من تكون؟ اسم؟ صيت؟ ملامح خارجية ومظهر؟ ديانة ومذهب واتجاه عقائدي؟ وتفاصيل للهوية اخرى في بطاقتك الشخصية؟ هل يصبح هذا معبرا فعلا عمن تكون في نظر نفسك وشعورك؟ بالنسبة للعالم من حولك يبقى أمر آخر طريقتك في التعامل وسلوكك تجاه الأشياء.قد تستهين بالأمر وتعتبرها تحصيل حاصل، لكن دلالتها تفوق ما تظن. فالذين تعايشهم والذين تعاشرهم لا يمكن لهم الحكم العميق على مقدار معرفتك بدون التعامل الأقرب إليك. وقد صدق الحكيم العربي الذي قيل له ان فلانا شخصية جيدة وصديق، فقال له هل عاشرته؟ قال: لا قال هل سافرت معه؟ قال: لا ، إذن انت لا تعرفه. ليست اجابة بسيطة كما يبدو في ظاهر الحوار بل هي فعلا حكمة شديدة العمق. لكن السلوك مسألة معقدة مرتبطة بجينات الشخص التي توارثها ولا يعتقد غالبا بتأثيرها عليه، هي واحدة من هذه العوامل. والسلوك مرتبط بأسلوب تربية داخل البيت مع الأم والأب ومن كان شريكا في مسؤولية التربية. وكذا التربية نتاج سلوك الشارع والاصدقاء والزملاء في المدرسة والنادي ومجموعة الشلة، والاصحاب والدعاة والخطيب في الجامع والمؤسسة الدينية القائمة. سؤال الهوية: قد تكون صفاتك السلوكية محل قبول اجتماعي وأسري ووظيفي. لكن كل هذا يكون عرضة لإعادة السؤال عمن تكون لو انتقلت الى مجتمع آخر وحضارة أخرى. أذكر مرة جارة لي خليجية في شقة مفروشة بالقاهرة، وأنا طالبة لم اكن اعرفها ولكنا كنا نتبادل التحية عندما نلتقى ولم اعرف حتى اسمها وبدت هي ايضا غير راغبة في التوسع في علاقات الجوار. وقد احترمت خصوصيتها وكنت اصادفها احيانا مع زوجها فيبادلاني التحية معا ويذهب كل منا في طريقه. وفي ليلة عجيبة بعد منتصف الليل صحوت على خبط شديد على الباب والجرس يرن دون توقف، قمت مرعوبة لأشاهد من فتحة التكبير المركزة في وسط الباب مشهد جارتي بملابس النوم تبكي وحالة شديدة من الفزع. فتحت الباب فدخلت واقفلت فورا، وجلست على كنبة غرفة الاستقبال تبكي بكاء مرا، تركتها تخرج حزنها في دموعها واعددت لها كوبا من الليموناضة وقدمته بصمت وجلست جوارها. بعد قليل هدأ نشيجها وبدأت تجد الكلمات لكي تحكي. كان زوجها قد ضربها عندما عاد مخمورا يترنح وسألته أين كان وثارت ثائرته وقال كلاما مبتذلا عن المكان والنساء الرخيصات الذي كان معهن، واستمر يصفعها حتى تعب، وارتمى على السرير ونام. وقد ألجمتها المفاجأة فهي تعيش معه منذ عام وهو مضرب المثل للرجل المثالي للأسرة ومن حوله. ولم تعرف عنه ضعفا ولا سلوكا نابيا بل كانت محل حسد كل صديقاتها ومعارفها على الزوج "اللقطة" الذي جاء من نصيبها.فجأة توقفت قليلاً ونظرت إلي وسئلت كيف تعرفي الشخص ومن يكون بعد عشرة عام كامل؟ [email protected]