أود أن اسجل أولاً أن العام 1998 لم يشهد، من وجهة نظري، احداثاً ثقافية مهمة على مستوى العالم لجهة انعكاسها الايجابي على المستوى الثقافي العام. فما استوقفني على هذا الصعيد لم يكن مهماً بقدر ما كان سلبياً. ومن ذلك على سبيل المثال إدانة صدور حكم نهائي ضد روجيه غارودي بالسجن مع وقف التنفيذ ودفع غرامة. وأنا اعتقد ان هذا الحدث هو من اسوأ احداث القرن العشرين ثقافياً وليس العام 1998 فحسب، فغارودي ادين بسبب كتاب صدر له بغض النظر عن الاختلاف او الاتفاق مع ما ورد في هذا الكتاب. ثم إن حكم الإدانة اصدره قضاء فرنسا، البلد الاول في الدفاع عن الحريات وخصوصاً حرية الرأي. وهناك ايضا فيلم "تيتانيك" الذي حقق أعلى الايرادات في تاريخ السينما متجاوزاً فيلم "ذهب مع الريح"، رغم ان الاخير افضل من الاول فنياً مئة مرة، ورغم ان الفارق الزمني بين تحقيق العملين يبلغ نحو 60 سنة، وجاء في السياق نفسه فوز ساراماغو بجائزة نوبل في الادب، ومع احترامي الشديد لهذا الكاتب البرتغالي، الا انه لا يمكن إغفال كونه غير معروف في معظم دول العالم. وفي السياق نفسه - وإن كان على الصعيد العربي هذه المرة - يمكن الحديث عن الدورة العاشرة لمؤتمر وزراء الثقافة العرب التي عقدت في الشارقة في تشرين الثاني نوفمبر باعتبارها من اكثر الأحداث الثقافية العربية سلبية خلال 1998. اما بالنسبة الى مصر فجاءت الدورة العاشرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي أيلول سبتمبر بنتائج إيجابية نسبياً، إذ حصلت مصر للمرة الاولى على جائزة افضل عرض مسرحي وهو عرض "مخدة الكحل"، كما نوهت لجنة التحكيم بعرض مصري آخر خارج المسابقة الرسمية. ومن الاحداث المصرية ايضاً افتتاج "قصر الفنون" بمعرض "اعمال المستشرقين" واستضافة القاهرة لمعرض "من التأثيرية الى الحداثة" الذي اشتمل على اعمال عدد من اكبر رسامي العالم بيكاسو وفان جوغ وغيرهما، وكان فرصة نادرة، ارجو ان يكون الجميع في مصر - نقاداً ومبدعين - استفادوا منها. وبالنسبة الى السينما فإن اهم ما انتجته خلال ذلك العام هو فيلم "عرق البلح" للمخرج رضوان الكاشف. لكن يبقى مشروع "مكتبة الاسرة" الذي ترعاه السيدة سوزان مبارك اهم تلك الأحداث على الإطلاق، ففي 1998 ازداد انتشاره واتسعت سلاسله وترسخ تأثيره الايجابي. * ناقد مصري.