«سدايا» تعزز مشاركة السعوديات في مستقبل الذكاء الاصطناعي    الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    الإدارة الجديدة تكبح الفلول وتبسط سيطرتها.. سوريا.. العمليات في الساحل تقترب من نهايتها    الاحتلال الإسرائيلي قتل 12316 في غزة.. نساء فلسطين يواجهن التهجير والتجويع    زيارات أوكرانية وروسية وأمريكية مرتقبة.. السعودية تحتضن حراكاً دبلوماسياً عالمياً لترسيخ السلام    في ختام الجولة 24 من" روشن".. التعاون يقسو على ضمك.. والاتفاق يعبر العروبة    قطبا مدريد يخوضان ديربيين في سباقهما على اللقب    في الجولة 25 من دوري" يلو".. الحزم يواجه الجبلين.. والبكيرية في اختبار الجندل    1340 حالة ضبط ممنوعات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    ضبط أكثر من 20.7 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    نادي الأخدود الرياضي يحتفي بيوم المرأة بشراكة مجتمعية    عبر أنشطة وفعاليات ثقافية.. برامج رمضان في جدة التاريخية تعزز التراث والأصالة    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    أسعار الذهب تتراجع بشكل طفيف مع تحقق مكاسب أسبوعية    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    أمين منطقة القصيم يفتتح مقر حملة جود القصيم    «الزعيم» يختلف عن «السداسي»    كنو يمدد عقده مع الهلال    النجم الأزرق .. المصيف .. القارة والعلمين تصعد لدوري الدرجة الثالثة    سباق أشباه الموصلات    المملكة ترأس "وضع المرأة بالأمم المتحدة"    الدوادمي الأعلى في الأمطار    سارة بنت خالد ترعى حفل السحور السنوي ل"إنسان"    370 كشافاً يقدمون خدمات إنسانية لزوار المسجد النبوي    الفاخري: الإصلاحات في المملكة عززت مكانة المرأة    الملك وولي العهد يتبرعان ب70 مليون ريال ل«حملة العمل الخيري»    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تحصل على شهادة الريادة الذهبية في تصميم الطاقة والبيئة النظيفة LEED    40 مبدعًا يمثلون المملكة في آيسف 2025    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية    «رواشين» التوسعة.. لمسة تراث وتخليد تاريخ    تقنيات عالية لأنظمة الصوت بالحرم المكي    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    حملة "صم بصحة" تسجل ملياري خطوة    الصيام الإلكتروني    أمير نجران يقلد الشمري رتبته    نائب أمير حائل يستقبل العياد    فلسفة الطير: حكمة العلوّ ورؤية ما لا يُرى    حين تربي طفلك فأنت تصنع مجتمعا    العلم شامخ والدعوة مفتوحة    وزارة الداخلية.. منظومة متكاملة لأمن وطمأنينة قاصدي الحرم النبوي    المرأة ومأزق المربع الأول    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    "حارة الأحمدي" تقيم أطول مائدة رمضانية في جازان من صنيع الأمهات    %59 من السعوديين لا يمارسون الأنشطة الثقافية.. وجازان تتصدر    براءة اختراع لكشف سوسة النخيل    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    الذكاء الاصطناعي يقتحم المطبخ    تقنية متطورة لاستئصال أورام الدماغ    موقف لودي من مواجهة الهلال وباختاكور    الفتح يعاود تدريباته و "دجانيني" يواصل برنامجه العلاجي    كفاءة الإنفاق بالتعليم تلغي اللجان المركزية    في يومها العالمي.. المرأة السعودية تتقدم وتشارك بفعالية في بناء الوطن    Pressreader: السعودية الخيار الجذاب للدبلوماسية العالمية    أمير القصيم يشارك أبنائه الأيتام وذوي الإعاقة مأدبة الإفطار    الجامعة العربية تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع الأمنية في سوريا    صناعة المدير الجنرال    أمير منطقة جازان يشارك رجال الأمن في الميدان إفطارهم الرمضاني    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"درس في التانغو" : عندما تنساق المخرجة خلف غواية الرقص !
نشر في الحياة يوم 09 - 02 - 1998

يقع هذا الفيلم على الحدود الواهية ما بين الواقع والسينما، في تناوله تجربة مخرجة سينمائية سعت الى تعلم دروس في التانغو، الرقصة الارجنتينية الشهيرة، لتنتهي الى فكرة اخراج فيلم حول الموضوع. وكي توقع المتفرج بهذا الوهم، تركت سالي بوتر الأسماء كما هي في الواقع، وقامت باداء الدور الرئيسي في الفيلم.
المخرجة البريطانية سالي بوتر معروفة كمخرجة مسرحية وسينمائية، قدمت من قبل أفلاماً وثائقية وفيلمين روائيين "حفارو الذهب" 1983 بطولة جولي كريستي، و"أورلاندو" 1992 الذي رشح للأوسكار وحصل على تقدير النقاد في أماكن عدة في العالم، وهو عن رواية لفرجينيا وولف. في هذا الفيلم تنتقل بوتر الى عوالم أخرى مختلفة، فهذا فيلم موسيقي راقص، مهووس بفكرة التانغو. لكن الى أي مدى يقدم حبكة مقنعة تبرر كل مشاهد الرقص؟
يفتتح الفيلم بمشهد جلوس مخرجة في أواخر اربعيناتها الى طاولتها لكتابة سيناريو فيلم عن قتل متسلسل لعارضات أزياء. تتقاطع مشاهد السيناريو المفترض بصرياً مع مشهد كتابته، وقد ميز الفيلم بين المستويين: الأبيض والأسود للمشاهد الواقعية، والألوان للسيناريو الذي تجري كتابته. تنتقل سالي الى باريس، هناك يتسلل الى سمعها صوت موسيقى تانغو أثناء مرورها أمام أحد المسارح، فتدخل لتتفرج على ثنائي راقص، أحدهما الراقص الارجنتيني الشهير بابلو فيرون. بعد العرض تطلب من الشاب ان يعلمها الرقص، ويبدأ من ثم تقسيم الفيلم الى دروس - تكمل عشرة مع نهاية الفيلم - تتوزع أماكنها ما بين باريس ولندن وبيونس ايرس.
تنساق البطلة الى فكرة الدروس، وعندما تستدعى الى هوليوود لمناقشة السيناريو المقترح لفيلمها تتضايق من الاقتراحات الكثيرة المقدمة لتعديل الفيلم، فتقرر ان تنساه بعد ان تكتشف انها كانت تشتغل على فيلم لن تنجزه. تعود الى باريس وتخبر بابلو بقرارها، وتبدأ فكرة انجاز فيلم تكون موضوعته رقصة التانغو. تتبادل مع بابلو الاتفاق، هو يعلمها الرقص باحتراف وهي تجعله بطل فيلمها القادم.
يتمتع الفيلم بالعديد من المشاهد الراقصة الجميلة التي صممها بابلو بنفسه واقعياً. لكن ذلك كان على حساب تماسك الفيلم الذي بدا ضعيفاً غير مقنع في كثير من الأحيان. وقد يعزى هذا الضعف الى ان السيناريو لم يعتمد على نص مكتوب، كما هي الحال مع فيلم المخرجة السابق "اورلاندو" الذي اعدته بنفسها، على رغم ان الرواية تبحر في التاريخ أربعة قرون. لكنها هنا تنساق خلف غواية المشاهد الراقصة، متنقلة بسهولة بين عواصم العالم، تحكي عن فيلم ستخرجه، لا تقدم سوى بروفات للرقص. لم تعد تفكر بالسيناريو كما كانت تفعل مع فيلمها الذي تخلت عنه.
يحاول "دروس في التانغو" مقاربة أفلام هوليوود الموسيقية، مع فارق في النظرة، ففي هذه الأخيرة هناك دائماً حبكة تعتمد على وجود رجل، يلتقي بفتاة فيمنحها دوراً في العرض.
اما هنا فالمرأة هي التي تبادر لتقديم الرجل في فيلمها المقبل، فسالي بوتر مناصرة متحمسة للحركة النسوية، لذا تمنح الشخصية النسائية دوراً ايجابياً. ان رقصة التانغو رقصة الهيمنة الذكورية، الرجل فيها هو الذي يقود المرأة، ويحدد حركتها، لذا كان النزاع دائماً يثور بين سالي وبابلو الذي يقول لها غاضباً في أعقاب حفل مشترك قدماه في باريس، انها في رقصها لا تنقاد له لذا تحد من حريته في الحركة. لكنها عندما تقرر ان تدخله في فيلمها المقبل تفرض عليه الشرط نفسه، ان تقوده في مجالها الخاص بها.
الفيلم الذي يبدأ برغبة شديدة لتعلم التانغو ينتهي بتعلم أشياء كثيرة عن الحياة والعلاقة بين الرجل والمرأة والغيرة والفقدان. تقول المخرجة في مقابلة معها ان الفيلم يعتمد كثيراً على جانب من تجربتها الشخصية. ففي العام 1993 تعرفت على بالو وبدأت معه دروساً في التانغو، ثم قدما كثنائي عروضاً مشتركة في امستردام ومرسيليا. وقد أرادت من فيلمها هذا التركيز على جاذبية المتضادات: الثقافة الانغلوساكسونية في مقابل الثقافة اللاتينية، الذكورة مقابل الأنوثة، العاشق والمعشوق، القائد والمقاد، والصراع بين شخصين كل منهما اعتاد ان يكون في مجاله الابداعي هو القائد. ونضيف كذلك الفارق في العمر ايضاً، ثم الخلاف في الأديان، فالمخرجة يهودية، وعندما قررت مع بابلو ان يتزوجا اصطحبته الى كنيس يهودي بعد ان ارتدى القبعة التقليدية، واكتفى المشهد بتقديم ترتيل ديني طويل لا مبرر له.
يقدم "درس في التانغو" متعة بصرية لمحبي هذا الفن، اضافة لرشاقة كاميرا مدير التصوير روبي مالر الذي أجاد تحريكها في مختلف مشاهد الرقص، لتركز على زوايا مختلفة في المكان والأشخاص. كما ان فكرة انجاز الفيلم بالأبيض والأسود تعيد الى الاذهان رومانسية الافلام الكلاسيكية، اضافة بالطبع لمتعة موسيقى التانغو بحد ذاتها، والتي قدمت كذلك كخلفية لبعض المشاهد. وأجاد مالر استغلال الحساسية الضوئية، ويمكن ملاحظة ذلك في المشاهد التي صورت في شقة المخرجة، إذ يسود الضوء الأبيض، ويبدو متسقاً مع بياض صفحات الورق، وعدم قدرة سالي على الكتابة.
قامت سالي بوتر باداء الدور الرئيسي في الفيلم، للمرة الأولى في حياتها. وباستثناء تميزها في مشاهد الرقص، وهو مجالها الذي تجيده كما يبدو، لم تقدم اداء متميزاً وانما باهتاً ضعيفاً، خصوصاً في تعابير الوجه. وهي تبرر ذلك بأنها لم تجد بين الممثلات من هي كفؤ للقيام بهذا الدور، اما راقصات التانغو الشهيرات فليس بينهن من مثلت من قبل. لكن النتيجة الأخيرة ان المخرجة انجزت فيلمها الشخصي الذي كانت تحلم به، ويتماهى مع حياتها الواقعية، رقصت رقصتها المفضلة، ثم انتهى الفيلم بأغنية حب تؤديها هي بصوتها الخاص!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.