دارت أمس الثلثاء في اقليم كوسوفو مواجهات خلال تشييع جنازات الألبان الذين قتلوا في الاشتباكات الدامية في الأيام الثلاثة الأخيرة مع القوات الصربية. وجاء ذلك في وقت توقفت الأعمال وأقفلت المحلات في أنحاء الاقليم تلبية لدعوة رئيس جمهورية كوسوفو المعلنة من طرف واحد ابراهيم روغوفا. وعبرت ردود الفعل الدولية عن القلق الشديد تجاه موجة العنف والتطور الخطير للأحداث في كوسوفو. وحذرت الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بلغراد من انها ستظل تواجه العزلة ما لم تدخل في حوار سياسي ايجابي مع الألبان يضع حلاً سلمياً لمشكلة كوسوفو. لكن واشنطن دعت في الوقت ذاته زعماء الألبان الى ادانة الهجمات التي يشنها "جيش تحرير كوسوفو" السري ضد السلطات الصربية والألبان المتعاونين معها، بينما أبدت روسيا قلقهاالشديد ودانت العمليات الارهابية وأكدت ان أي حل "لا بد ان يقوم على أساس احترام سيادة الأراضي اليوغوسلافية واحترام حقوق البان كوسوفو". وشارك أمس آلاف الالبان في العاصمة بريشتيا العديد من المدن الأخرى في تشييع جنازات الالبان الذين قتلوا خلال الأيام الأخيرة. وسادت وسط المشيعين أجواء مشحونة بالعواطف ورفعت شعارات عكست الاصرار على حقوق الالبان وحدثت مناوشات ومواجهات مع الشرطة الصربية التي كانت تحيط بمناطق التشييع. وذكر تلفزيون بلغراد المستقل أمس ان عشر معارك على الأقل وقعت منذ مساء أول من أمس الاثنين بين المقاتلين الالبان والقوات الصربية وشملت منطقة واسعة في ثلاث بلديات الى الغرب من العاصمة بريشتينا وأن عدداً من المواطنين قتل او اصيب بجروح و"لكن من الصعب معرفة التفاصيل بسبب الحصار الصربي حول المنطقة واقتصار دخول الصحافيين على العاملين في وسائل الاعلام الحكومية". ونشرت صحف بلغراد أمس معلومات عن تعرض العشرات من منازل الصرب في أنحاء كوسوفو الى هجمات نسبت الى "الارهابيين الألبان". وفي بريشتينا ذكر مركز حقوق الانسان ان الشرطة الصربية "ربما تكون قتلت عائلات بذريعة تعاونها مع المقاتلين الالبان". ونسبت وكالة "اسوشيتدبرس" الى مصادر ديبلوماسية وألبان في الخارج ان الشرطة الصربية "اطلقت النار بشكل مباشر على عائلة احمدي في قرية تسيريز ونقلت جثث الضحايا الى مشرحة بريشتينا". وأفادت الصحف الالبانية التي صدرت أمس في كوسوفو ان حوالى 300 شخص اصيبوا بجروح في التظاهرات التي جرت أول من أمس بينهم عضو لجنة حقوق الانسان في كوسوفو البروفيسور في جامعة بريشتينا الالبانية زكريا تسانا وغيره من الزعماء السياسيين والمثقفين المعروفين. ونشر بيان للاتحاد الدولي للصحافيين في بروكسيل اسماء 11 صحافياً محلياً وأجنبياً اصيبوا بجروح خلال قمع الشرطة الصربية للتظاهرات التي حدثت أول من أمس الاثنين في بريشتينا. وارسل رئيس وزراء صرب البوسنة المعتدل ميلوراد دوديك رسالة الى رئيس حكومة جمهورية صربيا ميركو ماريانوفيتش عبر فيها عن ثقته بأجهزة الأمن الصربية بأنها "ستضع حداً للارهاب الذي يشنه الانفصاليون الألبان في كوسوفو". وأكد ان هذه الاجراءات التي تقوم بها بلغراد "تحظى بالتأييد الكامل من حكومة وشعب الجمهورية الصربية". ويذكر ان بلغراد تتهم البانيا وتركيا وايران بتزويد جيش تحرير كوسوفو بالأسلحة والدعم المادي. وطالب المتظاهرون في عاصمة البانيا تيرانا تدخل بلادهم لمؤازرة اشقائهم في كوسوفو فيما طلب رئيس الحكومة الالبانية فاتوس نانو من الحكومة اليونانية استخدام نفوذها لدى بلغراد لاجراء حوار غير مشروط مع ألبان كوسوفو. ووضعت جمهورية مقدونيا قوات كبيرة من جيشها في حالة تأهب قصوى على مناطقها الحدودية مع كوسوفو والبانيا. ويذكر ان مشكلة كوسوفو ظهرت عنيفة منذ استولى الصرب على المنطقة بعد حرب البلقان عام 1912 لكنها هدأت بعض الشيء عندما منحت حكومة يوغوسلافيا السابقة الحكم الذاتي للاقليم عام 1974، لكنها اشتدت من جديد منذ عام 1989 عندما الغت حكومة بلغراد الحكم الذاتي ووضعت كوسوفو تحت سيطرتها المباشرة.