حذر مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية فيصل الحسيني من تفجر مواجهة دامية بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال الاسرائيلي في ضوء اقرار وزارة الداخلية الاسرائيلية خطة هيكلية لبناء بؤرة استيطانية يهودية في حي رأس العامود في القدسالمحتلة. وقال الحسيني ل "الحياة" ان الحكومة الاسرائيلية "تدفع الفلسطينيين وبشكل متسارع الى حافة الهاوية وحافة الصدام"، معتبراً الاجراءات الاسرائيلية "دعوة صريحة الى العودة الى وضع ما قبل العملية السلمية"، في اشارة الى الانتفاضة الذي استمرت ست سنوات. وكشف النقاب امس عن اقرار وزارة الداخلية الاسرائيلية التي يترأسها ايليا سويسا، المعروف بحماسه الشديد لتهويد المدينة المقدسة، اقامة 132 وحدة سكنية استعمارية يهودية على ما يقارب 14 دونماً في الحي الفلسطيني كان المليونير اليهودي الاميركي ارفينغ موسكوفيتش قد استولى عليها في وقت سابق. وكانت النيابة العامة الاسرائيلية اصدرت قراراً في ايلول سبتمبر من العام الماضي يمنع بموجبه بناء البؤرة الاستيطانية المذكورة "لأنها تمس باستقرار الدولة" على خلفية موجة الاحتجاجات الفلسطينية التي رافقت محاولات المليونير اليهودي بناء الوحدات السكنية واسكان يهود متطرفين في بنايتين فلسطينيتين تم الاستيلاء عليهما ايضاً. وربط الاعلان الاسرائيلي الذي ورد في "الاقرارات الرسمية" بناء المستعمرة الجديدة بالسماح للمواطنين الفلسطينيين في حي رأس العامود ببناء مساكن لهم على اراضيهم. وحذر الحسيني من ان الشارع الفلسطيني الذي فقد ثقته بالعملية السلمية "سيسلك طريقاً آخر غير المسيرة السلمية وربما يثور علينا نحن ايضاً الداعين لاتباعها" معتبراً القرار الاسرائيلي "اضافة جديدة الى كمية هائلة من المتفجرات التي راكمتها اسرائيل ويمكن ان تنفجر في أي لحظة". وبموجب هذا القرار تكون وزارة الداخلية الاسرائيلية قد وضعت هذا المخطط الذي لا ينقصه سوى الحصول على تصريح بالبناء من جانب بلدية ايهود اولمرت الاسرائيلية موضع التنفيذ. وفي البلدة القديمة في القدسالشرقية لم يدع أولمرت اي مجال للشك بشأن منح بلديته هذه التصاريح، اذ اعلن خلال جولة قام بها هناك امس عن دعمه ومساندته لبناء الحي الاستيطاني الذي سيقسم حي رأس العامود الى شطرين. وقال اولمرت للصحافيين ان قرار الداخلية يشمل ايضاً بناء 500 وحدة سكنية للفلسطينيين في الحي المذكور، نافياً ان يكون القرار الاسرائيلي سبباً في حدوث توتر في المدينة. ويعيش في حي رأس العامود الذي يشرف على الحرم القدسي 11 ألف فلسطيني سيتم حرمانهم، في حال بناء البؤرة الاستيطانية، من الحركة بحرية من جانب مئات اليهود الذي اعلنت حركة "عطاريت كوهانيم" المتطرفة عزمها على اسكانهم فيها في تكرار للوضع القائم في مدينة الخليل التي زرع في وسطها حي استيطاني يهودي يعيش فيه 400 مستوطن أدى الى تقسيم المدينة بين فلسطيني ويهودي بموجب اتفاق الخليل المبرم بين السلطة الفلسطينية وحكومة بنيامين نتانياهو. ووصف رئيس لجنة التوجيه العليا للمفاوضات مع الاسرائيليين صائب عريقات القرار الاسرائيلي بأنه "خطير للغاية"، مضيفاً انه "يشكل ضربة كبيرة جداً لعملية السلام في وقت تبذل فيه الجهود لانتشالها من الجمود الذي تعانيه". اما حركة "السلام الآن" اليسارية الاسرائيلية، التي تظاهر العشرات من انصارها في الموقع المستهدف للبناء في الحي الفلسطيني، فاتهمت الحكومة الاسرائيلية باستغلال الازمة العراقية وتحول اهتمام الناس اليها لفرض وقائع جديدة على الارض. وقال سكرتير الحركة موشي راز في تصريحات صحافية ان "اقرار البناء في هذا الوقت الذي يلتفت فيه الاسرائيلي والعالم بأسره على منطقة الخليج يهدف الى فرض امر واقع على الارض". وحذر من "ان يتسبب البناء بدفن العملية السلمية". وحاولت مصادر سياسية اسرائيلية التقليل من خطورة قرار ايلي سويسا واصفة إياه بأنه "قرار اجرائي". وصرح ناطق باسم رئاسة الوزراء الاسرائيلية شاي بزاك بأن حكومة نتانياهو لا تزال تعارض بناء هذه المستعمرة "بسبب حساسية المكان الذي ستبنى فيه"، وانها قادرة على الاعتراض على قرار وزارة الداخلية. وقالت مصادر سياسية اسرائيلية ان بناء المستعمرة في حي رأس العامود سيفجر الخلافات من جديد بين نتانياهو ورئيس بلدية القدس الاسرائيلي اولمرت الذي يعتبر من أشد المنافسين له وطرح اسمه لخلافة نتانياهو في رئاسة الليكود في وقت سابق من العام الماضي. وكانت وزارة الداخلية سمحت ببناء 70 وحدة سكنية في تموز يوليو الماضي في حي رأس العامود القريب من جبل الزيتون في القدسالشرقية. وقد اعترض رئيس الوزراء على هذه الموافقة في حينه معتبراً ان الوقت ليس ملائماً بعدما حذرته اجهزة الامن الداخلي الاسرائيلية شين بيت من مخاطر "توتر شامل" اذا ما وضع المشروع قيد التنفيذ. ودان النائب العمالي نيسيم زفيلي قرار الداخلية ووصفه بأنه "مؤسف وخطير وغير مسؤول". وأضاف في تصريح لوكالة الانباء الاسرائيلية ان "هذا القرار يمكن ان يفجر عملية السلام ويسيء الى العلاقات مع الولاياتالمتحدة في وقت يعتبر التعاون معها مهماً بالنسبة الى اسرائيل بسبب الازمة في الخليج".