يسود غموض في شأن الشخصية التي سيقع عليها الاختيار لخلافة نائب الرئيس السوداني الفريق الزبير محمد صالح، الذي قتل في حادث تحطم طائرة الخميس الماضي. ومعروف ان الخلافة لا تشمل المنصب فحسب، بل الملفات المهمة التي كان يشرف عليها نائب الرئيس والتي اثبت فيها نجاحاً كبيراً ايضاً. وأبرز هذه الملفات العلاقات مع مصر التي يهم الخرطوم استمرار التقدم على صعيد التقارب معها. ويزيد مسألة الخلافة تعقيداً امتناع المسؤولين السودانيين عن الحديث عن هذه القضية الحساسة فضلاً عن تركيبة العلاقات بين السياسيين في الحكم من جهة وبينهم وبين العسكريين والاطراف الاخرى المعنية بالملفات المهمة التي ادارها الزبير. وبين هذه التعقيدات أيضاً ان الرئيس عمر البشير سيكون صاحب القرار النهائي في اختيار خليفة الزبير الذي ارتبط معه بعلاقة قوية خلال الاعوام الپ35 الماضية. وطرح غياب الزبير تساؤلات عدة في وقت تدخل فيه الحكومة مرحلة تنوي خلالها اتاحة "حرية التعبير والتنظيم". ومن ابرز هذه التساؤلات العلاقة بين العسكريين والمدنيين في الحكومة والأثر الذي ستتركه الخطوة المقبلة على العلاقات المصرية - السودانية التي اثبت فيها الراحل نجاحاً كبيراً مكّن من تصفية خلاف عميق بين القاهرةوالخرطوم. ويثير مقتل الزبير ايضاً قضية اعطاء المنصب الثاني في البلاد لشخصية جنوبية في اطار اجراءات بناء الثقة والسعي الى انجاز اختراق اضافي في المشكلة الجنوبية اضافة الى النجاح الذي حققه نائب الرئيس الراحل وجعل ستة فصائل جنوبية مسلحة توقع اتفاقات سلام مع الخرطوم. وامتنعت مصادر الحكومة السودانية عن الخوض في هذا الامر بسبب حال الحزن التي خيمت على البلاد اثر الحادث. واستبعدت مصادر استطلعت "الحياة" رأيها ان يبحث الامر قبل اختتام اعمال "المؤتمر الوطني" وهو التنظيم السياسي الحاكم الأربعاء المقبل. وأشارت الى ان امر اختيار نائب الرئيس يخص البشير وحده، لكنها قالت انه "في ظل عدم وجود صراع على المنصب فإن الانظار تتجه الى التفكير في سبل لمواصلة العمل في الملفات المهمة التي كان يعالجها الراحل وحقق فيها نجاحاً يجب دعمه وتعضيده". وكانت "الحياة" تلقت معلومات افادت ان رئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي سيتولى في المرحلة المقبلة الاشراف على التنظيم السياسي في ظل تحول سياسي تنوي الحكومة انجازه على صعيد اتاحة مزيد من الحريات سواء في ظل اتفاق مع اطراف معارضة او في غيابه. وأشارت مصادر معنية عدة استطلعت "الحياة" آراءها في شأن خلافة الزبير الى صعوبة التكهن في هذا المجال، لكنها طرحت اسماء عدة بينها وزير الداخلية العميد بكري حسن صالح ووزير الخارجية السيد علي عثمان محمد طه والنائب الثاني للرئيس اللواء جورج كونغور ووزير الحكم الاتحادي الدكتور علي الحاج محمد. وجاء طرح هذه الاسماء لأسباب منطقية متعلقة بشبكة العلاقات بين مؤسسات الحكم والملفات التي تولاها الزبير. لكن التكهنات لم تستبعد ايضاً ان يستعين البشير بنائب من قدامى العسكريين الذين يحظون بالاحترام في الجيش ولدى دول تتعامل مع الملفات التي كان يتولاها صالح. وطرحت ايضاً افكار في شأن ابقاء المنصب خالياً لاستيعاب اطراف سياسية قد تدخل في اتفاق مع الحكومة في المستقبل. ومعروف ان وزير الداخلية يحظى باحترام واسع داخل الجيش ويعد من القادة الميدانيين اضافة الى اشرافه على الاجهزة الامنية منذ تولي البشير السلطة في 30 حزيران يونيو 1989. اما وزير الخارجية فهو برلماني عريق له اتصالات واسعة مع احزاب المعارضة اضافة الى كونه الرجل الثاني في الجبهة الاسلامية القومية التي تمثل مركز الثقل الرئيسي في الحكم. اما وزير الحكم الاتحادي فيعتبر المهندس الأول للتعامل مع الفصائل الجنوبية في حين ان النائب الثاني للرئيس ينتمي الى قبيلة الدينكا كبرى قبائل الجنوب.