يصارع بطل فيلم "اسمي جو" للمخرج البريطاني كين لوتش ليتخلص من الأدمان ويصفق له مدمنون آخرون في مصح عندما يتحدث عن معاناته وتجربته. كيف بدأ يحقق انتصاراً يوماً بعد يوم من دون أن يرهق نفسه وإرادته بالمخططات والأهداف البعيدة المدى والنوايا الحسنة. فيلم يظل شخصياً وسياسياً، على مستويين يتقاطعان في أكثر من نقطة ومشهد. انه يلخص فلسفة هذا المخرج: لا شيء يحدث في فراغ، وفي معزل عما يجري حوله. فيلم درامي، مؤثر، يصور بريطانيا في نهاية التسعينات، تنتشر فيها البطالة ويعاني شبابها من المخدرات وتتحكم في أحيائها الفقيرة "عصابات الديون". كل هذا في اسلوب غير مباشر يصور حياة الناس في طريقة عفوية طبيعية. عاد لوتش ليصور المجتمع البريطاني بعدما قدم أفلاماً وقصصاً عن نيكاراغوا واسبانيا، ويعتبر أكثر السينمائيين الانكليز راديكالية، يبحث في حياة الناس العاديين، ويستخلص منها آراء ومواقف عن الأسباب التي أدت بهم الى ما يعانون. اسلوبه في تقديم الأفلام كأنه يحاول دائماً إلغاء الكاميرا ليشاركه المتفرجون في عمق الحدث. في "اسمي جو" تحولت الشاشة الى نافذة يطل منها على الأحداث. يعمل لوتش مثل مايك لي وستانلي كوبريكو في هدوء أقرب الى السرية، من دون إعلان أو دعاية في مهنة لا تتوقف عن التغني بالبطولات المصطنعة. الموضوع عنده هو البطل، وليس الاشخاص. غالباً ما يستخدم ممثلين مغمورين، ويستعين في كل فيلم بوجه جديد لم يسبق له الظهور على الشاشة. وفي هذا الفيلم قدم آن ماري كيندي التي كانت تعمل منظفة في مدرسة، وأدت دور زوجة تصارع هي الأخرى ضد الادمان على المخدرات في سبيل تربية طفلها الصغير. ولد كين لوتش في 1936، والده كان عاملاً في مصنع للحديد، بعدما أكمل دراسته في جامعة اكسفورد التحق بتلفزيون "بي.بي.سي" واخرج أفلاماً تسجيلية أهمها "كاتي... عودي الى بلدتك" عن امرأة من الشمال تهاجر الى لندن بحثاً عن عمل لتنتهي الى التسكع. ثم فيلم "كيس" عن طفل يعثر على نسر صغير، فيربيه ويعلمه الطيران ليطلق سراحه حراً في السماء. بعد، ان قتل ابنه في حادثة سيارة مروعة وأصيبت زوجته بجروج خطيرة تخلى المخرج عن صناعة الأفلام، أبعدته الصدمة عن السينما فترة طويلة، إلا انه عاد الى اخراج فيلم عن الحرب في ايرلندا في بداية التسعينات، أعقبه بفيلم "ريفراف" و"تمطر حجراً" و"ليدي بيرد"، كلها ذات مواضيع سياسية واجتماعية، حصلت على جوائز وتقدير. حوار فيلم "اسمي جو" سريع حاد. غاضب النبرة... هناك صراع بين قيم اخلاقية مختلفة، بين الطبقة الفقيرة والمتوسطة، جو بيتر مولان عاطل عن العمل ويحاول التخلص من الإدمان، ومن تأثير ماض سيئ على حاضره. يقع في حب ساندرا لويز غودول التي تعمل مساعدة اجتماعية وصحية. ومن بين زبائنها عاطل آخر يدعى ليام ديفيد ماكاي الذي يلعب في فريق محلي لكرة القدم يديره جو، في حين تلاحقه وزوجته "عصابة الديون". يحاول جو حمايته من العصابة بقبول مهمة بيع المخدرات موقتاً لتسديد المبلغ المترتب على ليام. وعندما تعلم سارة بالمشروع تقطع العلاقة مع جو وترفض ان تراه مع أنها حامل بطفله. وعلى رغم ان الفيلم ينتهي نهاية مروعة إلا أنه مليء بالنكات والمواقف الساخرة. شخصياته تلجأ الى اليأس من أجل البقاء. المخرج يرى ان السبب هو العطالة التي تؤدي الى الهدم والموت البطئ. سينما لوتش لا تهتم بما يجري على السطح... انها تتجه الى تفسير القوى التي تتدخل في تكوين الاشخاص... غالباً ما يطرح أسئلة في البداية: لماذا حدثت المشكلة، ثم يبدأ في تكوين رؤية وإجابة من خلال قصة شيقة متوازنة.