هنا قصائد مأخوذة من مجموعات آلان بوسكيه الشعرية الصادرة بعد العام 1986 لأنني أنام وعيناي مفتوحتان، يحسبون بأنني أعرف الكثير من الأشياء. لأنني أنام وعيناي مغمضتان، يظنون بأنني أنسى بعض الأشياء. لأنني أنام ولأنهم فقأوا عيني يحسبون بأنني لم أعرف أبداً أي شيء.
أحياناً، أتعجب بافتتان من معرفتي بأنني عدم قديم. أسكن في ذاتي مثل شبح بقبعة كبيرة أخاف من البداهة. ما الذي ينبغي ترويضه غداً: السحابة أم النمر؟ يا للعبث، أنت أيضاً تملي عليّ أمثولات!
فوق كل شرشف عرضت فيلم طفولتي، ولم أتعرف على شيء فيه، لا ساقيتي، لا طاحونتي، لا وجوهي المصنوعة من القطن. فوق كل شرشف أعرض الفيلم الجديد لموتي، متعرفاً على فقرة، على تحدّ، بصقة، شتيمة، وخشب السرو الذي سيتلقى مثل صفعة رمادي.
كان لي دائماً جمجمتان: واحدة كبيرة للحزن، وواحدة صغيرة جداً للعبور. كان لي كذلك ذاكرتان.: كم هو جميل الزمن السابق في الذاكرة الأولى، في الثانية نجد القليل جداً من الاشياء، نسياناً قديماً. كان لي دائماً قلبان: واحد للحب، والثاني للامبالاة. أما بالنسبة الى حيواتي، فإنني ما عدت أحصيها: غالباً ما أحسب بأن لي المئات منها مأهولة بالزهور، والطيور، بآثار أكثر نعومة من شفاه النساء، وأحياناً أخاف بأن لا يكون لدي أية واحدة منها. كان لي دائماً ظلاّن: واحد للتصفيق لي، والثاني لتوبيخي. بانسجام منطقي مع نفسي، سيكون لي بالتأكيد موتان: واحد للضحك، والآخر كي يسليني على رغم كل شيء.
حروف الهجاء أكثر نضجاً هذا الصباح من الأسبوع الفائت. الأم تعرف بأنه ينبغي ان تمشط أحلامها. رائحة الملفوف تشبه رائحة بنات العم. الجدّ يعود تعاسات غوغول، الممسوس في عقله. بين قدحين من الليموناضة الكسيس يقول بأن طائر الوقواق سمكة تحب الأعماق الكبيرة.
كان ينبغي طمأنة الأشجار بكلام ناعم اذا كان بعضها يرتعد. الجدران أيضاً كانت تحمل جروحاً. كانت ماشا تعطي حليباً الى عصفور دوري. ... الجدّ كان يقول بأن على الرجال ان يقلدوا الغيوم. ألكسيس كان يقرّر، بعد تقطيب جبينه انزعاجاً، ان يستقر داخل بطيخه.
لست شيئاً: قليل من الكبرياء بين رمادين. لست شيئاً: فاصلة في مقالة في صحيفة، ثمرة ترقد داخل خزانة وتفسد بدون ان تشتكي. لست شيئاً: ذبابة من دون أجنحة، تذهب، وتجيء، فوق الشرشف الوسخ. لست شيئاً: لكثرة ما أردد ذلك، في داخلي مثل نهر من الدماء ينتفض، يشتعل ويبدّد صفو امتلاءاتي الخاطئة.
أنا سيّد عجوز في مغطسه، يقول لنفسه ان العالم يفلت منه شيئاً فشيئاً. يتصوبن من الصابون، ويقرص لحمه، لا يعلم ما اذا كان المطر يهطل في الخارج أو ما اذا كان اللازورد يدخل من النافذة كي يثرثر بضع لحظات. يتساءل ما نفع كتفه. يهذي قطرة قطرة مع اليقين بأن روحه ستفقد عملها. الماء يلامسه. العصر ما يزال بعد معطراً. أنا إنسان عجوز يبحث عن نظارتيه. ينسى وجوده في قاع خزانته، فيما ورقة لمسح الأيدي على الرقبة.
الحياة الداخلية للذبابة، هل تفكر فيها، هل تفكر فيها؟ ومعاناة حجر الصوان، هل تعرفها، هل تعرفها؟ وندم الشلال، هل يثيرك، هل يثيرك؟ والأحلام الدامية للندى، ماذا تقول عنها، ماذا تقول عنها؟ وحلفات من حلف اليمين النهر، هل ستلتزم بها، هل ستلتزم بها؟ والشك، هناك في الأعلى، الذي يصيب التلة والتي تخلط بينها وبين الثلج، هل ستقوم بمحاربته، هل ستقوم؟ واللازورد الذي يحضّر انتحاره، هل ستساعده، هل ستساعده؟ تعاستك لهي بائسة جداً بالقياس الى تعاساتهم. عن الفرنسية: حسن الشامي