خيمت أجواء التشاؤم أمس على امكان اجراء محادثات جادة بين الطرفين، الصربي والألباني، في شأن مستقبل اقليم كوسوفو، فيما غادر المبعوث الأوروبي بلغراد من دون أي اشارة الى أنه حقق تقدماً في حل المشكلة المتفاقمة في البلقان. من جهتها جددت بلغراد اعتراضها على مقررات اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال في لندن، وجاء في بيان صدر أمس عقب جلسة للحكومة الاتحادية اليوغوسلافية خصصت لبحث هذه المقررات بأنها "تشكل تدويلاً لقضية داخلية لصربيا ويوغوسلافيا". وأضاف البيان: "ان مناقشة أمور داخلية في اجتماعات لدول عدة والتهديد باتخاذ اجراءات وضغوط تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية وتعود بعواقب وخيمة على العلاقات العامة". وفي نيويورك طلب مجلس الأمن من أطراف الصراع في كوسوفو التمسك بضبط النفس ودعاها في بيان أصدره الى "الدخول في حوار سياسي يؤدي الى حل المشكلة بطرق سلمية". وأكد المجلس على "وجوب احترام سيادة الأراضي اليوغوسلافية وحدودها". واعتبر المراقبون هذا البيان رفضاً من المجلس لطموحات ألبان كوسوفو في الحصول على استقلالهم التام. وفي بريشتينا أخفق الطرفان الصربي والألباني تحقيق اجتماع بينهما وأعلن الطرف الصربي تمديد عرضه المفاوضات الى اليوم الجمعة. ووصف المراقبون الحال بأنها "تجعل الأمل في وصول المحادثات الى نقاط لقاء يكاد يكون معدوماً". وكان وفد الحكومة الصربية المكون من نائبي رئيس الحكومة الصربية راتكو ماركوفيتش وراتومير فيسو، ووزيري العلاقات الدينية اندريه ميلوسافليتش والدولة ايفان سيدلاك وصل الى المقر الحكومي في بريشتينا إلا أن أي وفد ألباني لم يحضر للتفاوض معه. وأبلغ مصدر ألباني في بريشتينا "الحياة" هاتفياً: "ان رئيس جمهورية كوسوفو المعلنة من طرف واحد ابراهيم روغوفا التقى مع نظرائه من الزعماء الألبان من أجل اتخاذ قرار في شأن المشاركة في المحادثات وتشكيل الوفد المخول بحضورها". وأضاف المصدر انه "يسود الاعتقاد بأن الجانب الألباني سيطلب مشاركة جهة ثالثة في أي مفاوضات بصفة وسيط ومراقب للتأكيد على أن عرض الحكومة الصربية ليس جاداً وانما محاولة مخادعة للظهور أمام المجتمع الدولي كمن لديه الاستعداد لايجاد تسوية". ومن جانبه أعلن رئيس الوفد الصربي راتكو ماركوفيتش انه "سيدخل في المحادثات من دون شروط إلا أنه يقتضي احترام الدستور اليوغوسلافي". وبدت الأجواء التي أحاطت بمحاولة المفاوضات كالحة اذ أصدر جيش تحرير كوسوفو السري أمس بياناً جاء فيه "على الشعب الألباني مواصلة الكفاح من أجل تحرير كوسوفو على أسس حقوقه التاريخية وارادته في الاستقلال ووحدة أراضيه وينبغي على الأطراف الدولية كافة ان تعترف بدولة كوسوفو وتدين الاحتلال الصربي". وأشار بيان جيش تحرير كوسوفو الى أن مقاتليه "صعدوا هجماتهم على القوات الصربية المعتدية وألحقوا بها خسائر فادحة خلال الأيام الأخيرة". وأعلنت الأحزاب الألبانية الرئيسية في كوسوفو ان أي مفاوضات مع حكومة بلغراد ينبغي أن تقوم على أساس الاستقلال. وأفاد الزعيم الألباني ابراهيم روغوفا الذي يتوقع ان يرأس وفد كوسوفو إذا دخل المفاوضات "انه سيصر على الاستقلال لأنه ليس من شأن الحكم الذاتي سوى اندلاع صراعات جديدة في كوسوفو". وردت وزيرة اعلام الحكومة الصربية رادميلا ميليتييفيتش بأن موقف روغوفا "يبعث على التشاؤم ولا يوفر أي امكان للمحادثات". وغادر بلغراد أمس وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية توني لايد الذي قام بجولة في منطقة البلقان مبعوثا لرئاسة الاتحاد الأوروبي للدورة الحالية من دون أن يحقق تقدماً في حل مشكلة كوسوفو. واستنكر لايد في تصريح له العنف الذي استخدمته الشرطة الصربية ضد الألبان في كوسوفو، إلا أنه رفض مطالب الألبان الداعية الى الانفصال والاستقلال. وقال: "ان المجتمع الدولي يعتبر كوسوفو اقليماً في اطار صربيا وينبغي ان يستمر هذا الوضع".