بات في حكم المؤكد من خلال المعطيات السياسية الراهنة وعلى الأقل في حدودها المحلية، ان العلاقة بين رئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وزير شؤون المهجّرين وليد جنبلاط وصلت الى طريق مسدود ولم يعد في مقدور الوساطات الداخلية ان توقف التأزم الذي آلت اليه، وأن الحل والربط بات في يد دمشق باعتبارها وحدها قادرة على التدخل من اجل رأب ما امكن من الصدع بين حليفي الامس. وعلى رغم احجام جنبلاط عن الرد على الخطوة التي اتخذها الحريري والرامية الى اعادة الاعتبار لقائم مقام شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ بهجت غيث، فان القرار فاجأ الجميع، ولم يكن احد في الطائفة الدرزية على علم به. وقالت مصادر وزير المغتربين طلال ارسلان لپ"الحياة" انه احيط علماً بمضمون هذا القرار من غيث وأنه كان يفضل ان يصار الى تصحيح الوضع قبل هذا الوقت، وبالذات يوم اصدر مجلس شورى الدولة حكمه الذي قضى بإبطال قرار رئىس الحكومة تكليف الشيخ سلمان عبدالخالق بمهام مشيخة العقل، مشيرة الى ان التأخر في اصدار القرار الى حين توترت علاقته بجنبلاط لم يكن في محله. وأكدت المصادر الدرزية ان ارسلان اعتبر ان التصحيح الذي صدر عن رئىس الحكومة، يأتي في سياق "الرجوع عن الخطأ فضيلة" وإن كان من اصحاب الرأي القائل بعدم اقحام الملف الدرزي في الخلافات السياسية الداخلية، على ان يترك للمعنيين في الطائفة الدرزية أمر معالجته. وفي المقابل، قالت اوساط سياسية لپ"الحياة" ان جنبلاط كان ينوي الرد على الحريري، إلا انه تريث استجابة لنصائح اسديت له من مقرّبيه وإن كانوا يظنون ان لا امل في عودة العلاقة بينهما الى طبيعتها، وان المشكلة لم تعد قابلة للحل ما لم تتدخل دمشق في الوقت المناسب. من هنا، اخذت الاوساط السياسية تراقب موقف ارسلان في ظل قيام اصدقاء مشتركين بعملية تصويب لعلاقته برئيس الحكومة، في وقت لم تنقطع اتصالاته بجنبلاط، وكان آخرها اتصال تلقاه بعد دقائق من القرار الذي صدر في شأن غيث. ورأت ان علاقة ارسلان بالحريري عادية وان القطيعة الحاصلة بين الاخير وجنبلاط لم تثمر عن بداية قيام حلف بين الحريري ووزير المغتربين، خصوصاً ان تحالفه السابق مع جنبلاط ادى الى جمود في العلاقة. ومع ان ارسلان يرفض الدخول كطرف في السجال الدائر بين الحريري وجنبلاط، وكان آخره الكتاب الخطي الذي صدر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء وطلب فيه من وزير شؤون المهجّرين "وضع خطة شاملة متكاملة لاستكمال عملية عودة المهجّرين الى مناطقهم"، فانه يبدأ اليوم تحركاً، بزيارة كل من رئىسي الجمهورية الياس الهراوي والحكومة، في ضوء معلومات افادت بأنه سيكون له موقف من القضايا المطروحة سيعلنه من القصر الجمهوري في بعبدا. وينتظر ان يزور ارسلان العائد من دمشق غداً وزير العمل اسعد حردان في حضور قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي الطوارئ ليتوجه بعد غد الاربعاء للقاء البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير في بكركي. اما بالنسبة الى اجتماعه بجنبلاط، فقد علمت "الحياة" ان لقاء سيعقد مساء غد في دارة ارسلان في خلدة وسيكون مناسبة لاستعراض الوضع العام في البلد، وخصوصاً مطالب الطائفة الدرزية.