى مواجهتهم بالقنابل المسيّلة للدموع، ولكن عدد المشاغبين تضاعف، فاضطرت القوة الامنية الى اطلاق النار فأصيب عشرة مساجين نُقل اربعة منهم الى مستشفى ضهر الباشق الحكومي، ونحو 50 سجيناً الى سجون في مناطق اخرى". وأصدرت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي البيان الآتي: "نحو الحادية عشرة ظهراً واثناء قيام ورشة الصيانة التابعة لقوى الامن الداخلي بتصليح الاعطال الحاصلة في ابواب الاجنحة في سجن رومية - مبنى الموقوفين، اعترضتهم مجموعة من السجناء بهدف اعادة اثارة الشغب والفوضى وتمكنت من احتجاز عناصر الصيانة وحاولت التقدم في اتجاه المدخل الرئيسي للسجن بهدف الوصول الى مدخل السجن الخارجي، محاولة بذلك الفرار. فاضطرت قوة الحراسة الى التصدي لهم وانقاذ المحتجزين باقتحام اماكن وجودهم والسيطرة على الوضع وتوقيف نحو 20 شخصاً من المحرضين والمشاغبين. ونتج عن ذلك اصابة خمسة سجناء وبعض العسكريين بجروح بسيطة. واثر ذلك تمكنت قوى الامن من السيطرة على مبنى السجن كلياً وعاد الهدوء واستأنفت ورش الصيانة عملها". وزير الداخلية وقال وزير الداخلية ميشال المر ل"الحياة" ان القوى الامنية المولجة ادارة سجن رومية "تمكنت من السيطرة على الموقف وان الوضع الامني مستتب ولم تعد هناك مشكلة، ونحن من جهتنا سنواصل اعادة ترميم ما خلفته الاحداث داخل السجن". ونفى ان تكون الاحداث في السجن تجددت. وروى ما حصل. فقال "ان عدداً من السجناء احتجزوا ثلاثة عمال من قسم الصيانة كانوا يصلحون نوافذ ويطلون جدراناً ويزوّدون الزنزانات ما تحتاج اليه من فرش وأسرّة. ودام الاحتجاز نحو ساعتين، وتمّ تحريرهم بعدما أنذرت قوى الامن، التي استعانت بعناصر من فرقة مكافحة الشغب، السجناء، وبعدما أطلقت النار في الهواء لتفريقهم". وتابع "لم تحصل صدامات بين قوى الامن والمساجين الذين عمد بعضهم الى تكرار ما حصل اول من امس بضرب رؤوسهم بالجدران وببوابات الحديد، ما أدى الى اصابتهم بجروح، فاضطرت القوى الامنية الى نقل ثلاثة منهم الى المستشفى وضمّدت جروحهم". ونفى ما أشيع ان بعض المساجين احتجزوا عناصر من قوى الأمن. وقال "ان الاحتجاز استهدف عمالاً في قسم الصيانة"، مؤكداً "تجاوب المساجين مع مهمة عمال الصيانة". وأشار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود الى "احقية بعض مطالب السجناء باستثناء العفو العام الذي يحتاج اصداره الى قانون من المجلس النيابي". واعتبر ان "الحديث عن نقص في عدد القضاة غير صحيح وهو موضع متاجرة بهدف تعيين قضاة من خارج الملاك". أهالي المساجين وخارج السجن تجمع مئات من أهالي المساجين الذين حضروا للاطمئنان الى ابنائهم عند مدخله، لكن قوى الأمن الداخلي منعتهم من الدخول، فصرخوا احتجاجاً على ذلك، معتبرين ان عدم ادخالهم يعني ان ابناءهم تعرّضوا لمكروه. واحتدت عند ساعات الظهر المواجهة بين الاهالي وحراس المدخل خصوصاً عندما سمعوا اصوات طلقات نارية تدوي في حرم السجن، ووقفت عشرات من امهات المساجين وزوجاتهم، في محاولة لقطع الطريق احتجاجاً، لكن القوى الامنية عادت وفرّقتهن. وكانت اصوات الاهالي ترتفع عند كل خروج لسيارة اسعاف او اطفاء من داخل السجن، ولوحظ خروج سيارات لنقل السجناء واستقدام فرق مخصصة لمكافحة الشغب. حقوق الانسان وصدر امس بيان مشترك لمؤسستي حقوق الانسان والحق الانساني في لبنان، وحقوق الانسان الجديدة اعتبرتا فيه ان "تمرد الموقوفين في سجن رومية ولائحة المطالب التي اعلنوها عادت لتذكّر الرأي العام بما كنا نثيره تكراراً عن اوضاع السجون في لبنان والمعاملة اللاانسانية التي يلقاها السجناء في مختلف أماكن توقيفهم. فالاكتظاظ وتفشي الامراض وسوء المعاملة ليست المشكلات الوحيدة التي تعمّ السجون، فالاعتداءات الجسدية وتعاطي المخدرات وتسهيل الدعارة ونقص التغذية وعدم الفصل بين المساجين نسبة لاعمارهم ومدة محكوميتهم وخطورة جرمهم، امور شائعة نسجلها يومياً وباتت تتردد اخبارها في وسائل الاعلام وجاءت على ذكرها تفصيلاً توصيات لجنة الاممالمتحدة لحقوق الانسان في نيسان ابريل 1997". واعلنتا تبني مطالب السجناء، مؤكدتين "وجوب نقل ادارة السجون من وزارة الداخلية الى وزارة العدل وضرورة اتخاذ الاجراءات العقابية الصارمة في حق مرتكبي التجاوزات واعمال التعذيب ضد السجناء، وعدم الاكتفاء بالتعقبات التأديبية والمسلكية، وحثّ الحكومة اللبنانية على توقيع معاهدة مناهضة التعذيب من دون تأخير لان انضمام لبنان اليها يتيح فرصة فعلية للكشف على السجون والتدقيق في ظروف التوقيف والمعاملة التي يلقاها السجناء".