بدأت في ايران امس الاحتفالات الرسمية بالذكرى ال 19 لانتصار الثورة الاسلامية في 1979 وتميزت هذه السنة بالمهرجان السينمائي الذي عكس رغبة في تعزيز الانفتاح ثقافياً وفنياً، واظهر اقبالاً كبيراً على الفن السابع. تستمر الاحتفالات عشرة ايام، وتنتهي في 11 من هذا الشهر، تزامناً مع الاعلان الرسمي في الاذاعة والتلفزيون الايرانيين قبل 19 عاماً ل "انتصار الثورة الاسلامية والقضاء على النظام الامبراطوري الشاهنشاهي". وككل عام تبدأ الاحتفالات في ذكرى عودة مؤسس الجمهورية الاسلامية اية الله الخميني من منفاه بعد 15 عاماً قضاها في العراق وفي ضاحية نوفل لوشاتو الباريسية. ولا يزال التلفزيون الايراني يبرز حتى الآن مشاهد حية لتلك العودة، خصوصاً نزوله من سلم الطائرة بوقار وهدوء، ممسكاً بيد قائد الطائرة التي اقلته، على رغم وجود نجله الراحل احمد الخميني. وبقي التساؤل حتى الآن عن سر طلب الخميني من قائد الطائرة ان يساعده على النزول، مع وجود نجله وعدد من رموز الثورة. بعضهم يقول ان الامام الخميني اراد ان يعبر عن شكره لقائد الطائرة وطاقمه على الجرأة في اصطحابه والنزول في طهران معرضاً حياته للخطر. وبعضهم يرى ان هدف الخميني كان عدم رغبته في ان يستغل اي من رموز الثورة أو قادتها ذلك المشهد. وأمس، القت مروحيات تابعة لسلاح الجو الزهور فوق الطريق الذي سلكه موكب الخميني من المطار الى "جنة الزهراء" جنوب العاصمة. ودقت النواقيس في الوقت ذاته في كل مدارس ايران واصطف التلاميذ رافعين شعارات ثورية ومؤيدة للثورة والنظام، وقرعت الكنائس الاجراس، واطلقت البواخر والقطارات صفاراتها. وزينت المباني العامة والشوارع والازقة والساحات الرئيسية والمساجد والنوادي باللافتات والصور والمصابيح. كما بث التلفزيون مشاهد واشرطة وثائقية وافلاماً تعرض تاريخ قيام الثورة وانتصارها. وقام اية الله علي خامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية، فجراً، بزيارة ضريح الخميني وأضرحة رموز الثورة والنظام الذين سقطوا خلال الثورة. وفي اطار التعبئة وحضّ الشباب على "المحافظة على تراث الامام" الخميني، بدأ مهرجان "عشرة الفجر" السينمائي الذي يقام منذ اعوام. لكنه بدا متميزاً هذه السنة، اذ حرص المسؤولون في وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي على اضفاء ابعاد "مهنية" تؤكد رغبة حكومة خاتمي في تخفيف القيود والرقابة على الفن السابع، والحرص على ابراز "الانفتاح" الذي تعهد رموز "العهد الجديد" بتعزيزه وتعميمه، ثقافياً وفنياً. وأكد مساعد وزير الثقافة للشؤون السينمائية المخرج سيف الله واد ان الوزارة "لم تعد راغبة في فرض وجهة نظرها على لجنة التحكيم خلافاً للسنوات الماضية". ويعرض على مدار ايام المهرجان العشرة ستون فيلماً في 15 دار عرض في طهران. ولوحظ في اليوم الأول اقبال استثنائي على دور العرض، واصطف المئات امام كل دار منذ ساعات الصباح الأولى. وقال شبان انهم اضطروا لانتظار دورهم ساعات وقوفاً للحصول على تذاكر الدخول. ومن الموضوعات التي تعالجها الافلام الايرانية المشاركة في المهرجان، والبالغ عددها 40 فيلماً، قضايا اجتماعية وسياسية وحتى رياضية، كالفقر والجاسوسية والحرب والجريمة والصراع مع اسرائيل والطفولة المشردة والتلوث وكرة القدم وحتى الرغبة في الاثراء السريع والهجرة الى الغرب بكل الطرق، وخصوصاً الى الولاياتالمتحدة. وكان لافتاً الحضور الكثيف للفتيات في دور العرض لمشاهدة الافلام حتى ساعة متأخرة من الليل. ويبدو ان الايرانيين حريصون على تعميم احتفالاتهم على العالم ايضاً، اذ اعلن رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية الشيخ محمد علي تسخيري ارسال اكثر من 300 من الوعاظ الايرانيين الى 80 من مدن العالم "بهدف المشاركة في برامج عشرة الفجر هناك".