واصلت وحدات الجيش اللبناني البحث عن قائد "ثورة الجياع" الشيخ صبحي الطفيلي امس، في الجرود المحيطة ببلدة بريتال مسقط رأسه من اجل توقيفه، تنفيذاً لاستنابة من النيابة العامة العسكرية، من اجل التحقيق معه، فيما أبلغ مصدر أمني رفيع المستوى "الحياة" ان سرعة اتمام المهمة تتوقف على تحديد المكان الذي لجأ اليه في الجبال، يرافقه عدد من المسلحين. وفيما تركزت الجهود على تجنب دخول قوى الجيش بلدة بريتال، قال المصدر الامني ل "الحياة" ان قوى الجيش ستلاحق الطفيلي حتى توقيفه لتسليمه الى القضاء فيما سرت اشاعات ان من الصعب القبض عليه، نظراً إلى أن عدد المسلحين الذين معه قد يسبب صداماً دموياً تسعى السلطات المعنية الى تجنبه. لكن المصادر الرسمية أكدت أن هناك قراراً بتوقيف الطفيلي ولو لم يكن هناك مثل هذا القرار لما كانت صدرت الاستنابة القضائية وبلاغ التحري عنه وعن آخرين. وصدرت مواقف عدة امس، تعليقاً على الاحداث الامنية التي شهدتها بعلبك يوم الجمعة الماضي، اشادت بقوى الجيش، وركز بعضها على استيعاب الاحتقان الذي نجم عن الاشتباكات. وتردد ايضاً ان بين الافكار المطروحة في سياق استيعاب الاحتقان الحاصل ان يلجأ "حزب الله" الى نعي الشيخ طليس، الذي كان فصل من الحزب قبل نحو اسبوع من مقتله، واعتباره شهيداً للحزب. وتمنى مصدر في "حزب الله" "عدم اللجوء الى توقيف الشيخ الطفيلي ومعالجة الموضوع بطريقة تنهي ذيول ما حدث خصوصاً انه رجل دين". وأضاف المصدر "صحيح ان الشيخ الطفيلي اخطأ، الا ان مطالبه محقة". وأبدت لجنة المتابعة للأحزاب والقوى اللبنانية التي اجتمعت بعد ظهر امس في مقر الاعلام المركزي ل "حزب الله" اسفها الشديد للتطورات الدامية التي حصلت في البقاع والاصابات والخسائر التي وقعت. وأشادت بالجهود التي بذلتها قيادة الجيش وبالموقف الحكيم ل "حزب الله" وجميع الاطراف لمعالجة هذه الفتنة ووأدها. ونددت "بكل محاولة لزعزعة السلم الاهلي لأن ذلك يؤدي الى اضعاف القوى المقاومة للعدو الصهيوني". ودعت القوى الامنية الى "التعامل في حكمة مع اهلنا في بلدة بريتال" داعية الى "ضرورة معالجة الوضع الانمائي والاقتصادي في المنطقة". واستمر الهدوء في بريتال التي بدأت تستعيد حياتها الطبيعية وينتظر استئناف الدراسة فيها خلال الساعات المقبلة. وأكد شهود عيان في البلدة ل "الحياة" ان وحدات الجيش خففت امس في شكل ملحوظ من اجراءاتها التي كانت فرضتها على مداخل البلدة التي شهدت حركة عبور طبيعية ولم تسجل التقارير الامنية حصول اي اشكال. في مقابل ذلك قامت قوة من الجيش بحملات دهم في جرود بريتال والبلدات المحيطة بها ادت الى توقيف بعض الاشخاص المطلوبين للعدالة بمذكرات توقيف وأحيلوا فوراً على القضاء العسكري. وقالت مصادر رسمية ان القوى الامنية لا تتعاطى مع بلدة بريتال على أساس أنها عاصية على الدولة، على نحو يطرح تساؤلات عن دخولها او عدم دخولها، مشيرة الى انها "تقوم بواجباتها تنفيذاً للاستنابة الصادرة عن النيابة العامة العسكرية بملاحقة الشيخ الطفيلي وأتباعه لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص". وأعلن عضو لجنة المتابعة في بلدة بريتال الحاج أكرم طليس ان "الوضع في البلدة عاد طبيعياً بعد التطمينات التي تلقاها الاهالي من الرئيس نبيه بري وقيادة الجيش اللبناني والقوات السورية". واعتبرت اللجنة ان "وجود الجيش في المنطقة ضروري من اجل الحفاظ على الامن والاستقرار". وكان تفتيش قوى الجيش بعض المنازل عند اطراف البلدة ادى الى مخاوف لدى بعض الشبان من حصول اقتحام لها. في هذه الاثناء اخلت امس وحدات الجيش مبنى الحوزة الدينية في منطقة عين بورضاي في بعلبك وسلمتها الى ادارتها المسؤولة التي تتولى الاشراف عليها، وقامت بعد ظهر امس بالكشف على الاضرار. وعلمت "الحياة" من مصادر شيعية ان الحوزة الدينية ليست مؤسسة تنظيمية تابعة ل "حزب الله"، وانها بمثابة مدرسة دينية تتبع مباشرة لمرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي وان الشيخ محمد يزبك يتولى ادارة شؤونها ليس بصفته عضواً في شورى الحزب وانما لكونه الوكيل الشرعي العام للامام خامنئي في لبنان. وبالنسبة الى ما تردد عن ادعاء أو عدم ادعاء على الشيخ الطفيلي، قال مصدر قضائي رفيع ل "الحياة" أمس "لا يجوز ان نستبق الأمور، وان ندخل في سجال في شأن الادعاء أو عدمه، لأن الخطوة الأولى تقضي بتوقيف الشيخ الطفيلي والتحقيق معه، على ان يحال محضر التحقيق على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الذي يقرر الخطوة اللاحقة لجهة مصير الادعاء امام قاضي التحقيق". وختم ان "الخطوة الاولى على هذا الصعيد تتعلق بالتحقيق اذ من دونه لا يمكن تقرير الخطوة الثانية الخاصة بالادعاء". وأفادت مصادر قضائية ان التحقيقات الاولية لا تزال مستمرة على رغم تسلم الأدلة الجنائية، وهي مرهونة بانتهاء الشرطة العسكرية من اخذ افادات الموقوفين لتحديد دورهم بدقة. ومن المقرر ان تحيل الشرطة العسكرية افادات الموقوفين على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود لدرسها وفي ضوء ذلك يتم الادعاء امام قاضي التحقيق. الى ذلك عاد الى بيروت من دمشق بعد ظهر امس رئيس الحكومة رفيق الحريري، بعدما التقى فيها نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام مرتين، ورئيس الاركان العماد الاول حكمت الشهابي، ونظيره السوري السيد محمود الزعبي. وعلمت "الحياة" ان دمشق تعتبر ان الحال السياسية التي مثلها الشيخ صبحي الطفيلي في لبنان "صفحة طويت"، مشيدة بالجيش اللبناني وتمكنه من ضبط الوضع الامني ومبدية حرصها على "حزب الله" كقوة رئيسية تتصدى للاحتلال الاسرائيلي. وقالت مصادر واسعة الاطلاع ان المحادثات تركزت ايضاً في شكل رئيسي على الهم الجنوبي "من زاوية مواصلة اسرائيل المناورات الادعاء بنية تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 425 بالانسحاب من لبنان مع اشتراط التفاوض على ترتيبات امنية". وأوضحت المصادر ان البحث بين الحريري والمسؤولين السوريين تناول التطورات الاقليمية، خصوصاً على صعيد الاستنفار العسكري الاميركي في مواجهة العراق. وأطلع رئيس الحكومة دمشق على مضمون لقائه بالرئيس الفرنسي جاك شيراك والاتصالات التي اجراها الاخير مع الرئيس الاميركي بيل كلينتون من أجل اعطاء فرصة للجهود الديبلوماسية الهادفة الى تجنب الحل العسكري.