الجزائر - أ ف ب - تواصل الجماعات الاسلامية المسلحة ممارسة العنف في الجزائر التي دخلت هذه السنة ازمة اجتماعية خانقة سببها تطبيق خطة صندوق النقد الدولي لاعادة الهيكلة الاقتصادية. وبعد ستة اعوام من العنف ومقتل 30 الف شخص رسمياً او 80 - 100 الف بحسب مصادر غربية، ادت عمليات الخصخصة المفرطة التي تنفذها الحكومة للانضمام الى اقتصاد السوق الى فقدان عشرات الآلاف أعمالهم. وأشرف رئيس الوزراء السابق احمد اويحيى الذي عين في كانون الثاني يناير 1996 على تطبيق صارم لاتفاق اعادة الهيكلة الاقتصادية الموقع مع صندوق النقد الدولي عام 1994 في شكل تسبب في عمليات صرف جماعية طاولت كل القطاعات ونتج عنها تحجيم الطبقة الوسطى خصوصاً. وادى اقفال اكثر من الف مؤسسة عامة الى فقدان 400 الف جزائري اعمالهم في اقتصاد موجه ومهمل. وتطاول البطالة، التي تقدرها الدولة ب 28 في المئة من القوى العاملة، ثلاثة ملايين شخص غالبيتهم من الشبان والنساء. وفي مجتمع اعتاد منذ الاستقلال عام 1962 على رعاية من دولة اشتراكية قادرة، كانت الصدمة الناجمة عن عمليات الصرف قوية جداً الى حد دفع حوالى ستين من العمال المصروفين الى الانتحار خلال الاشهر الاخيرة. وتسببت خطة النهوض الاقتصادي في ارتفاع كبير في اسعار المنتجات الاساسية التي كانت تحظى بدعم الدولة دون ان ترافق ذلك زيادة في الرواتب والاجور. ويتحمل الجزائريون هذا الوضع نظراً الى الحال الامنية لكن ذلك لم يمنع التصاعد المتزايد للاحتجاجات. وعمت الاضرابات قطاع تصنيع المعادن، وتوقف موظفو البريد عن العمل مرات الشهر الماضي في حين ينظم المدرسون تظاهرات. ولم تتردد الصحف الجزائرية التي احتجبت شهراً احتجاجاً على "تهديد حرية التعبير" في تأكيد ان "النمو الوحيد الممكن ادراكه الآن هو نمو الفقر وانعدام المساواة الاجتماعية". ووصفت الصحف حصيلة انجازات الحكومة بأنها "كارثية". وخفت حدة العنف الذي تمارسه الجماعات الاسلامية المسلحة في الاشهر المنصرمة بعدما استهلت العام بمجازر كبيرة خلال شهر رمضان الماضي. لكن الجماعات عاودت نشاطها مع اقتراب رمضان اذ قتلت 70 شخصاً خلال اسبوع واحد واصابت 70 آخرين بجروح. وعاد العنف المنتشر خصوصاً في وسط البلاد وغربها يقترب مجدداً من العاصمة. واكتشفت قوى الامن خلال حملات التمشيط الاخيرة ان الاسلاميين الذين قتلوا في المواجهات او وقعوا في الاسر هم من المتطوعين الجدد مما يثير مخاوف من اعمال عنف دموية. وستكون مهمة الحكومة الجديدة التي كلف اسماعيل حمداني السفير السابق في باريس، ترؤسها صعبة جداً خصوصاً في ضوء مواجهة البلاد عجزاً كبيراً في الموازنة نظراً الى تدني اسعار النفط الذي يؤمن 95 في المئة من عائدات التصدير. وأقرت موازنة 1999 بعجز نسبته 40 في المئة على اساس احتساب سعر برميل النفط ب 15 دولاراً بينما لا يتجاوز سعره الآن 12 دولاراً. وستتولى الحكومة الجديدة تنظيم انتخابات رئاسية في نيسان ابريل لانتخاب خلف للرئيس اليمين زروال الذي اعلن فجأة في 11 ايلول سبتمبر تقصير ولايته وعدم ترشيح نفسه لولاية اخرى. وحدد زروال المنتخب في تشرين الثاني نوفمبر 1995 اهدافه باستئصال "العنف والإرهاب" مشدداً على الحوار الاجتماعي "لإبعاد التوتر". ولم يتقدم أحد بعد للانتخابات الرئاسية من الائتلاف الحكومي الذي يضم "التجمع الوطني الديموقراطي"، حزب زروال، و"جبهة التحرير الوطني" و"حركة المجتمع من اجل السلم" بزعامة الاسلامي المعتدل محفوظ نحناح او من المعارضة. لكن بعض الاسماء القديمة تعود الى الظهور كخلفاء محتملين لزروال، وابرزهم عبدالعزيز بو تفليقة وزير الخارجية ابان عهد الرئيس هواري بو مدين. لكن تسمية المرشح الحكومي يجب ان تنال موافقة الجيش.