حضّ الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي الشعب والإعلاميين والمثقفين على "الأخذ بزمام المبادرة" والدفاع عن "حقوقهم"، وعدم اتباع نهج الانتظار لما تقرره الجهات "العليا" في قيادة النظام والدولة. وأكد ان الشعب هو "صاحب الحق والسيادة وأن الدولة لا تملك سوى صلاحيات محدودة وليست مطلقة"، محذراً من الأفكار والسياسات التي تنظر وتشرّع "للاستبداد". وفيما أشار الى أنه صاحب الصلاحية الواضحة كرئيس للجمهورية في "تنفيذ الدستور وحمايته"، انتقد من "يقدسون العنف" في الداخل، ونبّه الى ضرورة عدم تدخل القضاء في المخالفات الصحافية. وكان خاتمي يتحدث أمام حشد من الطلبة ورجال القانون في جامعة "بهشتي" في طهران، أمس، في اطار ندوة عن الدستور الايراني. واكتسبت كلمته ومواقفه أهمية سياسية بالغة نظراً الى المستجدات الأمنية والسياسية والاعلامية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، وكشفت مدى تباين الرؤى بين الأجنحة الرئيسية. وعلى رغم تجنبه الانفعال في اعلان المواقف، فإن جوهر العناوين التي حرص خاتمي على اطلاقها والتشديد عليها بدت كأنها رسالة أراد صاحبها أن يقول انه لن يتردد في شحذ ما لديه من أسلحة مدنية لتحقيق الاصلاحات، بل قلب خاتمي المعادلة وظهر كأنه مثقف وسياسي معارض وليس رجلاً يمسك بتلابيب السلطة، خصوصاً عندما شدد على أن "الشعب هو صاحب الحقوق وأن الدولة لا تملك سوى صلاحيات محدودة وضوابط واضحة في الدستور". ولم يتوقف عند حد التنظير، بل بدا كأنه يحرّض الناس على "التحرك التاريخي"، ودعا "الشعب والصحف والمثقفين والفئات الواعية الى أن يدافعوا عن حقوقهم ويأخذوا بزمام المبادرة ولا يتبعوا سياسة الانتظار لما ستقرره الجهات العليا في الحكم"، ورأى خاتمي أن هذا النهج هو "الذي يقرّب اناساً من الاسلام والثورة والنظام". وحذر من "الفوضى" و"الاستبداد"، ووصفهما بأنهما وجهان لعملة واحدة، وحمّل "الاستبداد السياسي للسلطة" مسؤولية نشأة "الاستبداد الاجتماعي" وظهوره. وقال: "لا يمكن أن ندافع عن مبادئنا الفكرية والعقائدية ومؤسسات حكمنا من دون احترام القوانين". ولم يترك خاتمي مجالاً لأي تأويل أو تفسير لحقيقة موقفه وموقعه كرئيس للجمهورية والسلطة التنفيذية في نظام يؤكد دستوره الفصل بين السلطات، فشدد على ان الدستور "واضح في منح رئيس الجمهورية صلاحية تنفيذ الدستور ومراقبة تطبيقه"، ما يعني أن بقية السلطات في النظام تخضع لمراقبة الرئيس. وانتهز خاتمي هذا المجال ليحسم الموقف أيضاً في الجدل حول مدى صلاحية الأجهزة القضائية في المخالفات الصحافية، فأعلن رفضه أي تدخل في هذه المخالفات إلا لمحكمة المطبوعات التي تقام علنياً وفي حضور هيئة محلفين، وهو رد مباشر على ما أكده رئيس السلطة القضائية محمد يزدي في خطبة الجمعة الأخيرة من أن "للحرية ضوابط وقيوداً" وأن للأجهزة القضائية بمختلف فروعها كمحاكم الثورة وغيرها صلاحية ملاحقة "جرائم المطبوعات التي تهدد الأمن القومي". إلى ذلك أ ف ب، فرقت الشرطة الإيرانية بعد ظهر أمس مجلس عزاء لأنصار المعارض القومي داريوش فروهر وزوجته اللذين اغتيلا في 22 تشرين الثاني نوفمبر في طهران. وجرى التجمع الذي رددت خلاله هتافات مؤيدة لفروهر في ختام احتفال ديني اقيم في مسجد كبير قرب منزل الفقيد في وسط العاصمة. ولم يسجل أي حادث وفرقت قوات مكافحة الشغب المحتشدين بهدوء. وردد المجتمعون هتاف "الأمن... الأمن"، مطالبين السلطات بتوقيف قتلة المعارض وزوجته. وحضر النائب حجة الإسلام محمد دعائي، القريب من الرئيس خاتمي، لتقديم تعازي رئيس الدولة لعائلة الضحيتين.