جمع المؤرخ السعودي سعد بن عبدالله الجنيدل في "معجم التراث - السلاح" الصادر حديثاً عن دارة الملك عبدالعزيز في الرياض قرابة 130 أداة تراثية من الأسلحة ولوازمها ظلت مستخدمة في الجزيرة العربية حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري. واحتلت البنادق والسيوف والخناجر النسبة العظمى منها. وضمَّن الجنيدل معجمه نصوصاً شعرية من الأدب الشعبي تضيء المواد التراثية لغوياً وتاريخياً، مع نصوص شعرية ونثرية فصيحة اذا كانت الأداة ذات اسم فصيح، مع ذكر سبب التسمية والأماكن التي تشيع فيها وذلك بعد كتابة اسم العينة مفرداً مشكلاً بالإعراب حسب وروده في اللهجة العامية ثم كتابة جمعه. وفي حال كان اسم العينة تركياً أو فارسياً فإنه يعمد الى توثيقه في قواميس لغته الأصلية، موضحاً الى جانب ذلك المواد والخامات المستخدمة في الصناعة. ومعجم السلاح الذي جاءت مواده مرتبة ابجدياً يضم 78 صورة ملونة للعينات التي يتحدث عنها، وقائمة بالمراجع والمصادر وأهم الرواة وهو يشكل اضافة مهمة لدارس التراث السعودي، وللغوي الذي يتتبع لهجات قبائل الجزيرة العربية عبر أشعارها النبطية وتسمياتها لمفردات الحياة لا سيما ما استجد منها قادماً باسمه غير العربي من البلاد الاجنبية. ويعتبر سعد بن عبدالله الجنيدل 75 عاماً الذي تختزن ذاكرته - فضلاً عن كتبه - تاريخ المملكة العربية السعودية وأحداثه على المستويات كافة، شاهداً على حقبة طويلة من تشكل الدولة السعودية الثالثة، وتدرجها على سلم الحضارة والتطور. ومتحفه التراثي الضخم تجسيد حي لذلك التاريخ، وتكاد مقتنياته تغطي كامل الأدوات والأساليب الحياتية التي كانت مستخدمة في مناطق المملكة كلها في الماضي القريب. ولمناسبة صدور معجمه التراثي عن السلاح التقته "الحياة" فكان هذا الحوار في متحفه: قمت برحلات مع الشيخ حمد الجاسر لمسح الجزيرة العربية، فماذا أثمرت تلك الرحلات؟ - أثمرت رحلاتنا التي بدأت العام 1395 وانتهت العام 1397ه عن تأليف معجم "عالية نجد" في ثلاثة مجلدات، وكتاب عن "بلاد الجوف" وآخر عن مدينة "القويعية" غرب الرياض، ومعجم للمواضيع التي وردت في صحيح البخاري في مجلدين، ومعجم تحت الطبع عن الأماكن الواردة في القرآن الكريم. وماذا عن كتابكم "مواضع المعلقات العشر"؟ - هذا المؤلف حظه تعس فقد طبعته جامعة الإمام محمد بن سعود العام 1400ه وكتبت عليه عبارة "يوزع بمناسبة الافتتاح" للجامعة في 9 جمادى الأولى. لكن قامت الحرب الايرانية - العراقية، وظل الكتاب محجوزاً حتى الآن في الجامعة مع انه كتاب نادر. هل تعتقد بأن تاريخ الجزيرة العربية ما زال مدفوناً تحت الأنقاض كما يقول بعض المؤرخين؟ - بالنسبة الى التاريخ الشفهي فدارة الملك عبدالعزيز قامت منذ سنتين بمسح شامل للمملكة والتقت كل من عنده معلومات تاريخية وسجلتها وجمعت كل الوثائق التي وجدتها. والقول ان التاريخ لم يكتب غير صحيح، فالتاريخ لا ينتهي، التاريخ مثل الجدار يستمر مع الأجيال وكل جيل يضيف اليه لبنة وهكذا. ولو حصرنا - مثلاً - ما كتب عن الملك عبدالعزيز في العالم العربي والعالم الخارجي لوجدنا ما لا يحصى من المؤلفات. ما هو الكتاب الذي تحرص على اقتنائه؟ - اضافة الى القرآن الكريم، والحديث وتفسيره، والفقه وأصوله، وتاريخ الأمة الاسلامية، والأدب العربي، وما كتب عن الدولة السعودية والدعوة السلفية… فانني أقرأ لابن غنام كتابه عن الدولة السعودية الأولى، و"تاريخ نجد" لابن بشر، لكن مع الأسف لم يتوافر له محقق جيد مع انه لا يوجد من يكتب عن الدولة السعودية الأولى والثانية الا ويقتني هذا الكتاب. هل حبك للتاريخ جعلك تمتلك متحفاً كبيراً؟ - هذا التراث يمثل تاريخنا الاجتماعي، ومن يدرس تاريخ الجزيرة لا بد ان يقتني متحفاً. ثم انني وجدت في العام 1391ه ان الأجانب خصوصاً الأوروبيين والأميركيين ينهبون هذا التراث، فالسيف الذي يساوي 200 الف ريال يشترونه بثلاثين ريالاً فقط، فعزمت على اعداد معجم عن تراث الجزيرة من ستة اجزاء، يضم الأسلحة والإبل والخيل والمباني والأثاث والأواني والأطعمة وأدوات الزينة والزراعة والحرف، وكوّنت متحفاً كان مزاراً للجميع الى ان اشترته مني وزارة المعارف. ثم وفقني الله بشراء متحف آخر، وحتى يومنا هذا أذهب كل خميس الى سوق الأثاث لشراء الآثار. وما هي أغلى قطعة اشتريتها في هذا المتحف؟ - هامة من الذهب 84 غم عيار 24 تغطي رأس المرأة اشتريتها بأحد عشر ألف ريال من القصيم، ولا يوجد مثيل لها. متحفك يحتضن العديد من البنادق فهل بينها شيء للملك عبدالعزيز رحمه الله؟ - عندي "أخت" أول بندقية استعملها الملك عبدالعزيز، عندما حاصر ابن رشيد مدينة شقرا وأراد الملك عبدالعزيز ان ينجدها فعقد سرية بقيادة مساعد بن سويلم الذي أعطاه الملك عبدالعزيز بندقيته الخاصة، وبقيت معه وورثها ولده من بعده، فأرسلت له شخصاً فأخبره ان الأمير سلمان علم بها وطلبها منه. اما آخر بندقية استعملها الملك عبدالعزيز فهي "السواري" التي سلمها ابنه الأمير طلال لدارة الملك عبدالعزيز، وقد أحضرها لي لأكتب عليها اسمها. وكان الملك عبدالعزيز رحمه الله يسميها "عافية" كما قال فؤاد حمزة، فمنذ ان تسلح بها الملك عبدالعزيز لم تأته الحروب. لك مؤلفات في الأدب الشعبي فكيف ترى هذا الأدب الآن؟ - الأدب الشعبي مصدر أدبي مهم لهذا البلد، ولم اجد أية قطعة أثرية الا وعليها شواهد من الشعر الشعبي. وهناك وقائع للملك عبدالعزيز لا تجد ما يعطيك عنها تفصيلاً الا الأدب الشعبي، وفي كتابي "عالية نجد" أكثر من 1400 موضع كلها محققة ولها شواهدها من الأدب الشعبي. لذا فإن الأدب الشعبي الحقيقي الذي يمكن ان تستفيد منه هو الذي بدأ من القرن العاشر الهجري وحتى منتصف القرن الرابع عشر وتحديداً حتى العام 1350ه. اما بعد ذلك فلا يصلح للاستفادة منه. كان الشاعر الشعبي يهتم بالمواضع، ومعالم البلاد، والوقائع التاريخية، والأشياء التراثية. اما الآن فالله المستعان… وبصراحة لا أقرأه حتى لا أضيع وقتي في ما لا يفيد!