يتوقع المراقبون ان يشكل القانون المالي للموازنة المقبلة في المغرب أول اختبار حقيقي للحكومة الجديدة التي شكلها السيد عبدالرحمن اليوسفي، والمؤلفة من سبعة أحزاب معارضة. وستكون الموازنة التي ستعرض على البرلمان في أيار مايو المقبل وتدخل حيز التنفيذ في تموز يوليو، آخر موازنة قبل السنة 2000، والأولى التي تعمل باتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي في بروكسيل في شباط فبراير الماضي. وهذه أول حكومة مغربية تكاد تكون موجهة في شكل شبه كامل نحو المجالات المالية والانتاجية والقضايا الاجتماعية والانسانية، وهو ما فسره المراقبون بسعي اليوسفي الاشتراكي الى التركيز على أولويات المغرب المتمثلة في تأهيل الاقتصاد المحلي للاستحقاقات المنتظرة مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الدولية، والسعي الى معالجة الخلل الاجتماعي الذي تضرر من برنامج التقويم الهيكلي الذي طبقه المغرب مع صندوق النقد والبنك الدوليين منذ عام 1983 وفي مقدمها مجال العمل وبطالة الشباب. وقال اليوسفي "ان أولويات العمل العاجلة للحكومة تكمن في البحث في الحلول الممكنة لبعض القضايا الاجتماعية ومنها البطالة". وكان الملك الحسن الثاني وضع الخطوط العريضة لتوجهات الحكومة أثناء الخطاب السنوي لعيد الجلوس على العرش 3 آذار عندما دعا الى مواصلة العمل ببرنامج معالجة الديون الخارجية، والاستمرار في تأهيل الشركات المغربية للمنافسة الدولية، وتعزيز مناخ الأعمال والاستثمار والاهتمام بالبطالة ورفع التهميش عن الأرياف فضلاً عن اصلاح الإدارة والقضاء وإعادة النظر في التعليم الذي وصفه بأنه لم يعد يساير العصر. ويتوقع أن يقدم اليوسفي البرنامج التفصيلي لحكومته أمام البرلمان في الأسابيع القليلة المقبلة لحيازة الثقة. ويتبين من ملامح التوجهات العامة ان المغرب سيواصل العمل ببرنامج الاندماج في الاقتصاد العالمي وزيادة الانفتاح على الأسواق الخارجية، والعمل بنظام السوق وفق شروط معينة ومواصلة خطة التخصيص التي كلف بها وزير من حزب الاستقلال. الخلل في الموازنة ويتطلع المراقبون الى وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو الذي كان يشغل منصب رئيس التكتل الاشتراكي في البرلمان باعتباره من المعول عليهم في الحكومة الجديدة في مجال تدبير المالية العمومية، ومعالجة الخلل في الموازنة، وتقليص حجم المديونية الخارجية. ويتمتع السيد ولعلو، وهو استاذ للاقتصاد في جامعات عدة ورئيس اتحاد الاقتصاديين المغاربة، برصيد من الثقة في عدد من الأوساط المالية والاقتصادية، ومنها الكونفيديرالية العامة للمقاولات المغربية التي تمثل وجهة نظر القطاع الخاص. ويقول المراقبون ان حكومة اليوسفي تواجه وضعاً اقتصادياً ملائماً في المغرب بعد فترة الأمطار الغزيرة في الخريف والشتاء الماضيين. وتراوح توقعات النمو بين 8 و11 في المئة في نهاية السنة الجارية على أن يتواصل التراجع في عجز الميزان التجاري وعجز ميزان المدفوعات وان تراوح معدلات التضخم بين 2 و3 في المئة.