في رد فعل سريع على "اتفاق الرياض" لتقليص المعروض من النفط، ارتفع سعر البرميل اكثر من دولارين أمس الاثنين، فيما علمت "الحياة" من مصدر مسؤول في منظمة "اوبك" ان الاجتماع الطارئ للمنظمة قد يعقد في فيينا في 30 آذار مارس الجاري للنظر في التخفيضات التي قررتها دول أعضاء في المنظمة بعد اجتماع الرياض الذي أدى الى قرار بخفض انتاج السعودية وفنزويلاوالمكسيك بمستوى 600 ألف برميل يومياً ابتداء من أول نيسان ابريل المقبل. وأعلنت الكويتوايرانوالامارات عن تخفيضات بمستوى 125 ألف برميل يومياً للكويت و140 ألف برميل يومياً لايران و125 ألف برميل للامارات. وأكدت مصادر نفطية مختلفة من دول خارج "اوبك" ان المؤتمر الطارئ للمنظمة سيقتصر على الاعضاء دون سواهم. وقال مصدر رفيع مطلع على أعمال "اوبك" منذ فترة طويلة لپ"الحياة" انه يخشى ان يكون الاتفاق بالتخفيض التزاماً جدياً فقط من دول الخليج الثلاث، السعودية والكويتوالامارات، إذ ان انتاجها الحالي معروف وواضح. اما بالنسبة لبقية الدول مثل فنزويلا، فقال المصدر انها تنتج حالياً 4.3 مليون برميل يومياً، وأنها إذا ارادت "اظهار جدية" في القرار، فإنها ستخفض انتاجها الى 2.3 مليون برميل يومياً. إلا انه بامكانها الادعاء قبل انعقاد المؤتمر الطارئ لپ"اوبك" انها كانت تنتج 6.3 مليون يومياً وأن قرارها بخفض 200 ألف برميل يومياً سيؤدي الى مستوى انتاج جديد هو 4.3 مليون برميل. وتوقع المصدر ان تتوصل "اوبك" الى خفض يصل الى نحو مليون برميل يومياً وأن ينخفض انتاجها من 29 مليون برميل يومياً حالياً الى 28 مليون يومياً، مشيراً الى انه خلال الربع الثاني من السنة لن يكون الطلب أكبر من 26 مليون برميل يومياً. وقال المصدر انه على رغم تحسن الأسعار الذي شهدته السوق أمس، إلا ان التحسن لن يكون كبيراً إذا لم تتعاون كل الدول بجدية لخفض انتاجها. وبدأ منتجو النفط امس الاثنين رويترز جني ثمار الاتفاق الذي تم التوصل اليه في السعودية لسحب الكمية الفائضة من الانتاج بما يراوح بين 6.1 مليون ومليوني برميل من النفط يومياً من الأسواق التي تشهد وفرة في المعروض. وبحلول ظهر أمس في سنغافورة ارتفع سعر خام برنت بحر الشمال في التعاقدات الآجلة في بورصة "سيمكس" بين دولار و5.1 دولار عن مستوى الاغلاق في لندن الجمعة الماضي. وواصلت اسعار النفط الخام ارتفاعها في التداولات الآجلة في بورصة النفط الدولية في لندن حيث ارتفع مزيج برنت في عقود ايار مايو بعد ظهر أمس اكثر من دولارين الى 60.15 دولار للبرميل عقب اتفاق خفض الانتاج. وبلغ أدنى مستوى لمزيج برنت أمس 84.14 دولار للبرميل. وقال مصدر في "اوبك" ان اتفاق الرياض يفترض خفض انتاج النروج وروسيا بواقع 100 ألف برميل يومياً وخفض انتاج ايران 200 ألف برميل وماليزيا 30 ألف برميل ونيجيريا 125 ألف برميل يومياً، ليصل اجمالي التخفيضات بين 16 دولة منتجة للنفط الى 725.1 مليون برميل. وكشف مصدر نفطي لپ"الحياة" تفاصيل الموقف النروجي تجاه اتفاق الرياض وقرارات خفض الانتاج الأخيرة. وقال ان النروج كان من المفترض ان تحضر اجتماع الرياض الثلاثي مع فنزويلاوالمكسيك، وأن المدير العام للنفط والطاقة النروجي تور سانفولد كان في الرياض الأربعاء الماضي في زيارة سرية تناولت مقترحات خفض الانتاج. وأوضح ان الحكومة النروجية موافقة على خفض انتاجها لكنه لم يحدد حجم الخفض. وأشار الى انها لا تستطيع تفعيل قرارها من دون موافقة البرلمان النروجي "الذي نتوقع ان يقر خفض الانتاج". وأعلن المصدر ان كل دول "اوبك" باستثناء قطر أعلنت رسمياً خفض انتاجها وأن الحجم الاجمالي للخفض بلغ 3.1 مليون برميل، مشيراً الى ان قطر اعلنت استعدادها لخفض الانتاج بمقدار 20 ألف برميل يومياً، والى ان "اوبك" طلبت منها ان تخفض الانتاج بما مقداره 60 ألف برميل يومياً على الأقل. من جهتها، قالت قطر أمس انها تبحث في خفض انتاجها النفطي بنحو 20 ألف برميل يومياً من مستواه الحالي في اطار اتفاق الرياض الذي يهدف الى رفع أسعار النفط العالمية. وقال مسؤول قطري ان بلاده ستحذو حذو الأعضاء الآخرين في "اوبك" بهدف رفع الأسعار واستعادة الاستقرار لسوق النفط. وتنتج قطر حالياً وفقاً لتقديرات السوق 680 ألف برميل يومياً، فيما تبلغ حصتها الرسمية 413 ألف برميل يومياً. وقال محللون أمس ان الاتفاق أثار ارتياح المنتجين خصوصاً دول "أوبك" التي يهيمن النفط على اقتصادها، بعد تدهور أسعار النفط في الأشهر الثلاثة الماضية لتصل الى ادنى مستوياتها خلال 9 أعوام. وجاء في بيان أصدرته وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية الأحد ان الوزراء اتفقوا على ان السوق البترولية في حاجة ماسة الى خفض الانتاج بشكل فوري بمقدار يراوح بين 6.1 ومليوني برميل يومياً ابتداء من أول نيسان ابريل حتى نهاية السنة الجارية. ويبلغ المعروض حالياً في السوق العالمية للنفط نحو 75 مليون برميل يومياً. وأعلنت السعودية خفض انتاجها 300 ألف برميل من أول نيسان، فيما ستقلص فنزويلا، أكبر منتهكي نظام الحصص في "اوبك"، صادراتها بمقدار 200 ألف برميل. والتزمت ايران بخفض 140 ألف برميل والكويت 125 ألف برميل والامارات 125 ألف برميل والجزائر 50 ألف برميل. وقالت اندونيسيا انها لا تزال تدرس حجم الخفض. والدولة الوحيدة خارج "اوبك" التي اعلنت خفض انتاجها هي المكسيك وبمقدار 100 ألف برميل. ورحبت عُمان باتفاق الرياض، وأعلنت أمس خفض انتاجها من النفط 30 ألف برميل، علماً ان انتاجها اليومي يبلغ 900 ألف برميل، على ان يبدأ الخفض ابتداء من أول نيسان ايضاً، وذلك مساهمة منها في تحسين الأسعار ووقف التدهور الذي تشهده الاسواق العالمية. في القاهرة رويترز قال مسؤول في وزارة النفط المصرية امس ان مصر لا تعتزم خفض انتاجها من النفط في اطار مساعي الدول المنتجة لرفع الاسعار، فيما صرح عبدالله سالم البدري وزير الطاقة الليبي ان ليبيا ستخفض انتاجها بواقع 80 ألف برميل يومياً. وفي صنعاء أعلن مسؤول نفطي ان اليمن لا يبحث حالياً في أي خفض في انتاجه النفطي. ونقلت وكالة انباء الامارات عن وزير النفط والثروة المعدنية الاماراتي عبيد بن سيف الناصري دعوته جميع الدول المنتجة من خارج "أوبك" لأن تحذو حذو المكسيك. ووصف الناصري اتفاق الرياض بأنه "واقعي" في ضوء الظروف الحالية. وقال انه جاء نتيجة مشاورات طويلة بين الدول المنتجة للنفط بسبب الانخفاض الحاد في اسعار النفط. وقال الناصري في تعقيب له على الاتفاق بثه برنامج "أسواق" من تلفزيون أبو ظبي "ان خفض الانتاج يعود لكل دولة على حدة، الا انه يتعين الوصول الى الرقم المستهدف وهو بين 1.6 مليون برميل يومياً ومليوني برميل يومياً". ولفت الى ان الدول المنتجة الكبيرة تتحمل العبء الأكبر من التخصيص. وعن الضمانات لالتزام الدول المنتجة بهذا الاتفاق بعدما تجاوزت دول كثيرة بينها فنزويلا حصصها الانتاجية وتسببت في انهيار الأسعار، قال الناصري، وهو رئيس الدورة الحالية في "أوبك": "علينا ألا نركز على ما حدث في الماضي. واعتقد انه يتعين علينا الآن ان ننطلق انطلاقة جديدة والالتزام بالاتفاق الجديد".