تنظر محكمة النقض في العاصمة الموريتانية منذ يومين في أحكام أصدرتها محكمة الجنح في المدينة في شباط فبراير الماضي في حق عدد من السياسيين المهتمين بحقوق الأقليات العرقية والاجتماعية، اتهموا بالمس بصورة البلد وتقديم "أنباء كاذبة". وكانت أحكام بالسجن 13 شهراً صدرت ضد رئيس منظمة "اس. او. اس لمكافحة الاسترقاق" أبو بكر ولد مسعود ورئيس "المنظمة الموريتانية لحقوق الإنسان" الشيخ سعدبوه كمرا. والمنظمتان غير معترف بهما رسمياً. كما صدرت أحكام مماثلة ضد آخرين بينهم إبراهيم ولد ابتي، وهو من أبرز المحامين الموريتانيين. واعتقل هؤلاء بعد ظهور بعضهم في برنامج بثته القناة التلفزيونية الفرنسية الدولية "سي اف إي" يتحدث عن وجود عبودية في موريتانيا. وكانت نقطة الضعف التي نفذت العدالة من خلالها إلى المتهمين، هي ظهور البرنامج في شكل أكد للمشاهد المطلع على الأوضاع في البلد ان بعض الصور "كان أشبه بالتمثيل ولا يعكس الواقع". وعرفت موريتانيا العبودية منذ القدم، لكن هذه الممارسة حظرت في الستينات واتخذ بداية الثمانينات اجراء للقضاء على مخلفاتها. ولا يوجد ما يرغم أحداً على أن يكون عبداً لغيره، لكن أحفاد الأرقاء السابقين يعيشون في أدنى درجات السلم الاجتماعي، ولو تغيرت أوضاعهم المادية والثقافية. وتعيش الغالبية أوضاعاً من الفقر والتخلف تجعل كثيرين يلجأون للأسياد السابقين. وهناك علاقات شبه أسرية بين كثيرين من أحفاد الأرقاء والأسياد السابقين. واتخذت جماعات تنتمي إلى هذه الفئة الاجتماعية من واقعها موضوعاً لنشاطها السياسي، وأبرزها "حركة الحر" المنقسمة بين السلطة والمعارضة، ويحتل المؤيدون فيها للسلطة حقائب وزارية ووظائف إدارية مهمة، بينما يقود آخرون أحزاباً سياسية تمارس نشاطها في شكل مشروع. ومن أبرز الناشطين المدافعين عن حقوق "الحراطين" الأرقاء السابقين الوزير السابق مسعود ولد بلخير رئيس حزب "العمل من أجل التغيير" المعارض.