يتوجه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والمبعوث الأميركي دنيس روس، كل على حدة، اليوم الى القاهرة التي انتقل اليها ثقل المحادثات، خلال اليومين الأخيرين، وذلك للالتقاء بالرئيس المصري حسني مبارك واستكمال المحادثات التي يجريها روس بين المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين، في محاولة لايجاد مخرج من الطريق المسدود الذي تواجهه عملية السلام. واستبق وزير الخارجية المصري عمرو موسى لقاءات الأمس بالقول ان "تقديم الفلسطينيين على طبق للحكومة الليكودية ليست وظيفتنا، فمصر لا تستطيع هذا ولا تقبله ولن تقوم به، وما تستطيع ان تقوم به مصر هو ان تقنع حين تقتنع". وعشية هذه اللقاءات عرض وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الوطنية الفلسطينية الدكتور نبيل شعث على وزير الخارجية المصري عمرو موسى، أمس، التقويم الفلسطيني للمبادرة الأميركية. وصرح موسى للصحافيين انه "من المفترض ان تكون أي أفكار مطروحة على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي في عملية السلام متفقة بالضرورة مع ما تم ابرامه من اتفاقات ومبادئ ومرجعية مدريد. اننا لا ننسى ان الحديث المبادرة هو عن تنفيذ مرحلة انتقالية وليس عن مرحلة نهائية للتسوية". وأضاف: "الافكار المطروحة خاصة باعادة الانتشار الثاني الذي يجب ان تتعبه مرحلة اعادة انتشار ثالثة"، مشدداً على "أهمية التوازن في الالتزامات، لأن أي خلل في التوازن يعني خللاً في الاتفاق … هذا يعني ان تنفيذ الاتفاقات لن تنجح". وعلمت "الحياة" ان لمصر تحفظات مبدئية عن الأفكار الأميركية وترفض القيام بأي دور لاقناع الفلسطينيين للقبول بها، وفي اشارة الى ذلك قال موسى: "مصر على استعداد للتفاهم والتعاون مع المقترحات الأميركية حين تأخذ في الاعتبار العناصر التي ذكرتها التوازن، مصر لا تستطيع ان تقنع فلسطين إلا عندما تقتنع هي، مصر لن تقتنع إلا بسلام متوازن". وزاد: "إذا كان الرفض هو الموقف النهائي لاسرائيل فإنها بذلك تتعاطى بشكل مدمر للعملية، بعدها يصبح من الضروري التفكير في بدائل أخرى". ويأتي لقاء عرفات ومبارك في القاهرة، في اطار توقفه اليوم في طريقه لزيارة يقوم بها الى هولندا، حيث من المقرر ان يجري في امستردام مباحثات مع ملكة هولندا، ورئيس وزرائها في زيارة تستمر يومين. وبعد محادثات طويلة جرت بين عرفات وروس ليلة الأحد وامتدت حتى فجر أمس، تقرر استئنافها مجدداً في الساعة الثامنة والنصف مساء. واكتفى مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة بالاشارة بعد اللقاء الأول، الى "ان الفجوة لا تزال كبيرة بين الطرفين، في ما يتعلق بمحاولة التوصل الى مخرج من الخلاف الذي تصطدم به المحادثات الحالية". وأضاف ابو ردينة، ان جولة روس الحالية هي لاستطلاع المواقف، ومناقشة بعض الأفكار، وهو يعمل لتقريب وجهات النظر بهدف دفع عملية السلام الى امام". ولكن لوحظ، منذ استئناف روس جهوده الديبلوماسية، ان الفلسطينيين يتجنبون المشاركة في النقاش الاعلامي الدائر منذ أيام حول حجم مساحة الانسحاب الاسرائيلي. غير ان مصادر فلسطينية قالت لپ"الحياة" ان اللقاءات التي اجراها روس اقتصرت على نقل الأسئلة والأجوبة بين الطرفين، وهي تتناول الاطار العام للمفاهيم التي تشتمل عليها الأفكار الأميركية، ولم يجر البحث في النسب المطروحة. ونقلت هذه المصادر عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عدم تفاؤله من الطريقة التي تدور بها هذه المحادثات، كذلك من التوصل الى ايجاد مخرج خلال جولة روس الحالية. ووصفت هذه المباحثات بأنها "متأزمة". ويبدو، بحسب هذه المصادر، ان هذا ما دفع عرفات الى ارسال شعث فور عودته مساء السبت من جولة اوروبية استمرت اسبوعاً الى القاهرة برفقة حسن عصفور المدير العام لدائرة المفاوضات، وذلك بهدف وضع المسؤولين المصريين في صورة الأفكار التي يعرضها روس، وايفاد كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات الى عمان للغرض نفسه. وكان مفهوماً ان لقاء عرفات وروس، مساء أمس، سيكون حاسماً لجهة تحديد نتائج مهمة المبعوث الأميركي، نظراً الى سفر عرفات الى القاهرةوهولندا. ولوحظ أمس ان الجانب الفلسطيني عاد الى التركيز على المبادرة الأوروبية، إذ اشار شعث الى أهمية اجتماع مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي المقرر ان يعقد اليوم الاثنين في بروكسيل. وقال انه لمس خلال جولته الأخيرة "غضباً أوروبياً" من اسرائيل، وأن المبادرة الأوروبية قائمة ومطروحة على الطاولة، وهناك قرارات مهمة ستتخذها المفوضية الأوروبية، منها تشكيل لجان للتحقيق تأتي الى المنطقة، واجراءات اقتصادية عقابية، معبراً عن اعتقاده "بأن اليوم الذي ستشعر فيه اسرائيل بمعنى الغضب الأوروبي قد اقترب إذا ما استمرت في مماطلتها". وتعكس هذه التصريحات عدم الارتياح الذي يشعر به الفلسطينيون حيال الطريقة التي تدير بها الادارة الأميركية وساطتها، التي يرون انها "شديدة التساهل" مع الحكومة الاسرائيلية. والتقى عرفات أمس في غزة وزير الداخلية الاسرائيلي افيغدور كهلاني. وأعلن الرئيس الفلسطيني في مؤتمر صحافي عقده مع الوزير الاسرائيلي، زعيم حركة الطريق الثالث، ترحيبه بفكرة عقد لقاء دولي في واشنطن يحضره عدد من الزعماء السياسيين، بهدف انقاذ عملية السلام. ورداً على سؤال بشأن موقفه من عقد لقاء قمة مع رئيس الحكومة الاسرائيلية قال عرفات: "لقد عقدت في الماضي اجتماعات عدة معه، وأنا مستعد للالتقاء به مجدداً، ولكن على أساس ان نخرج بنتائج ملموسة من أي لقاء. وأنا أريد ان أعرف النتائج التي يمكن ان نخرج بها".