بغداد، الكويت، لندن، واشنطن، بون - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - تواصلت امس عمليات القصف على العراق بصواريخ "توماهوك" وقاذفات اميركية وبريطانية. وفيما اعتبر قادة عسكريون بريطانيون واميركيون ان الضربات نجحت في تحقيق اهدافها قلّل قائد عسكري روسي من فاعلية الغارات. وأعلن العراق مقتل 25 شخصاً وجرح 75 آخرين في بغداد وحدها في الليلة الثانية من عملية "ثعلب الصحراء"، وأكدت منظمة "كاريتاس" اصابة بعض المستشفيات والاحياء السكانية في العاصمة العراقية. وأصيب ايضاً مقر هيئة التصنيع العسكري، فيما اكدت وكالة الانباء القطرية تدمير ميناء ام قصر. وأشار وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون الى "استمرار القصف" الجوي، وكشف ان قاذفات بريطانية من طراز "تورنادو" قصفت عنابر في جنوبالعراق تضم 12 طائرة من دون طيار، ملمحاً الى امكان تزويدها معدات تحوي مواد سامة. وأكدت كل من واشنطنولندن استهداف الحرس الجمهوري العراقي، اضافة الى مراكز الدفاع الجوي. ووصلت اول من امس الى الخليج حاملة طائرات اميركية اخرى في اطار تعزيز القوات الاميركية في المنطقة. وكان الجنرال هنري شيلتون، رئيس اركان الجيوش الاميركية، اعلن عن اصابة وحدات من الحرس الجمهوري العراقي وحقول للتدريب على الطيران والدفاعات العراقية المضادة للطائرات ليل الخميس - الجمعة، وأوضح ان الصواريخ الاميركية استهدفت على غرار الليلة الاولى النظام الدفاعي العراقي برمته ونظام القيادة والاتصال واضاف "هناك دفاع مهم مضاد للطيران". واوضح الكابتن توم هاغين قائد الطيران على متن حاملة الطائرات "انتربرايز" ان "القاذفات الاميركية نفّذت ليل الخميس وفجر الجمعة اكثر من 200 طلعة جوية على اهداف عسكرية مختارة" في العراق. واكد ان طيارينا يبذلون قصارى جهدهم لخفض الخسائر المدنية إلى حدّها الادنى". وفي لندن، اكد وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون أمس ان طائرات "تورنادو" البريطانية التي شاركت في العمليات الجوية اول من امس قدمت "مساهمة رئيسية" ودمّرت مواقع للدفاع الجوي العراقية ومراكز القيادة والسيطرة العسكرية بالاضافة الى البنية التحتية للحرس الجمهوري. وأعلن في مؤتمر صحافي ان معظم الغارات البريطانية التي استهدفت مواقع خارج بغداد ركّزت على تقليص قدرة العراق على انتاج الاسلحة النووية والكيماوية والجرثومية واستخدامها. وأوضح السير شارلز جاثاري في المؤتمر الصحافي نفسه ان "هذه العمليات ليست سوى جزء صغير من هجوم اوسع". وذكر روبرتسون ان مراكز "القيادة والمراقبة" العسكرية تعرضت لأضرار الامر الذي "يصعب على صدام حسين قيادة جيوشه". وكشف روبرتسون ان القاذفات البريطانية قصفت "عنابر" في جنوبالعراق تضم 12 طائرة من دون طيار تُوجَّه عن بُعد، قادرة على نقل اسلحة كيماوية وجرثومية. وذكر ان هذه الطائرات يمكن ان تكون مزودة بمعدات تحوي مادة "الايروسول" السامة. وأكد ان "الحرس الجمهوري" كان هدفاً رئيسياً للغارات البريطانية، التي ستؤدي الى تقليص قبضة الرئيس العراقي على السلطة. واعلن ان الغارات الجوية ستستمر الى ان يتم القضاء على قدرة العراق على انتاج أسلحة كمياوية وبيولوجية. لكنه رفض القول ما اذا كانت الولاياتالمتحدة وبريطانيا ستوقفان القصف خلال نهاية الاسبوع مع حلول شهر رمضان، مؤكداً ان عمليات القصف ليل الخميس - الجمعة لا تشكّل نهاية "ولن نتوقف حتى تحقيق هدفنا". وأشار الناطق باسم القوات البريطانية في الكويت الكابتن براين كولينز الى استمرار عمليات طائرات ال "تورنادو" ضد العراق، مشيراً ضمناً الى مشاركة السرب المتمركز في قاعدة جوية كويتية في هذه العمليات. وكشف ان طائرة ضمن ثلاثة تشكيلات نفّذت غارات ضد اهداف عراقية اصيبت بخلل فني أعاق استكمالها مهمتها لكنها عادت وكل الطائرات سالمة. ونقل عن قائد السلاح الجوي الروسي قوله امس ان الغارات الجوية الاميركية - البريطانية على العراق لم تكن بالفاعلية المتوقعة. ونقلت وكالة انباء "ايتار تاس" عن الكولونيل جنرال اناتولي كورنكوف قوله: "وفق التقديرات الاولية لم تكن الغارات الجوية على العراق بالفاعلية التي كان يأملها البنتاغون". واوضح انه يقيم استنتاجه على اساس معلومات تلقاها من "مصادر في الخليج". وفي بغداد ذكر شهود ان الصواريخ اصابت مقر هيئة التصنيع العسكري التي كان يرأسها حسين كامل صهر الرئيس العراقي صدام حسين. وأفاد شهود ايضاً ان المبنى السابق لوزارة الدفاع العراقية اصيب بقذيفتين على الاقل. وذكرت وكالة الانباء العراقية ان الصواريخ اصابت متحف التاريخ الطبيعي الواقع في حرم جامعة بغداد، وألحقت اضراراً جسيمة بالمتحف وعدة كليات، منها الصيدلة واللغات والشريعة وعنبر الطالبات، من دون ان يكشف عن سقوط ضحايا. وأغلق المتحف ابوابه وعلّقت الدراسة لايام عدة في كلية الصيدلة. وفي مناطق اخرى في بغداد بدا ان مكتب حزب البعث الحاكم الذي منع العراق مفتشي الاسلحة من تفتيشه الاسبوع الماضي نجا من أول يومين من القصف. وفي بون اعلنت منظمة كاريتاس الانسانية امس في المانيا نقلاً عن فرعها في العراق ان عدة مستشفيات عراقية، ولا سيما مستشفى صدام الذي يعتبر الأكبر في العراق اصيبت في القصف الاميركي - البريطاني لبغداد. ومن جهة أخرى اشارت كاريتاس الى اضرار جسيمة لحقت بالاحياء السكنية القريبة من مستشفى سان رافائيل الكاثوليكي الذي نجا من القصف. ولم تحدد كاريتاس عدد الجرحى او القتلى. وذكر الفرع المحلي للمنظمة ان احياء بغداد المصابة والتي تضم عدداً كبيراً من المسيحيين ليست سوى احياء سكنية. واضافت كاريتاس ان وسط بغداد عموما "اصيب باضرار جسيمة". وكانت وكالة الانباء العراقية ذكرت ان مستشفى وداراً للتوليد في حي الكرخ السكني في بغداد اصيبا مساء اول من امس في الغارات ولحقت بهما "خسائر بالغة". وأفاد مسافرون وصلوا الى بغداد انهم شاهدوا ثلاثة انفجارات كبيرة اضاءات السماء بعد حلول الليل على مسافة نحو 15 كيلومتراً شرق بلدة الرمادة على الطريق الى الحدود الاردنية - العراقية. وقال شهود انهم سمعوا اصوات 12 انفجاراً في العاصمة وحدها. وقال احدهم: "يبدو ان خمسة او ستة من تلك الانفجارات تركزت في موقع واحد في غرب المدينة"، فيما سقط صاروخان على حي في شمال المدينة وثلاثة على قطاعها الجنوبي. وكان وزير الصحة العراقي اوميد مدحت مبارك اعلن مساء اول من امس ان 25 شخصاً قتلوا واصيب خمسة وسبعون بجروح في بغداد و حدها خلال اليومين الاولين من القصف الجوي. فيما اعلن وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح ان القصف دمّر مخزناً للأرز في بلدة تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي صدام حسين. واعتبرت صحيفة "بابل" العراقية امس ان الهجوم العسكري الاميركي - البريطاني على العراق "مني بهزيمة على الصعيد السياسي" الامر الذي "سيزيد من عزلة الولاياتالمتحدة على الصعيد الديبلوماسي". ودعت صحيفة "العراق" الى محاكمة ريتشارد بتلر رئيس "اونسكوم" ك "مجرم حرب وجاسوس". ووجهت الصحف العراقية نداءات تدعو المواطنين الى التطوّع في وحدات "فدائيو صدام". وفي واشنطن اعلن مصدر رسمي ان حاملة طائرات اميركية ثانية "كارل فينسن" وصلت اول من امس الى منطقة الخليج لتنضم الى الحاملة "انتربرايز". وتقل "كارل فينسن" التي ترافقها مجموعة بحرية مؤلفة من عشر سفن وصلت الى الخليج امس، 36 طائرة "اف/ اي - 18 هورنت" و10 طائرات "اف - 14 تومكات" و4 طائرات "اي. اي. 6 بي برولر". ويبلغ عدد افراد طاقمها نحو خمسة آلاف. وفي لشبونة اكد وزير الدفاع البرتغالي خوسيه فيجا سيماو ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا طلبتا من البرتغال اول من امس السماح باستخدام قاعدة جوية في جزر الازور في المحيط الاطلسي في اطار عملياتها العسكرية المشتركة ضد العراق. ورفض سيماو الكشف عن رد البرتغال على الطلب الاميركي والبريطاني. وقال مصدر قريب من السفارة الاميركية انه تم امس اجلاء نحو 180 اميركياً من الكويت، معظمهم من الديبلوماسيين وافراد عائلاتهم، غادروا على متن رحلة خاصة الى لندن في اطار "اجلاء الزامي للموظفين غير الضروريين" في السفارة، مضيفاً ان خمسة رعايا اميركيين آخرين استقلوا الطائرة نفسها. دعت وزارة الخارجية الاميركية في تحذير اصدرته اول من امس الاميركيين الى عدم التوجه الى العراق والى مغادرته "في اقرب وقت ممكن" اذا كانوا موجودين فيه. واتخذ هذا التدبير "بسبب العمليات العسكرية ضد العراق ومخاطر القيام بعمليات انتقامية". واعلنت وزارة الدفاع الفرنسية اول من امس انه تم اجلاء 18 فرنسياً من بغداد الى الاردن. وان قافلة ثانية يجري تنظيمها لنقل أي مواطنين فرنسيين يرغبون في مغادرة العاصمة العراقية