إذا كان الصوم فريضة يجب على الإنسان أن يؤديها طاعة لله، فقد أثبتت الدراسات الحديثة ان الصوم إنما شرع لخير الإنسان في الدنيا، كما أنه السبيل إلى السعادة في الآخرة. الصوم عن الغذاء يحافظ على وظيفة أساسية مهمة وحيوية عند الإنسان، وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام. فها هو الدكتور الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب والجراحة يقول في كتابه "الإنسان ذلك المجهول": "إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس البشرية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام". والطب الحديث يثبت أن الصوم علاج من أمراض تصيب إنسان العصر الحديث نتيجة لزيادة كميات غذائه وما أدخله من وسائل صناعية لتنويع أصنافه وتغيير طعامه. فالصيام يفيد في حالات كثيرة، وهو العلاج الوحيد في أحوال أخرى. يستعمل الصيام في علاج اضطرابات الأمعاء المزمنة والمصحوبة بتخمر في المواد الزلالية والنشوية. وهو انجح من أي علاج آخر للتداوي من زيادة الوزن الناشئة عن كثرة الغذاء وقلة الحركة، كما يساعد في التخلص من مشكلة زيادة الضغط الذاتي الآخذة في الانتشار بسبب ازدياد الترف والانفعالات النفسية. وهذا الواجب الديني يساعد في التخلص من مشكلة البول السكري حتى بعد ظهور الانسولين. والصيام يساعد في التداوي من مرض التهاب الكلى المزمن المصحوب بارتشاح وتورم، ومن أمراض القلب المصحوبة بتورم، كما أنه يساعد في الشفاء من مشكلة التهابات المفاصل المزمنة، خصوصاً إذا كانت مصحوبة بالسمنة، كما يحدث عند السيدات غالباً بعد سن الأربعين. وإذا كان الصيام يساعد في علاج هذه الأمراض وغيرها، فإنه بالنسبة إلى الإنسان الصحيح يشكل وقاية فعالة، خصوصاً من أمراض الاضطرابات المعوية وزيادة الوزن... الخ. ويقول حسن عبدالسلام في كتابه "نحن المعمرون": "وفائدة الصوم أنه يريح الجهاز الهضمي، ويتيح لأغشية الجسم فرصة تتخلص فيها مما يتجمع حولها من النفايات والمواد الحامضية، والتوكسينات التي تتولد باستمرار في الجسم، كما أنه يعطي الأنسجة والأعضاء المصابة بالتقيح أو الاحتقان أو الالتهاب مجالاً للشفاء". والصوم يذيب ما قد بدأ يتكون من الحصيات، والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية وأنواع البروز والنمو الخبيث، على أن اللافت في الأمر أنه ثبت طبياً أن الصوم يعتبر من أنجع الوسائل لعلاج كثير من الأمراض الجلدية والوقاية منها. يقول الدكتور محمد الظواهري اخصائي الأمراض الجلدية: "إن كرم رمضان يشمل الأمراض الجلدية، إذ تتحسن معالجة بعض الأمراض الجلدية بالصوم. وعلاقة التغذية بالأمراض الجلدية متينة، إذ أن الامتناع عن الغذاء أو الشرب مدة ما يقلل من الماء في الجسم والدم، وهذا بدوره يدعو إلى قلته في الجلد وحينئذ تزداد مقاومة الجلد للأمراض الجلدية المعدية والميكروبية. ومقاومة الجسم في علاج الأمراض المعدية هي العامل الأول الذي يعتمد عليه في سرعة الشفاء". ولا تقتصر فوائد الصوم الطبية على الجسد فقط إذا اثبتت الدراسات أن الصوم يعتبر من خير وسائل تربية النفس وتقوية الإرادة. فالصوم يعود الإنسان على الأمانة، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته". والصوم يخلق في نفس الإنسان الصبر، فالصائم إنما يتعود بصيامه على الصبر وقد قال الرسول "الصوم نصف الصبر". وعن الصوم يقول العالم الألماني جيهاردت: "إن الصوم هو الوسيلة الفعالة لتحقيق سلطان الروح على الجسد فيعيش الإنسان مسيطراً على نفسه لا عبداً لميوله وأهوائه".