ما هو حدث السنة الثقافي؟ في الأعوام الإلكترونية التي نعيش أحسب أن مثل هذا السؤال بات بعيداً. ومن هو رجل العام؟ أشك أن رجلاً، أي رجل يمكنه أن يملأ عاماً كاملاً. ثمة حدث لكل يوم ورجل لكل يوم فإن يوماً عند ربك بألف سنة. وأظن أن يوماً الكترونياً بسنة وأكثر مما كنا نعد. لنتحدث عن شهب يومية وأحداث يومية ورجال لكل يوم فهذا أصح. هذه الأعوام الكوكبية أساطير وملاحم يومية. أعوام ذات أبعاد شتة ومنظور جديد. والأرجح أن ما يقع يحصل جله في الأبعاد التي لا نراها والجانب الآخر من المنظور. نحن الآن أقل من زمن نووي ومكان ملحمي، وما نراه نراه بأعين الفانين وبالأبعاد التي تراها أعين فانين. نرى الحدث القريب والرجل القريب والبعد الظاهر. أما غير ذلك فهو الخفاء في نفسه في عالم بات أكثر فأكثر في خفاء الكتروني. ثمة صديق يقول لي أن الحدث الثقافي الأهم في نظره هو المونديال. وهذه وجهة نظر لا ترد بسهولة إذا نحن تمعنا فيها. ما من حدث تلاقت وتقاطت عنده ثقافات ولغات ومستويات وزوايا نظر كما حصل حول المونديال، والأرجح أن أسئلة المونديال هي أسئلة الرياضة لكنها أيضاً أسئلة الأدب والفلسفة والفن وهي أيضاً أسئلة الميتافيزياء، وقد تكون أسئلة السحر. إذا صح ذلك بدا أن الثقافة اليوم في منعطف آخر وأحداثها حيث لا تستطيع هي أن ترى. وأن ما في خفاء الثقافة أكثر مما في ظاهرها. أمام ذلك ان الكلام عن كتاب أو نقاش أو جائزة أو عرض أو معرض أقل مما يجب فالأرجح أن الزمن الذي كانت فيه أحداث سنوية ولّى. لنقل أنها في الأكثر أحداث يومية. أحداث على هامش الأحداث الأساسية السريعة الأفول مع ذلك والتي نراها كلما أدرنا جهاز التلفزيون. إذ ينبغي أن نعاكس بين زمن الحضور وقوة الحضور أحياناً، وأن نراجع في جملة ما نراجع في مفهومنا للتراث والذاكرة. * شاعر وناقد لبناني.