قال الملك الحسن الثاني ان سياسة اسرائيل الراهنة "بدل ان تخدم المصالح الحقيقية للشعب الاسرائيلي، فإنها لا تعمل الا على التأخير المنذر بالمخاطر"، وأضاف في خطاب وجهه الى الشعب المغربي أمس لمناسبة عيد الجلوس، "ان منطقة الشرق الأوسط لا تزال للأسف الشديد تشهد انهيار الأمل الذي انبثق من اتفاقات أوسلو، بفعل اصرار الحكومة الاسرائيلية على التنكر لكل ما اخذته على نفسها من التزامات وتماديها في غطرسة من شأنها تعريض مواطنيها وكل شعوب المنطقة لتوترات خطيرة"، وأوضح ان المرونة التي أبدتها السلطة الوطنية الفلسطينية، كذلك المساعي التي بذلتها الولاياتالمتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، لم تنل من سياسة التعنت التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية. ورأى ان "التشبث بالشرعية الدولية سينتهي آجلاً أو عاجلاً الى فرض نفسه على ضمائر كل المنتخبين". وتحدث الحسن الثاني عن تطورات نزاع الصحراء الغربية فشدد على حرص المغرب على "ان لا يحرم أي واحد من ابنائنا وبناتنا المتحدرين من المحافظات الجنوبية المتوافر فيهم أحد معايير تحديد الهوية التي أقرتها الأممالمتحدة من حقه المشروع في التسجيل في قوائم الاحصاء". وقال، في اشارة الى تحديد الهوية، ان اطار مدونة السلوك الخاص بالعمليات الجارية، يلزم جميع الأطراف عدم افتعال أي عراقيل من شأنها ان تحول دون الأعمال النزيهة لتلك المعايير". مضيفاً ان التزام بلاده الشرعية الدولية "هو الذي جعلنا نقبل اجراء استفتاء تأكيدي في محافظاتنا الجنوبية لانهاء مشكل مفتعل هدفه الحؤول دون استكمال المغرب وحدته الترابية". وأعرب عن أمله بعودة الرعايا المبعدين قسراً الى الوطن، في اشارة الى أوضاع اللاجئين الصحراويين الذين تؤويهم مخيمات تيندوف والمناطق الشمالية لموريتانيا. على الصعيد الداخلي تحدث الملك الحسن الثاني عن دلالات تكريس خطة التناوب التي تعني انتقال المعارضة الى تحمل المسؤولية الحكومية، وقال "قمنا بوحي من ضميرنا وما وصلنا اليه من يقين، ووفق ما يخوله ايانا الدستور باختيار رئيس للوزراء ليباشر تشكيل الحكومة الجديدة تجسيداً لرغبتنا في تحقيق التناوب السياسي الذي من شأنه ان يكون عنصراً مهماً في تجديد الصرح الديموقراطي" ما يعني حسب أكثر من مراقب ان تعيين عبدالرحمن اليوسفي أملته ارادة العاهل المغربي، ولم يخضع لحسابات الغالبية والأقلية، على اعتبار ان الاتحاد الاشتراكي وان حاز المرتبة الأولى في مقاعد مجلس النواب، فإنه لا يمتلك غالبية نيابية، الا في سياق تحالف سياسي. ورأى الحسن الثاني ان دور الأحزاب السياسية يكمن في تأهيل الرعايا لممارسة الحياة الديموقراطية في اتجاه يعزز الاستقرار الاجتماعي والأصالة، "ومن ثم يتعين ان تترك الديماغوجية المكان للبيداغوجية لأن ذلك هو المسعى اللائق بالنخب المغربية"، وعرض الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي المرتقب فقال: "اننا عازمون على التصدي لكل عوامل الاختلال التي تقف حجر عثرة في سبيل تقدم المجتمع المغربي، واننا مصممون على اصلاح الادارة وتقويمها واصلاح الجهاز القضائي الذي يجب ان يكون قادراً على مسايرة التحولات الجارية، ومتشبثاً بقيم النزاهة والاستقلال المضمونة دستورياً"، وانتقد الفوارق الاجتماعية المتمثلة في تزايد النمو الديموغرافي وهجرة الأرياف وتمركز الانجازات في مناطق الساحل الأطلسي للبلاد، وقال: "ننتظر من الحكومة القادمة ان تتخذ في المجال الاجتماعي اجراءات فعالة" كما دعاها الى معاودة العمل بسياسة التخطيط لتحديد اختيارات البلاد وأولوياتها. في غضون ذلك، بدا ان تشكيل حكومة رئيس الوزراء المعين عبدالرحمن اليوسفي الذي واجه صعوبات في الاتفاق على عدد الحقائب الوزارية التي ستسند الى شركاء الحزب في الكتلة المعارضة وتجمع الأحرار، تم التغلب عليها، ما يعني امكان تنصيب الحكومة رسمياً بعد انتهاء احتفالات عيد الجلوس قبل نهاية الأسبوع الجاري. ويرأس الملك الحسن الثاني اليوم في الرباط حفلة تقديم الولاء بمشاركة ممثلين عن السكان والمحافظين في كل ارجاء البلاد، وفي مقدمها المحافظات الصحراوية، وكان تقبل أمس في القصر الملكي في الرباط تهاني العيد في حضور مدعوين مغاربة وأجانب، في مقدمهم رئيس الوزراء المعين.