باريس، لشبونة - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - أكد الرئيسان الروسي بوريس يلتسن والفرنسي جاك شيراك أمس تفضيلهما الحل السياسي للأزمة مع العراق. وحذر يلتسن من ان العمل العسكري ضد العراق "محفوف بعواقب يصعب التكهن بها". وذكر الناطق الرسمي باسم الكرملين سيرغي ياسترجيمبسكي ان يلتسن يعتبر مثل هذا العمل خطراً على عملية السلام في الشرق الأوسط وأنه يمكن ان يؤدي الى "ضحايا كبيرة" من المدنيين. وأضاف ان الرئيس الروسي يعتبر ان "العمل السياسي لم يستنفد أغراضه بعد" وانه تحدث في هذا الشأن في مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي جاك شيراك، وقال ان الحديث "أوضح تقارباً كبيراً" في مواقف البلدين. كذلك أكدت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ان الرئيس شيراك اتصل أمس بنظيره الروسي ليطلعه على المهمة التي يقوم بها في بغداد الأمين العام للخارجية الفرنسية برتران دوفورك. وخلال اتصاله مع يلتسن الذي استغرق ثلاثين دقيقة أوضح شيراك ان "فرنسا، مثل روسيا، تواصل تفضيل الطريق الديبلوماسية للخروج من الأزمة وتأمين احترام العراق الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي". وأكد الرئيس الفرنسي ان "من الضروري بشكل خاص ان يسمح العراق للجنة الأممالمتحدة الخاصة المكلفة نزع السلاح العراقي القيام بعملها من دون عوائق". وأضافت كولونا ان "فرنساوروسيا ستواصلان مشاوراتهما مع الشركاء الآخرين في مجلس الأمن لكي يظهر المجلس حزمه ازاء العراق بالاجماع". ومن جهته أعلن وزير الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف ان موسكو تتلقى "معلومات تزداد أكثر فأكثر عن ان الضربة الأميركية للعراق يمكن ان تصبح واقعاً"، لكنه أضاف ان الولاياتالمتحدة "لم تتخذ بعد القرار على رغم انها قريبة منه". واعتبر الوزير الروسي العمل العسكري ضد العراق "خطأ جدياً للغاية" سيؤدي الى مضاعفات ونتائج سلبية كثيرة بالنسبة للمنطقة ومنظومة العلاقات الدولية عموماً، وتابع ان الضربة لا توجد لها مبررات حالياً وان الوضع يمكن تسويته بالأساليب السياسية الديبلوماسية على غرار ما حصل في أزمة الخريف الماضي، التي تم تفادي المجابهة خلالها اثر وساطة روسية ثم اجتماع وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن في جنيف. وشدد بريماكوف على ان موسكو ما برحت متمسكة بموقفها القاضي بأن على العراق تصفية أسلحة الدمار الشامل، لكنه ذكر ان هذا الهدف يمكن تحقيقه بأساليب ليست عسكرية. وشدد على ان الولاياتالمتحدة "لا تملك تفويضاً" بضرب العراق، وقال انه باستثناء بريطانيا لم يبد أي بلد استعداده للمشاركة في عمل عسكري ضد العراق. في بون، رفض كل من وزير الخارجية ووزير الدفاع الألمانيين أمس تأكيد أو نفي امكان مشاركة ألمانيا في دعم تنفيذ ضربة عسكرية ضد العراق تعد لها الولاياتالمتحدة. وبينما رفض وزير الدفاع فولكر رويه الاجابة عن سؤال وجه اليه في هذا الصدد اثر اجتماعه في ميونيخ مع رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا آزنار الذي يتقلد أيضاً حقيبة وزارة الدفاع اكتفى وزير الخارجية كلاوس كينكل بالقول "ان أحداً لم يوجه الى الحكومة الألمانية طلباً حتى الآن للمشاركة في دعم عملية عسكرية ضد بغداد". وأضاف ان مثل هذه القضايا "يمكن ان تقرر عندما يحين وقتها". وقال ان حكومته تعتقد بأنه اذا بقي الرئيس صدام حسين مصراً على رفضه تفتيش مواقع يُشك بوجود أسلحة فيها فمن غير المستبعد توجيه عمل عسكري الى العراق. وأكد كينكل انه سيبحث مع وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي وصل بعد ظهر أمس الى بون، الأزمة الراهنة مع العراق في الندوة المشتركة الدورية التي ستتطرق الى القضايا الثنائية والأوروبية والدولية. من جهة اخرى، أعلن الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب اتحاذ التسعين والخضر المعارضان عن رفضهما القاطع لمشاركة ألمانيا في ضربة عسكرية ضد العراق أو لارسال جنود ألمان الى منطقة الخليج في اطار قوة دولية، لكن رئيس لجنة الدفاع النيابية كورت روزمانيت من الحزب الحاكم لم يستبعد "مشاركة ألمانية ضمن ظروف محددة مثل قيام العراق بهجوم على اسرائيل، ولو ان ذلك غير محتمل" كما قال. في لشبونة قال بيل ريتشاردسون المندوب الأميركي لدى الأممالمتحدة ان بلاده حصلت على تأييد البرتغال لموقفها في شأن احتمال استخدام القوة ضد العراق. وأضاف ريتشاردسون بعد اجتماعه مع وزير الخارجية البرتغالي خايمي جاما في لشبونة: "نحن متفقان على ان انتهاج الطريق الديبلوماسي المدعوم بالتهديد بعمل عسكري يعد سياسة ايجابية". وفي لندن ابلغ روبين كوك وزير الخارجية البريطاني مجلس العموم ان بلاده "ستأخذ زمام المبادرة" في مجلس الامن الدولي لتقديم مشروع قرار جديد يسعى الى ضمان قيام النظام العراقي "بالسماح من دون أي قيود وبشكل كامل للمفتشين الدوليين دخول المواقع". وكرر كوك ان بريطانيا تؤيد الجهود الديبلوماسية الى تفادي الازمة، لكنه كرر بأنه لا يمكن استبعاد استخدام القوة اذا ما فشلت الجهود.