حرص الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي على ان يجمع بين الاهتمامات الداخلية والهموم الخارجية وهو يتحدث لمناسبة الذكرى الپ19 لانتصار الثورة الاسلامية. فأكد "جدية" حكومته في نهج "الانفراج مع العالم" وتأمين "السلام الحقيقي" وان تعم "الحرية والعدالة كل شعوب العالم". وشدد على ان سياسته في هذا الاتجاه "ليست مجاملة"، مؤكداً ضرورة "التضامن" في الداخل الذي "لا يلغي الاختلافات الطبيعية". وأشار الى ما "يواجهه الشعب العراقي المسلم والمظلوم والعزيز من تهديدات جدية"، وحمل في شدة على "أي عدوان يلحق الضرر بالشعب العراقي"، مؤكداً ان ضرب العراق عسكرياً "ليس مقبولاً". ودعا الولاياتالمتحدة الى "التراجع" وناشد الحكومة العراقية في الوقت نفسه "ازالة مبرر" الاعتداء وتطبيق القرارات الدولية. كذلك انتقد خاتمي استمرار انتشار القوات العسكرية الاجنبية في الخليج وحملها مسؤولية "التوتر والتأزم" في المنطقة، واصفاً وجود أساطيل عسكرية في الخلج بأنه "اهانة لجميع شعوب المنطقة". كما أشار الى القضية الفلسطينية وعملية التسوية، ورأى ان المسيرة السلمية "لن تؤدي الى تضميد الجراح وانهاء الأزمة". وانتقد احتضان "بعض" الدول لجماعات وعناصر المعارضة الايرانية "الارهابية". وكان خاتمي يتحدث في "ميدان آزادي" سادة الحرية جنوب العاصمة أمام حشود كبيرة على رغم برودة الطقس وسقوط الثلوج بكثافة. ولاحظت "الحياة" توجه الناس الى ساحة "ازادي" منذ ساعات الصباح الأولى، وشاهدت عائلات بجميع أفرادها بمن فيهم الأطفال والرضع، ورُفعت لافتات ورددت المسيرة شعارات مؤيدة للثورة والنظام ومؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني ومرشد الجمهورية الاسلامية الحالي آية الله علي خامنئي والرئيس خاتمي وشارك في المسيرة ايرانيون من الطائفة الأرمنية، تقدمهم كبير الأساقفة الأرمن ارداك مانوكيان وعضو البرلمان ورطان ورطانيان والأمين العام لمجلس الطائفة ارشاديل كشيشيان. كما سُمع قرع الأجراس في بعض الكنائس وسط العاصمة عند التاسعة والنصف صباحاً، بعد ان كان الايرانيون رددوا هتاف "الله أكبر" على شرفات المنازل والسطوح ليل أول من أمس عند السابعة والنصف مساء كما درجت العادة سنوياً. كذلك لوحظ مشاركة رئيس البرلمان علي أكبر ناطق نوري وعدد من رموز التيارات، ولم يلاحظ حضور الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني. وأصدرت "حركة الحرية" المعارضة بياناً في المناسبة، اعتبرت فيه ان "ذكرى انتصار الثورة الاسلامية هي يوم الوحدة الوطنية وانتصار الحق على الباطل والقضاء على الظلم" مطالبة بالعمل من اجل "تحقيق الوحدة وتأكيد محورية القانون والمجتمع المدني". وفي كلمة موجزة بسبب سقوط ثلوج كثيفة، اعتبر خاتمي ان أهم نتائج الثورة هي "الجمهورية الاسلامية، أي سلطة الشعب بكل فئاته وطبقاته في اطار نظام دستور ومؤسسات وادارة البلاد وفقاً للشرع والأحكام السلامية". جازماً بأن "عظمة ايران تتحقق بالتمسك بالاسلام والثورة"، ودعا الى "المحافظة على التضامن الذي لا يلغي الوجود الطبيعي للاختلافات في النظام والمجتمع في اطار القانون بما سيؤدي الى التكامل والتقدم". وأشار خاتمي ضمناً الى رفضه نهج الاكراه والعنف واستخدام سلطة الدولة لفرض قيم الثورة والدين، داعياً الى "الايمان بجيل الشباب وفتح مجالات المشاركة النشطة والبناءة في كل المجالات … واحترام الذات والحرمة الانسانية للرجل والمرأة". وقوطع خاتمي مرات من الحاضرين لترديد شعارات مؤيدة له ومعادية لأميركا واسرائيل خصوصاً عندما تطرق الى القضايا الخارجية، وتميز بالثبات على المواقف التي أعلنها منذ انتخابه رئيساً للجمهورية قبل 8 أشهر، وأكد ان "ايران اليوم تنشد السلام والحرية والعدالة لكل شعوب العالم … نريد السلام الحقيقي الذي يحترم كل الناس ويعترف بحقوقهم، وهذه هي رسالة ثورتنا الى هذا العالم المتأزم والمُثقل بالحروب والنزاعات". والمعاني ذاتها رددها خاتمي أمام أعضاء السلك الديبلوماسي الأجنبي في طهران ليل أول من أمس، وأكد ان "ثورتنا تريد السلام والانفراج، وهذا ليس مجاملة بل هو أساس عقائدي ومنطقي… ونريد بناء علاقات على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل العالم، ونحن نعتبر انفسنا شعباً عزيزاً وشامخاً ولا أحد يتوقع منا ان نتخلى عن استقلالنا وكرامتنا". وفي حضور جميع السفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية الأوروبية، أشار خاتمي الى الجماعات والعناصر المعارضة الايرانية "الارهابية التي ما زالت تنشط بحرية في بعض الدول ضد مصالح بلادها وشعبها". كما تطرق خاتمي الى الأزمة الحالية بين العراقوالولاياتالمتحدة والأمم المتحدة، ورأى "ضرورة ان تطبق الحكومة العراقية القرارات الدولية، لكن الهجوم على العراق أمر غير مقبول لأن نتيجة الهجوم ستلحق الضرر بالشعب العراقي المظلوم فقط"، مؤكداً ان بلاده "تحترم وحدة الأراضي العراقية والسيادة العراقية". وناشد "كل الأوساط الدولية والشعوب والحكومات العمل على تفادي كارثة انسانية كبيرة في العراق". وتحدث بصفته رئيساً لمنظمة المؤتمر الاسلامي، داعياً الى "العمل من اجل السلام ومنع فاجعة في العراق تهدد أمن المنطقة"، وتابع: "نوصي الحكومة العراقية ان تلتزم بكل القوانين والقرارات الدولية لازالة مبرر عدوان الآخرين".