لم يحظ الضحايا اللبنانيون في كارثة غرق الباخرة "تايتانيك" باهتمام كافٍ في الفيلم الذي نال أخيراً 11 جائزة أوسكار، وقدم الفيلم لهؤلاء صورة موجزة وغائمة عبر امرأة تصيح بأولادها بالعربية "يللا". ونبّه لهذا النقص المعهد الأميركي اللبناني في واشنطن عبر رسالة وجهها إلى مخرج فيلم "تايتانيك" جيمس كاميرون، جاء فيها: "تهانينا لتسلمك جوائز الأوسكار الإحدى عشرة لهذا العام عن "تايتانيك". فالفيلم يستحق حقاً هذه المكافآت جميعاً التي تعتبر أرفع اعتراف في صناعة السينما. الخامس عشر من شهر نيسان ابريل 1912 كان يوماً محزناً جداً للكثير من اللبنانيين في لبنانوالولاياتالمتحدة الأميركية بسبب غرق "تايتانيك". ومن الواضح أن الفيلم العظيم لم يكن المقصود منه ان يكون وثائقياً أو رواية تاريخية دقيقة وموضوعية عن تلك المأساة. ومع ذلك فالحقائق التاريخية المعروفة تذكر أن مئة وخمسة وعشرين لبنانياً، كانوا على متن السفينة لم ينج منهم سوى تسعة وعشرين، منهم عشرون امرأة، وخمسة أولاد وأربعة رجال. كذلك فإن الحفلات اللبنانية التي اقيمت في الدرجة الثالثة من الباخرة كانت الأكبر والأكثر شعبية، لأن اللبنانيين كانوا يحتفلون بزفاف أربعة أزواج كانوا يقضون شهر العسل على متن الباخرة في طريق هجرتهم إلى الولاياتالمتحدة ومنهم حنا توما وانطوان يزبك مع زوجتيهما. والرقص والأغاني على نغم الألحان اللبنانية كانت تسمع في أرجاء الباخرة على مدى ليالٍ عدة، وشارك الكثيرون من الجنسيات الأخرى في هذه الابتهاجات. وعندما وقعت المأساة وكانت السفينة على وشك الغرق كلياً تحت مياه المحيط، تحلق الكثير من الرجال اللبنانيين بشجاعة المؤمنين حول الاب الانكليزي الكاثوليكي توماس روسيل بيلز Thomas Rousal Byles يتلون "الابانا" والصلوات الأخرى. ولاقوا حتفهم بالاضافة إلى الكاهن. إن الوجود المتنوع والمتعدد للبنانيين في جميع أوجه رحلة "تايتانيك" المأسوية اختزل في الفيلم بطريقة غير مقصودة لبضع ثوان بمشهد امرأة مذعورة يصعب وصفها أو تصنيفها تصيح بأولادها "يللا" Yalla باللغة العربية. هذا الخوف لم يمر من دون انتباه عند العديد من اللبنانيين، خصوصاً عند أقارب الضحايا. بعد الكارثة تحول اسم "تايتانيك" بسرعة إلى عبارة معروفة عند جميع اللبنانيين، لأنها تركت آثاراً عميقة ومؤلمة عند عائلات لبنانية كثيرة. وعلى الرغم من هذا السهو غير المقصود، فإن اللبنانيين اينما كانوا مع بقية الجمهور السينمائي في أنحاء العالم أظهروا اعجابهم الباهر بهذا الانجاز الفريد. تهانينا مرة أخرى".