يأمل المغرب باستعادة الدينامية السابقة لاقتصاده وتحقيق نمو يراوح بين أربعة وخمسة في المئة من الناتج الإجمالي العام المقبل، عبر إطلاق عدد من المشاريع والمبادرات ذات الطابع المالي والاجتماعي وزيادة حجم الاستثمارات العامة لتشجيع النشاط الاقتصادي ومعالجة الحسابات الكلّية وتقليص عجز الموازنة والميزان التجاري. وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس في مراكش مجلساً للوزراء خصص لتقديم مشروع موازنة عام 2013 الذي سيعرض على مجلس النواب في الأسبوع الرابع من تشرين الأول (أكتوبر). وأفاد بيان للديوان الملكي بأن موازنة العام المقبل تهدف الى تحقيق أولويات عدة تتعلق بتعميق الإصلاحات وتحسين الحوكمة لاستعادة التوازنات الماكرو - اقتصادية والمالية٬ والرفع من تنافسية الاقتصاد٬ وتقليص الفوارق الاجتماعية والقطاعية ومواصلة تأهيل نظام التعليم٬ ومحاربة الأمّية والفقر وتيسير الحصول على الخدمات الرئيسة مثل الصحّة والسكن٬ وتعزيز آليات التضامن٬ وتحسين ظروف عيش المواطنين، خصوصاً في الأرياف والمناطق المعزولة. وأكدت مصادر بأن موازنة العام المقبل تتوقع زيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى مستوياتها السابقة، المحددة في خمسة في المئة، وهي النسبة الواردة في برنامج الحكومة التي واجهت العام الحالي ظروفاً إقليمية ودولية غير مساعدة، منها الأزمة في منطقة اليورو وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، في وقت تراجعت إيرادات السياحة والتدفقات المالية والاستثمارات الخارجية، ما زاد في عجز ميزان المدفوعات وقلّص الاحتياط النقدي. ويتوقع ان يخسر الاقتصاد المغربي نحو نقطتين من النمو العام الجاري بسبب الوضع الدولي وتراجع الإنتاج الزراعي وتقلّص الصادرات نحو أوروبا. وكلما تراجع النمو ارتفعت معدلات البطالة. وتابعت المصادر ان معالجة بطالة الشباب الجامعيين تقع ضمن اهتمام الموازنة المقبلة التي تقترح حلولاً في مجال دعم مشاريع الشركات الصغرى والمتوسطة والعمل الذاتي. ويحتاج الاقتصاد المغربي إلى توفير نحو 200 ألف منصب عمل جديد سنوياً لإبقاء البطالة في معدل 9 في المئة، ما يتطلب تحقيق نمو فوق خمسة في المئة في المتوسط. وتتعرض الحكومة الإسلامية إلى ضغط متزايد من الشباب العاطلين المطالبين بالتوظيف في القطاع العام، وكانت الحكومة رصدت 26 ألف وظيفة في موازنة العام الحالي، لكنها تظل أقل من المطلوب في بلد يمثل الشباب ثلث سكانه البالغين 35 مليوناً. وترغب الحكومة بحسب تسريبات مشروع الموازنة المقبلة الاهتمام بأوضاع الفئات الفقيرة والمهشمة، وزيادة حجم الدعم المالي المقدم مباشرة إلى الأسر التي تواجه صعوبات في تعليم أطفالها. وسيلعب «صندوق دعم التماسك الاجتماعي» دوراً في تعميم نظام المساعدة الطبية٬ وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج المساعدات المالية المباشرة وإدراج عائلات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن المستفيدين من الدعم المالي. ويلعب «برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» منذ عام 2005 دوراً مهماً في تقليص معدلات الفقر والتهميش في المغرب الذي يطاول نحو خمسة ملايين شخص. ويتوقع ان تواجه الحكومة معارضة قوية لدى إقرار الموازنة الجديدة في البرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بخاصة بعد ان صدرت تصريحات من الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة، حميد شباط، ودعوته إلى تعديل وزاري في الشهور المقبلة.