أعلن مصرف «جي بي مورغان» الأميركي أن الاقتصاد المغربي كان أقل اقتصادات شمال إفريقيا والشرق الأوسط تضرراً بتداعيات «الربيع العربي»، وحقق نمواً بلغ نحو ثلاثة في المئة من الناتج الإجمالي وحافظ على وتيرة التدفقات الاستثمارية الأجنبية المقدرة ب 3.5 بليون دولار عام 2012، في وقت تراجع فيه النمو والاستثمار الخارجي في معظم اقتصادات الربيع العربي. وتوقع أن ينمو الاقتصاد المغربي نحو 4.7 في المئة هذه السنة، على أن يتراجع عجز الموازنة إلى خمسة في المئة وعجز ميزان المدفوعات الخارجية إلى 6.5 في المئة بعدما بلغ 9.3 في المئة العام الماضي نتيجة ارتفاع الواردات واستقرار الصادرات بسبب الصعوبات الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي. ودعا المصرف في تقرير حديث حول دول التحول الديموقراطي في المنطقة العربية، الحكومة المغربية إلى مواصلة الإصلاحات الضرورية لخفض عجز الموازنة وميزان التجارة الخارجية، ومعالجة خلل صناديق التقاعد والرعاية الاجتماعية، وإعادة النظر في برامج دعم أسعار السلع الأساس التي كلفت الاقتصاد العام الماضي نحو 6.4 في المئة من الناتج المحلي. ولفت إلى أن الاقتصاد المغربي يواجه تحديات داخلية وإقليمية وظروفاً خارجية غير مساعدة تضغط على قدرة ميزان المدفوعات على تمويل التجارة الخارجية، بسبب ضعف تنافسية الصادرات وتباطؤ الطلب الأوروبي، إضافة إلى ارتفاع الاستهلاك المحلي للسلع الخارجية، ما أدى إلى تفاقم العجز المالي وانخفاض الاحتياط النقدي من العملات الصعبة. ونصح المصرف، الذي أعلن رغبته في فتح فرع له في الدارالبيضاء في أول دخول له إلى منطقة شمال إفريقيا، بالإسراع في معالجة وضع «صندوق المقاصة»، الذي سيكلف الخزانة العامة نحو خمسة بلايين دولار هذه السنة، للحفاظ على أسعار المحروقات التي تضررت من ارتفاع قيمتها في السوق الدولية، كما لم يستبعد أن تلجأ الحكومة إلى زيادة جديدة في أسعار المحروقات على غرار التي أقرتها الصيف الماضي لمواجهة ارتفاع أسعار النفط التي حددتها الموازنة بين 100 و105 دولارات للبرميل، في حين تجاوزت 113 دولاراً الأسبوع الماضي. ويبدو الاستقرار الاجتماعي والإصلاح السياسي والاقتصادي واعتماد دستور جديد في المملكة من العوامل التي أكد المصرف أنها مشجعة للاستثمار الخارجي، إذ زادت نسبته 40 في المئة في المغرب وتقلصت 24 في المئة في تونس و108 في المئة في مصر العام الماضي. ولكن الرباط ستواجه هذه السنة عودة التضخم بسبب ارتفاع الأسعار نحو اثنين في المئة في المتوسط، وانخفاض النفقات الحكومية من 29.5 إلى 28.3 في المئة من الناتج المحلي بسبب الصعوبات المالية، في حين يحتاج الاستثمار المحلي إلى 36 في المئة من الناتج للحفاظ على وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة خلل سوق العمل التي تضررت من ضعف معدل النمو الذي تراجع اثنين في المئة عن مستوياته السابقة. وبيّنت «المندوبية السامية في التخطيط» أن الاقتصاد المغربي خلق 127 ألف فرصة عمل جديدة العام الماضي، 63 ألفاً منها في المدن و64 ألفاً في الأرياف، وفي المقابل خسر الاقتصاد 126 ألف وظيفة في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء والأشغال، ما زاد معدل البطالة 0.1 في المئة إلى 13.4 في المئة في المدن، وخصوصاً بين الشباب الحاصلين على شهادة جامعية والذي تراوح أعمارهم بين 24 و35 عاماً. ويرصد محللون خلافات عميقة بين مكونات الحكومة حول الطريقة الأفضل التي يجب اعتمادها لتسريع الإصلاحات المنتظرة، بسبب تباين بين آراء كل حزب سياسي حول التعاطي مع ملفات البطالة ودعم الأسعار وصناديق التقاعد والعجز المالي.