سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بري يعتبر رد الحص "في منتهى الرفعة والترفع" وجنبلاط يستحوذ نجومية المعارضة ويحتفظ بالمرونة . إنقلاب الأدوار بين موالين ومعارضين يدخل الحيوية الى المجلس النيابي
وصف رئيس المجلس النيابي نبيه بري ل"الحياة" جلسات المناقشة العامة للبيان الوزاري، التي انتهت الى منح الحكومة الثقة بانها من "أرقى المناقشات التي شهدها المجلس، عمقاً وموضوعية، فيما جاء رد رئيس الحكومة على مداخلات النواب في منتهى الرفعة والترفع". وقالت مصادر مقربة من بري ان الموالين والمعارضين كانوا في مستوى رفيع من المناقشة، على رغم اعتقادها ان الهجوم الذي شنّه نواب معارضون على وزير المال جورج قرم مستندين الى كتابات سابقة له يشتم فيها مواقف ضد سورية "لم تكن ناجحة. فكثر من السياسيين في لبنان يبدلون مواقفهم بتبدل الاحوال وهذا طبيعي". واوضحت المصادر المقربة من بري ان من أهم الاستنتاجات في شأن الجلسات النيابية "ان موضوع الخصخصة سيخضع لنقاش سياسي كبير عندما ستلجأ اليه الحكومة، وانه سيثير انقساماً سياسياً عندما يطرح جدياً". ويقول احد نواب كتلة "التحرير" التي يترأسها بري ان المناقشات أظهرت "حيوية اكثر من السابق وان الاجواء تبدو حرة أكثر من ايام حكومات الرئيس السابق رفيق الحريري، حيث الانتقاد ممكن اكثر الآن بسبب التحولات في المعادلة داخل الحكم". ويسجل جملة "مفارقات منها ان كتلة الرئيس الحريري باتت تدافع عن تمثيل الاحزاب في الحكومة فيما الرئيس السابق هو الذي اقترح بدعة الوزراء التكنوقراط". ويلاحظ عضو كتلة التحرير "ان هناك ثلاث كتل كبيرة باتت في صفوف المعارضة هي الى كتلة الحريري كتلتا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، و"حزب الله". فيما الكتلة الاكبر اي كتلة التحرير بقيت في صفوف الموالاة، وحولها متفرقات نيابية وكتل صغيرة الحجم لا يجمعها الا بعض التوجهات". ورأى "ان التوازنات الجديدة ستنشط العمل النيابي في المرحلة المقبلة كما ظهر من جلسات الايام الماضية، وانتقال جنبلاط الى صفوف المعارضة أدى الى حماوة في الافكار وأمنت له حضوراً نيابياً جيداً...". وتشترك مصادر موالية لرئيس الجمهورية العماد اميل لحود مع بري في امتداح رد الرئيس الحص على كل الملاحظات على البيان الوزاري، واصفة الهجوم على الوزير القرم بانه "تكرار لقصاصات كانت قرأتها احدى محطات التلفزة" المقصود تلفزيون المستقبل. وقالت المصادر الموالية ان تطرق البعض الى آراء القرم السابقة عن السرية المصرفية "دفع بالرئيس الحص الى تناول مواضيع مالية لم يكن ينوي تناولها مخافة ان تثير بلبلة في وقت يجيء الفريق الحكومي لإنقاذ وضع سيئ موروث بسبب الاستدانة". ونقل زوار لحود عنه قوله ان الحكومة نالت الثقة والآن سيبدأ العمل الجدي. ورأى احد نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" حزب الله ان "من الطبيعي ان يترك التغيير المفاجئ في السلطة اثره في الحركة السياسية في البلاد وبالتالي في المجلس. وتبديل الادوار بين معارضين وموالين مسألة صحية. والحوارات في الموضوع المالي اظهرت ان المنتقدين كماً ونوعاً اكثر من السابق". ويقول احد نواب "جبهة النضال الوطني" ان رئيسها، جنبلاط، استحوذ على النجومية، بالمعنى البرلماني للكلمة، في بداية الجلسة النيابية، وبسبب هذا التغيير المفاجئ في المواقع، فالتقط المبادرة في بدايتها وفي نهايتها عبر المواقف السياسية التي تطاول جوهر الصراع في هذه المرحلة بين التركيبة الحاكمة ومن باتوا خارجها، فجاءت مشاركة جنبلاط لتعيد الى كتلته، من موقع المعارضة بريقاً افتقدته بفعل موالاتها خلال السنوات الماضية، فذكرت بأيام خلت كان فيها اعضاء هذه الكتلة من اقطاب اللعبة البرلمانية في المجالس السابقة ايام المرحوم كمال جنبلاط والزعامات اللبنانية الاخرى. ويشير النائب نفسه الى ان جنبلاط "افتتح المناقشات بقول كلام سياسي لا يجرؤ عليه غيره من المعارضين، على طريقته متوخياً النقاش الهادئ واختتم الجلسة بالاضاءة على مسألة محورية في الحياة السياسية الراهنة هي علاقة افرقاء المعارضة والموالاة، مع سورية وموقف سورية من كل منها حين قال: "لا يهددنا احد بسورية"... وذلك رداً على ما جاء في مداخلة الرئيس الحص التي دحضت المواقف ضد كتابات سابقة للوزير القرم اعتبرها المعارضون معادية لسورية، فقال انه ساهم اخيراً في بعثة استشارية لتنظيم وزارة المال السورية. كذلك جاء كلام جنبلاط بحسب عضو الكتلة تلميحاً الى ما اثاره النائب بطرس حرب عن ان سورية قررت دعم رمز البلاد ورئيسها وحصر علاقتها به ولا مجال للالتفاف عليه في صراعات داخلية، وان لبنان دخل بذلك حقبة جديدة في العلاقة معها. ويقول احد النواب المؤيدين للحكومة والوثيقي الصلة بسورية، ان جنبلاط "اسس بحضوره لمعارضة، على قواعد سياسية متينة تاركاً المجال لوضعية مرنة في اثارته القضايا الاقتصادية وتطبيق الطائف وتطرق من دون مواربة الى ما تناوله غيره تلميحاً او ضمناً عن تسلح الفريق الحاكم الحالي بدعم دمشق، مذكراً انه مع من يتعاون معهم في المعارضة يحظى بدعمها وان له رؤية تاريخية لعلاقته بها مختلفة عن تلك التي يتسلح بها غيره"... وختاماً يرى نائب موالٍ آخر ان "الخريطة السياسية داخل المجلس بفعل التركيبة الجديدة، تحتاج الى بعض الوقت كي تتبلور، وفقاً لممارسات الحكومة التي يميل مزاج النواب الى اعطائها فرصة نتيجة الاحترام الذي يتمتع به الحص في صفوفهم. ويعتقد النائب نفسه ان "جنبلاط، كمعارض كان هجومياً، فيما كانت كتلة الرئيس الحريري عبر خطاب الوزير بشارة مرهج دفاعياً، في انتظار ما سيأتي... وكل فريق في المجلس النيابي وخارجه يفترض ان يتأقلم بعد اشهر قليلة مع الوضع الجديد الذي نشأ ليبني سياسته على اساس هذا التأقلم"