منطقة في الفن التشكيلي تظل معتمة، تلك التي تتعلق بعالم الفنان الداخلي، بالدوافع والالتزامات والتساؤلات التي يطرحها عن طريقة الاشكال والألوان. ناحية تؤثر في الابداع واختيار الأسلوب. لكنها تظل بعيدة عن نظرات الجمهور، مع ان فهمها قد يؤدي الى تبادل وتفاعل بين الفنان والمشاهد ومع العمل الفني عموماً. وأثارت أعمال الرسامة اللبنانية سوزان عجميان المقعدة والمبدعة حواراً في هذا الاتجاه بين زوار معرضها الذي يقام في كويكا غاليري - لندن، ويشارك فيه زوجها كريس كو بعدد من لوحاته الحديثة الكبرى. وتصر سوزان على انها ترسم لاثارة تساؤلات. واذا كان هذا الهدف يتطلب تجسيماً لموضوع أو قضية من خلال أشكال رمزية أو متعارف عليها. الا ان الرسامة تلغي التشكيلية وتتجاوزها الى بنية الموضوع الأساسية. ويظل مفتاح الدخول الى عالم اللوحة بيد الفنانة. وقد طلب مشاهدون شرحاً للوحاتها التي تحتوي على شرائط ألوان افقية، أحياناً تتداخل تلك الألوان بينما تظل في الغالب محتفظة بكيانها. وقد تبدو كأنها قضبان تسجن ضوءاً من ورائها. فالحرية ليست بعيدة عن التأويل هنا. الا ان الفنانة تقول انها ترسم استجابة لتأثيرات النفس: "لا فائدة من رسم مناظر الحرب فالجميع يعرف مظاهرها… الفنان يتعامل مع آثار العنف وصداه في النفس والحياة". سوزان وزوجها كو يتفقان على ان المذاهب الفنية الحديثة تدور في حلقة مفرغة، ومشغولة بالتحليلات الفكرية وبأنانيتها: "الفن يجب ان يظل حراً قادراً على الحركة والتدخل لمواجهة التحريف وتأثيرات الموضة…" الا انهما يختلفان في طرح "تساؤلاتهما". سوازن تلغي الرموز لتصل الى الصمت بينما تغطي لوحات كو رموزاً من ثقافات عدة كأنها حناجر تبحث عن أصوات .