لا تقلق، لن نتحدث عن معالج "جي 3" ولن نقيس السرعة بالميغاهرتز. وما علاقة أبل ماكنتوش برباعي الدفع الجديد الذي تطلقه مرسيدس-بنز حالياً في أوروبا، بعد نزوله الخريف الماضي في الولاياتالمتحدة؟ قد نتفق أولاً على أن التجديد، أي تجديد، يثير عموماً ردَّي فعل متضاربَين: إعجاب فئة تحبه، ومقاومة فئة أخرى تفضّل شراً تعرفه على خير تجهله. تارة يصيب الأوائل، وطوراً تثبت حكمة الأواخر. ومن هذه الزاوية تحديداً يمثل "إم كلاس" الجديد تغييراً جذرياً في جوهر تكنولوجيا الدفع الرباعي، كالتغيير الذي أحدثته سهولة إستخدام أبل ماكنتوش منذ الثمانينات. هل يُحتذى حذو الصانع الألماني لاحقاً وتتطوّر تكنولوجيا "4-إي تي إس" Four Wheel Electronic Traction System أكثر وأكثر مع الوقت، لنرى ربما نسخاً عنها كما هو "وندوز" مقارناً بنظام أبل؟ وحده المستقبل سيجيب. "4-إي تي إس" متى كنا نتصوّر سيارة تتعامل مع المسالك الوعرة من دون علب تروس تفاضلية مجهّزة بأنظمة لإيصاد كل منها Diffenrential lock ومنع أي من العجلات من الدوران بسرعة أعلى من الأخرى في كل من المحورَين الخلفي والأمامي، أو من دون نظام علبة تروس تفاضلية محدودة الإنزلاق Limited slip differential تتولى نقل العزم من العجلة المائلة الى الإنزلاق الى الأخرى المقابلة لها في المحور ذاته، أو من دون التعشيق اللزج في علبة التروس التفاضلية الوسطى Viscous coupling، والذي يحوّل فائض العزم من المحور الخلفي الى الأمامي، أو العكس؟ يستغني نظام "4-إي تي إس" عن تلك التجهيزات بإستغلال أجهزة رصد سرعة دوران العجلات وهي جزء من نظام منع الإنزلاق الكبحي ABS أساساً ليتدخّل المكبح الملائم فيلجم العجلة المهووسة بفعل العزم على أرضية إنزلاقية، أو فوق حدبات عميقة أو في منحدرات قاسية وغيرها. لا داعي لوزن التجهيزات "التقليدية" السابقة، ولكلفتها وتعقيداتها: نظام إلكتروني بسيط يحرر نظام الدفع منها، لتضاف الى فوائده الأخرى تسهيل المناورة في السيارة وتحسين سلوكها وتنعيمه، وزيادة رشاقتها وسرعة كبحها. أبل ماكنتوش! لكن، ما علاقة أبل ماكنتوش بالموضوع؟ بكل صراحة، ألا تشبه مصطلحات "علبة تروس تفاضلية محدودة الإنزلاق"، و"نظام إيصاد لعلبة التروس التفاضلية" و"تعشيق لزج"، "بربرية" الحروف الثلاثة التي تنتهي بها أسماء ملفات نظام "دوس" DOS الذي هرب كثيرون وداعيك واحد منهم من دهاليزه الى بساطة ومرونة كومبيوترات "أبل ماكنتوش"، على الرغم من كل تقدّم "وندوز 95" رجاء، لا تقارن الأخير بماكنتوش؟ فبينما يتطلّب عالم أنظمة "آي بي إم"، إلمامك بجذور المجلّدات وتفرّعاتها، وبمعاني الحروف الثلاثة الأخيرة في أسماء الملفات، من "إي إكس إي" للبرامج الى "بات" و"هكس" وغيرها، مروراً بشُطب "/" من هنا و":" من هناك، يستغني مستخدم أبل ماكنتوش عن الأسبرين والألغاز معاً: فمجلد النظام يتولى أموره بنفسه. بمعنى آخر، تمكنك "قيادة" ماكنتوش من دون أن تلم ب "ميكانيكية" الكومبيوتر ومختلف أنواع ملفات نظامه إرم مجلد نظام وانقل آخر جديداً في أسوأ الحالات. الأمر نفسه مع عائلة "آي بي إم"؟ تلك هي مرسيدس-بنز "إم كلاس" تحديداً: ليس عليك أن تكون خبيراً في مختلف أنظمة الدفع لتستغلّها على أكمل وجه، بل هي تمكّنك من التفوّق على المسالك الوعرة بسهولة، لقاء تعوّدك على أسلوبها في أقل من ساعة واحدة! ومثلما حرر أبل ماكنتوش مستخدمي الكومبيوتر من جذور المجلّدات ونهايات الأسماء وألغازها، تفتح مرسيدس-بنز اليوم باب الدفع الرباعي من زاوية متحررة من مصطلحات وسائل إيصاد علب التروس التفاضلية. في "إم كلاس"، أترك الأمر للإلكترونيك. نعم قد يبدو نظامُ "4-إي تي إس" للوهلة الأولى كصرعة إلكترونية جديدة. لكن، ألم يبدُ الأمر نفسه مع أنظمة منع الإنزلاق الكبحي ABS والدفعي Traction Control في البداية؟ المقصورة عدا عن النظام الدفعي الجديد الذي يمكن التعرّف عليه أكثر في الإطار الخاص به، يتمتّع "إم كلاس" بإطلالة عصرية لا يكذّبها تصميم المقصورة إطلاقاً، مع ترتيب وسائل التحكّم والعدادات في إطار منطقي وبعيد عن عجقة الزخرفات التزيينية. الأناقة في البساطة والغنى التقني، لا في كثرة التعجيقات. طبعاً، يزداد الإخراج جمالاً مع بعض التجهيزات الإضافية كالتلبيس الجلدي والخشبي للمقصورة، لكن حتى فئات القاعدة غنية التجهيز إن في جوانب الراحة كهربائية تحريك النوافذ الأربعة والقفل المركزي مع تحكّم من بُعد أو السلامة وسادتان هوائيتان مواجهتان، وأخريان جانبيتان في البابين، ومانع الإنزلاق الكبحي. المساحة المتاحة للركاب الخمسة مريحة، كما يمكن طلب مقعدين إضافيين يطويان جانبياً في المؤخّر لتتسع السيارة لسبعة ركّاب. فوق ذلك، يمكن توسيع مساحة التحميل في خيارات مختلفة، من 144 ليتراً بسبعة ركاب، الى 2020 ليتراً بالراكبين الأماميين وحدهما، مروراً ب 1060 ليتراً بخمسة ركاب. ومن النواحي العملية الأخرى يُذكر إمكان تعديل ارتفاع المقود، وتقريب المقعد الخلفي أو إرجاعه ضمن مدى 80 ملم. بعض المآخذ؟ إضافة الى غطاء علبة القفازات المبالغ في بلاستيكيته عند فتحه، يستغرب إعتماد الصانع باب صندوق خلفي يفتح الى أعلى، ويقل عملية عن باب بدرفتين تفتحان عمودياً أو أفقياً مثلاً. القيادة والأداء بدأت التجربة من مطار مرسيليا، بالمحرّك الحديث والمجهّز بثلاثة صمامات لكل من أسطواناته الست V/90 درجة، وبإشعال مزدوج لكل من الأسطوانات: 218 حصاناً/5000 د.د. و310 نيوتون-متر/3000 د.د. مرونة ممتازة في التلبية مع العلبة الأوتوماتيكية ذات النسب الأمامية الخمس، في المدينة كما على الطريق السريع. قد لا يكون من أنعم محرّكات الأسطوانات الست، لكنه ليس خشناً، بل تغفر له مرونته وتلبيتُه غيابَ تلك النعومة الحريرية التي قلّما تجدها عند الإنتقال من الترتيب التتابعي للأسطوانات Inline الى ترتيب V الأكثر ملاءمة من حيث الحجم والوزن. من حيث السلوك تتجاوب معك فئة "إم إل 320" على الطريق السريع بأسلوب يسعى الى التوفيق بوضوح بين متطلّبات السوق الأميركية التي تفضّل التعليق المائل الى الليونة المريحة، وبين الذوق الأوروبي الذي يفضّل بعض القسوة للحد من التمايل الجانبي. وهي تنجح في ذلك الى حد بعيد: تمكن قيادة السيارة بثبات مطمئن ومقود لا يبالغ في لينه مطلقاً حتى أعلى مجال السرعة الممكنة قبل توقف بخ الوقود عن المحرّك 180 كلم/ساعة فعلياً، ونحو 188 كلم/ساعة على العدّاد لمنع بلوغ سرعات خطرة في سيارة عالية الهيكل. لا داعي لتجربة تخطي هذه السرعة في المنحدرات، فنظام الكبح يتدخّل من دون شعورك، لمنع تخطي ال 180 كلم/ساعة حتى على الطرقات السريعة المنحدرة. أهم ما في أداء هذا المحرّك هو عدم شعورك معه بأنه يعطي عزم الدوران أولوية ساحقة، بل يمنحك توازناً ممتازاً بين متطلّبات النَفَس الطويل على الطريق السريع، وتلبية العزم في المطبات القاسية. ضجيج الهواء مقبول عموماً حتى نحو 140 كلم/ساعة حسب إتجاه الهواء وقوته، كما يمكن تغيير خط السير بمرونة حتى نحو 120-140 كلم/ساعة، وبتروٍ فوق تلك السرعة. فالسيارة عالية الهيكل في نهاية الأمر. لديك أيضاً خيار محرّك الأسطوانات الأربع 16 صماماً البالغة سعتها 3.2 ليتر، وقوته 150 حصاناً/5400 د.د. مع عزم 220 نيوتون-متر/3800 د.د. وهو أرخص من الآخر ولو بتلبية أدنى بطبيعة الحال. الإيجابي في هذا المحرّك هو حصولك معه على مستوى جيّد من التجهيز، وليس على أبسط التجهيزات لكنه يجدر أيضاً مراقبة التسعير في كل من الدول، وهو يأتي مع علبة يدوية بخمس نسب أمامية، ومرنة في الإستخدام عموماً. أولويات زبون هذه الفئة هي الحصول على "إم كلاس" ودفعها الرباعي بأدنى سعر ممكن، قبل الإصرار على حدّة النشاط. الأسطوانات الثماني هل تترك مرسيدس-بنز موديل "إم كلاس" دون مستويات المنافسة في أعلى قطاعات السيارات الرباعية الدفع؟ نعم، لبضعة شهور فقط، حتى إطلاق الفئة العليا بمحرّك الأسطوانات الثماني V/90 درجة 3 صمامات للأسطوانة البالغة سعتها 3.4 ليتر، الخريف المقبل في الولاياتالمتحدة، وفي ربيع 1999 في أوروبا. طبعاً، لن يبحث زبائن هذا المحرّك المتوافر كالآخرين، بين خيارات موديل "إي" عن زيادة القوة 272 حصاناً/5750 د.د. وعزم الدوران 390 نيوتون-متر بين 3000 و4500 د.د. وحدهما، بل خصوصاً عن فارق نُبل الهدير، وخصوصاً الصورة النخبوية الموازية لخيارات أخرى كما في ليكزس "إل إكس 470" مثلاً. وستأتي تلك الفئة مجهّزة بأعلى المستويات المتاحة في الموديل وأغلاها ثمناً طبعاً، بما فيها دعم نظام "4 إي تي إس" بنظام "إي إس بي" ESP الذي يرصد أيضاً درجة لف المقود وإنعطاف الهيكل لتحديد تدخّله بواسطة المكبح الملائم و/أو بتخفيف بخ الوقود عند بدء هوس إحدى العجلات، أو عند شرود السيارة جانبياً أو عمودياً وهو الذي إعتُمد كتجهيز أساسي لتهدئة خاطر "آي كلاس" و"سمارت" من "شبح" الأيل السويدي!. يبقى تفصيل "بسيط": يبدو أن مرسيدس-بنز لم تخطط للموديل غير خزّان الوقود الحالي المتّسع لسبعين ليتراً، وهي كمية قليلة لمحرّك سعته 3.4 ليتر مقارناً بعدد من منافسيه الذين يتمتعون مثلاً بخزان رئيسي يتسع لنحو 90 ليتراً، وآخر ثانوي يضيف نحو 40 ليتراً. فكغيره من السيارات الرباعية الدفع، سيُطلب من "إم كلاس" السير بنسب التروس القصيرة والأكثر إستهلاكاً للوقود المخصصة للمسالك الوعرة، ناهيك عن إستخدامه في الدول التي لا تتوافر فيها محطات الوقود كل 10 أو 20 كلم! مع ذلك، يمكن التذكير أيضاً بأن أرقام الصانع لمعدّلات إستهلاك المحرّكات الثلاثة وهي كلّها متدنية الإستهلاك والتلويث تمنح "إم كلاس" بين 800 و900 كلم من القيادة بليترات خزانه السبعين... على الطرقات المعبّدة بمجموعة نسب التروس الطويلة في علبة التحويل الوسطى. أيضاً، هل ستطلق مرسيدس-بنز فئة الأسطوانات الثماني من دون إغنائها مثل "رانج روفر" وليكزس "إل إكس 470" بنظام تعليق يمكن تبديل إرتفاعه بكبسة زر؟ بعض مصادر الصانع يذكر أن الشركة تدرس إمكانات إضافة نظام تبديل للإرتفاع، لكنه إستبعد المضي في إتجاه توفير وسيلة أخرى تسمح بتعديل درجة قسوة التعليق وهي وظيفة لا تبدو بديهية لكثيرين من المستهلكين، خلافاً لتعديل الإرتفاع الأكثر وضوحاً. "إم كلاس" في سطور * ينتج "إم كلاس" في توسكالوسّا ولاية ألابما الأميركية بطاقة إنتاجية تبلغ حالياً 65 ألف وحدة سنوياً، علماً بأن الصانع سيستثمر في السنة الحالية 40 مليون دولار لزيادتها الى 80 ألف وحدة سنوياً. * سيخصص 60 في المئة من إنتاج "إم كلاس" لأميركا الشمالية، و24$ لأوروبا، و5$ لليابان و11$ لبقية أنحاء العالم. * هيكل "إم كلاس" مركّب على قاعدة سلَّميّة، وتفصل بينهما عشر مخمّدات مطاطية لإمتصاص الإرتجاجات والضجيج. * تتسع الوسادة الهوائية الموضّبة في المقود المقياس الكبير ل 64 ليتراً، في مقابل 135 ليتراً لتلك المواجهة للراكب الأمامي، و12 ليتراً لكل من الوسادتَين المخفيتين في البابين الأماميين. * إنتزع "إم كلاس" حتى الآن 28 جائزة دولية، بما فيها جائزة مجلّة "أوتو موتور أوند سبورت" الألمانية الشهيرة، ل "أفضل سيارة رباعية الدفع" في العالم. * إضافة الى المحرّكات الثلاثة المعلنة حتى الآن، سينتج الصانع لاحقاً فئة عالية الأداء بمحرّك الأسطوانات الثماني سعة 5.5 ليتر مضبوط لدى "أ إم جي" لتزيد القوة عن 500 حصان مقارنة ب 354 حصاناً في فئة "إي 55 أ إم جي" الجديدة. أما الديزل المهم للأسواق الأوروبية فهو سينزل إليها خريف 1999 بمحرّك يتسع ل 7.2 ليتر في خمس أسطوانات. أبرز التجهيزات الأساسية في مختلف الفئات * وسادتان هوائيتان أماميتان مواجهتان * وسادة هوائية في كل من البابين الأماميين * حزامان أماميان ذاتيا الشد ثم الرخي * مانع الإنزلاق الكبحي ABS * مؤشّر للحرارة الخارجية * نظام الدفع الرباعي "4-إي تي إس" * قفل مركزي مع تحكّم من بُعد وجهاز إنذار * 4 نوافذ كهربائية التشغيل * مرآتان خارجيتان كهربائيتا التحريك والتحمية * مسند بين المقعدَين الأماميين مع مساحة توضيب * تعزيز هيدروليكي للف * إمكان تعديل إرتفاع المقود * مقعد خلفي مؤلف من 3 مقاعد مستقلة * إمكان تقريب المقاعد الخلفية أو إرجاعها * مقابض أكواب في المقدّم والمؤخّر * مصباحا قراءة خلفيان * تحضير لوازم تركيب هاتف سيارة * مسّاحة خلفية، وتضمين الهوائي في الزجاج الخلفي * مخرجا طاقة 12 فولت في المقدّم والمؤخّر * قَوسا تحميل فوق السقف * عجلات ألومينيوم بعض التجهيزات المضافة مع "إم إل 320" * علبة أوتوماتيكية بخمس نسب أمامية * ضبط آلي للسرعة كروز كونترول * مكيّف بعض التجهيزات المضافة مع "إم إل 430" * برنامج الثبات الإلكتروني إي إس بي * تلبيس جلدي للمقاعد * كومبيوتر * تحريك كهربائي للمقعدين الأماميين أبرز المقاييس * الطول والعرض: 587.4 و19.2 متر * قاعدة العجلات: 82.2 متر * إرتفاع السقف: 802.1 متر * عرض المحورين: 555.1 متر * قطر اللفة الدائرية أرضاً: 9.11 متر * سعة خزّان الوقود: 70 ليتراً * الوزن الصافي: 1930 كلغ 3.2 ليتر و1990 2.3 ليتر و2090 3.4 ليتر * الحمولة القصوى: 720 كلغ 3.2 و660 2.3 و560 3.4 * السرعة القصوى: مضبوطة عند 180 كلم/ساعة ستزيد عن ذلك في ال3.4 * صفر الى 100 كلم/ساعة: 3.12 ثانية 3.2 7.9 2.3 و9.7 3.4 * معدّل الإستهلاك العام للبنزين ليتر/100 كلم: 8.12 3.2 و9.11 2.3 و13 3.4 * العجلات، الإطارات: 5.6 بوصة x 16، و225/75 آر 3.2 و2.3 * العجلات، الإطارات: 5.8 بوصة x 17، و275/55 آر 3.4 "4-إي تي إس": كلمة سر نظام دفع رباعي جديد يعتمد "إم كلاس" نظام الدفع الرباعي بإستمرار، مع توزيع العزم بنسبة 50/50 بين المحورَين الأمامي والخلفي، وعلبة تحويل Transfer case تمنح مجموعتَي نسب طويلة 1:1 للقيادة العادية، وأخرى قصيرة 64.2:1 للمسالك الوعرة يتم الإنتقال من الواحدة الى الأخرى بكبسة زر عند توقف السيارة. طبعاً، هناك علب تروس تفاضلية في المقدّم والمؤخّر وبينهما، لضمان وصول العزم الى العجلات الأربع، لكن وجوه الشبه بين أنظمة الدفع الرباعي "التقليدية" وبين "إم كلاس" تتوقف هنا. ليس في "إم كلاس" لا أنظمة إيصاد لعلبة التروس التفاضلية Diffenrential lock الخلفية أو الأمامية لمنع أي من العجلات من الدوران بسرعة أعلى من الأخرى في كل من المحورَين، ولا نظام علبة تروس تفاضلية محدودة الإنزلاق Limited slip differential، لنقل عزم العجلة المهووسة الى الأخرى المقابلة لها في المحور ذاته، ولا تعشيقاً لزجاً Viscous coupling في علبة التروس التفاضلية الوسطى Viscous coupling، لتحويل فائض العزم من المحور الخلفي الى الأمامي، أو العكس. مع "4-إي تي إس" تختفي أنظمة الإيصاد المختلفة تلك، بفضل إستغلال عناصر موجودة أصلاً في نظام منع الإنزلاق الكبحي ABS المتوافر في التجهيز الأساسي لمختلف الفئات: أجهزة رصد سرعة كل من العجلات الأربع. وعند التعامل مع مطبات قاسية جداً حتى مع إنفصال إحدى العجلات أو أكثر عن الأرض كلياً أو مع الوحول/الثلوج، ستدور العجلة المرتفعة في الهواء أو العالقة في موقع أشد إنزلاقية من غيره في الفراغ بسرعة أعلى من العجلات الأخرى، فينكشف أمرها بواسطة جهاز رصد سرعتها، ويرسل الأخير "إخباريته" الى وحدة التحكّم المركزية، لترسل تلك أوامرها الى نظام الكبح للتدخّل في العجلة المعنية بالأمر لكن بنعومة كبيرة. النتيجة: عندما تكبح عزم عجلة سينتقل فائض عزم الدوران منها تلقائياً الى العجلة المقابلة في المحور ذاته، أو من عجلتَي المحور الخلفي الى عجلتَي الأمامي أو العكس، فينتقل العزم عملياً الى العجلة/العجلات الأكثر ثباتاً. ومع نظام "إي إس بي" ESP الممكن طلبه إضافياً سيتوافر أساسياً مع محرّك ال 8 أسطوانات، لا يتدخّل نظام الكبح وحده، بل يتضاءل البخ عن المحرّك أيضاً لتخفيف العزم أكثر وأكثر، مع رصد حركة الهيكل والمقود أيضاً، وليس سرعة العجلات وحدها. في الإستخدام ستجد مع "4-إي تي إس" فوارق عدة، ولو بلغت نتيجة موازية لما تحصل عليه مع الأنظمة التقليدية. فبعد تركيب النسبة الأولى من المجموعة القصيرة طبعاً في المنحدرات القاسية جداً مثلاً، ليس عليك الإكتفاء بالكبح المحرّكي وحده Engine brake كما في الأنظمة الأخرى، بل يمكنك تلحيس المكبح قليلاً ريثما يدخّل "4-إي تي إس" بتخفيف سرعة كل من العجلات لمؤازرة الكبح المحرّكي. وإن لم تفعل ستجفل السيارة بعض الشيء بين لحظات تزايد السرعة وبين تدخّل المكابح إن كنتَ على أرضية حصوية مثلاً. في المسالك الصاعدة يختلف الأمر، إذ عليك هنا إفتعال تدخّل المكابح بالدوس أكثر على دوّاسة الوقود. بمعنى آخر، تفتعل هوس إحدى العجلات أو بعضها لتتدخّل المكابح الملائمة وتتقدّم السيارة من دون أن تشعر أنت فعلاً بأن بعض العجلات يتلقى العزم وحده، وبعض آخر يتلقى بعض الكبح وبعض العزم في وقت واحد. وينطبق الأمر نفسه فوق الأرضيات الإنزلاقية. ولدى المرور بين مجموعة من الحُفَر المتتابعة، عبرت "إم كلاس" بطريقة مقنعة جداً، على الرغم من إرتفاع بعض العجلات في الهواء كلياً في بعض الأحيان. ويمكن التنويه هنا بنظام التعليق المستقل في الجوانب الأربعة، والذي يوفّق جيداً بين متطلّبات راحة سيارة صالون، وضرورات المناورة بمرونة في المسالك الشديدة الوعورة. هل سيُغني نظام "4-إي تي إس" عن أنظمة إيصاد علب التروس التفاضلية كلياً؟ قد يُغني عنها في نظر تسعين في المئة من زبائن الدفع الرباعي، وهؤلاء لا يدخلون الى المسالك الوعرة إلا من نادراً. وقد يُرضي حتى خمسة في المئة أخرى من الزبائن الذين يترددون أحياناً الى مسالك وعرة فعلاً كالتي جرّبتها "الحياة". أما المنتمون الى الخمسة في المئة الأخيرة المتبقية، أولئك الباحثون عن أصعب المعابر لتسجيل تفوّقهم عليها والخروج من بعضها بالحبل أحياناً! فقد يستحسنون الأنظمةَ التقليدية التي تعوّدوا عليها، إما في إنتظار تعوّدهم على إستغلال النظام الجديد وتقبّل الحاجة الى تغيير تقنيتهم هم في بعض الأحيان، أو في إنتظار تطوّر تكنولوجيا "4-إي تي إس" في مراحل تالية لتستجيب الى رغبات هؤلاء بشكل أكثر دقة. لكن الإنطباع الذي خرجت به "الحياة" بعد إختبار السيارة بمحرّك الأسطوانات الست وعزمه كان مقنعاً جداً في الإختبار على مضمار خاص بإختبارات الرباعي قرب حلبة بول ريكار، يوحي بأننا سنشهد في المستقبل تطويرات أخرى لهذا النظام، وليس عودة عنه الى الأنظمة التقليدية. وفي صيغته الحالية يمكن الإعتماد عليه الى حد بعيد حتى في دروب شديدة الوعورة. لكن هنا أيضاً: ماذا تعني الوعورة لكل منا؟ ملاحظة أخيرة: لا ينبغي إستنتاج أي رأي في أداء السيارة على الرمال، فتلك لم تكن متوافرة في ظروف التجربة. وإستفسرت "الحياة" عن كيفية تفاعل النظام مع نمط القيادة على الرمال، نظراً الى إختلافه تماماً عن القيادة في المسالك الصخرية أو الموحلة، وتطلّبه الى إستغلال السرعة بإستمرار، عوضاً عن التأني. فكيف تعطي وحدة التحكّم أوامرها في تلك الظروف عندما ستتضاعف سرعة وصول المعلومات عن سرعة كل من العجلات، وهي ستبقى متفاوتة بإستمرار؟ والى أي حد سيتدخّل الكبح والى أي مدى لن يؤثّر ذلك الكبح، على بساطته، في تغريز السيارة عوضاً عن تركها تعبر بخفّة فوق الرمال؟ طبعاً، لم يغفل مهندسو مرسيدس-بنز إختبار النظام في صحارٍ رملية أيضاً، ومنها التونسية. لكن التجربة الشخصية تبقى هي الحاسمة أيضاً في كل من الدول الصحراوية الأخرى. فليست مصداقية مرسيدس-بنز هي الموضوع هنا، بل مدى تأقلم تلك التقنية الجديدة مع ظروف قاسية ومتنوّعة كما في الخليج العربي مثلاً. يبقى القول أنه في النظر الى إنحصار عمل نظام "4-إي تي إس" دون سرعة 60 كلم/ساعة ثم يبقى شغّالاً حتى 80 كلم/ساعة، يتبدّل أسلوب تعامل السيارة مع الرمال في السرعات التي تتعدى 80 كلم/ساعة على نحو أفضل من الناحية النظرية. وترحّب "الحياة" بآراء قرائها من أي من تلك الدول، في كيفية تفاعل هذه التقنية الجديدة مع طبيعة الخليج.