يتحرّك جنين داخل لوحة، ويُلطّخ سائل أبيض باقي لوحات الفنانة التشكيلية السوريّة سارة شمّة (1975) التي رسمت إحساسها بالأمومة، وعلقته بعنوان «ولادة» على جدران غاليري «آرت هاوس» الدمشقي. تساءل جمهور شمّة عن السائل الأبيض الذي يُلطخ جسدها في اللوحة التي اختارتها للإعلان عن معرضها في شوارع دمشق. لكن، لا جواب تقدمه اللوحات، ولا الفنانة التي تقول: «تركت هذا للمتلقي». يشكّل السائل قناعاً يغطي وجهها في بعض الأعمال، ما يدفع المتلقي نحو الأمومة، فالحليب. ويصير هذا الأبيض في لوحة أخرى، ماء يغسل رجل وجهه فيه، ويصبه على نفسه من زجاجات للشهوة... تمدّ الفنانة أصابعها، وتُخرج وجهها من جدار بلون الطين. كأنها تحاول دخول عالم جديد. وفي لوحة مجاورة، تكتمل الفكرة، وتواصل الفنانة دخولها، فتظهر بطنها المنتفخة، ورأسها الناظر إلى الأسفل، نحو الجنين. سارة شمّة التي تستخدم الكاميرا الفوتوغرافية لتصوير المشاهد التي تنوي رسمها، ألقت بجسدها وسط فراغ شاسع في غالبية اللوحات، وأعطت للفراغ لوناً واحداً، ولم تتخلص بعد من ولعها بالألوان الحارة. في «ولادة»، ظلّت لوحاتها تتشابه في التقنيات، وفي تصوير حالات جسد الفنانة، ولا جديد في حالاتها إلا انتفاخ بطنها، وحليب الأمومة، ووجه زوجها إلى جسد اللوحات. حتى خيوط سارة البيض والحمر، التي تنزل في غالبية أعمالها السابقة، من أعلى اللوحة، ومن أطراف الأصابع لتزيين الأعمال، لم تُغادر هذه المجموعة أيضاً. لا تُحمّل سارة لوحاتها أية أفكار، هي ترسم لمجرد الرسم، كما تؤكد دائماً. لكن، يأخذ هذا الطرح، من يتجول بين لوحاتها إلى التساؤل عن جدوى وجوده بين عشرات اللوحات التي تُصوّر امرأة واحدة فقط، وربما لن تكون بالنسبة إليه فاتنة، ما قد يبعث على الملل، والهرب من الصالة... تأثرت شمّة بأسلوب الفنان الهولندي رامبرانت (1606 - 1669) من حيث طريقة تعامله مع الألوان والضوء، وفي رسمها المتكرر نفسَها، إذ تؤكد دائماً أن رسم الفنان نفسَه يحتاج إلى خبرة وتكنيك عاليين، «بعكس الفنانين العرب الذين تنقصهم الخبرة لرسم وجوههم في شكل صحيح» بحسب تعبيرها. مجموعة البورتريهات التي تضم 25 عملاً زيتياً، رُسمت جميعها العام الماضي، أثناء فترة حمل الفنانة بطفلها الذي لم يظهر في أي لوحة إلا داخل بطن أمه. مع العلم أن الفنانة قدّمت لوحات تصوّر طفولتها في معرضها السابق. ويُذكر أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اختار شمّة الشهر الماضي كشريكة له، لتعمل على دعم مشاريعه.