حرصت مصادر وزارة الدفاع الاميركية على ابراز دور القاذفة الاستراتيجية "ب - 1" في الهجمات الجوية التي نفذت حتى الآن في اطار عملية "ثعلب الصحراء" ضد العراق. ولعلّ السبب الرئيسي في ذلك يعود الى حقيقة ان هذا هو الاستخدام العملي الأول لهذه القاذفة منذ دخولها خدمة القوات الجوية الاميركية اواسط الثمانينات، اذ تجنبت القيادة العسكرية الاميركية استخدامها في عملية "عاصفة الصحراء" عام 1991، على رغم ان عدداً من هذه القاذفات ارسل آنذاك الى منطقة الخليج لاشراكها في العمليات الهجومية. وأثار عدم استخدام هذه القاذفة آنذاك تساؤلات جدية لدى خبراء الشؤون الدفاعية والجوية في شأن فاعليتها ومدى ملاءمتها الدور الموكول اليها في سلاح الجو الاميركي، لكن ذلك لم يكن جديداً على "تاريخ" هذه القاذفة الذي حفل منذ بداية العمل لتطويرها بالكثير من التساؤلات والانتقادات والشكوك التي ركزت على جدواها والحكمة من انتاجها. وكانت الولاياتالمتحدة اتخذت قرار تنفيذ برنامج هذه القاذفة في السبعينات كي تكون بديلاً لقاذفات "ب - 52" الاستراتيجية الثقيلة التي تشكل منذ ذلك الوقت عماد قوات القصف الاستراتيجي البعيد المدى في سلاح الجو الاميركي. لكنّ الرئيس جيمي كارتر قرر اواخر السبعينات الغاء برنامج القاذفة "ب - 1" في اطار التخفيضات التي ادخلها آنذاك على نفقات الدفاع الاميركية، وباعتبار ان هذا البرنامج شكل بالنسبة الى الاتحاد السوفياتي آنذاك "ذروة التصعيد" الاميركي في سباق التسلح العالمي خلال مرحلة "الحرب الباردة". وعاود الرئيس رونالد ريغن العمل ببرنامج القاذفة "ب - 1"، ولكن بعد تقليصه وادخال تعديلات جذرية عليه. فعوضاً عن انتاج المئات من هذه القاذفات لاحلالها محل قاذفات "ب - 52"، تم الاكتفاء بانتاج مئة طائرة، وتم تعديل المهمات الموكولة اليها لتصبح مركزة على عمليات القصف الجوي بالاسلحة التقليدية على ارتفاعات منخفضة ومسافات بعيدة، اي ما يعرف عادة بمهمات "الاختراق الجوي الاستراتيجي"، في حين تم الاحتفاظ بقاذفات "ب - 52" بعد ادخال تعديلات وتحسينات عليها لتظل تشكل حتى الآن عماد قوات القصف الاستراتيجي النووي اساساً من خلال تزويدها القدرة على اطلاق صواريخ جوالة كروز جو - ارض بعيدة المدى من طراز "أ. ل. سي. م". ويعتبر استخدام قاذفات "ب - 1" في عملية "ثعلب الصحراء" بمثابة التتويج العملي لحياة هذه القاذفة في الخدمة. وقررت الولاياتالمتحدة ارسال 6 طائرات من هذا النوع الى منطقة الخليج للانضمام الى ست اخرى موجودة هناك منذ اشهر. وكانت جهود تطوير هذه الطائرة وانتاجها تمت في البداية لدى شركة "روكويل" التي اصبحت جزءاً من شركة "بوينغ". والطائرة مزودة 4 محركات نفاثة، وتصل سرعتها القصوى الى 1350 كلم في الساعة، اي ما يعادل 1.25 سرعة الصوت، في حين يصل مداها الأقصى الى 9 آلاف كلم، اما حمولتها القصوى من الذخائر الهجومية فتصل الى 34.5 طن