تشن الشرطة الايرانية حملة مطاردة واسعة للعثور على قاتل أو قتلة زعيم "حزب الشعب الايراني" المعارض داريوش فروهر الذي اغتيل مع زوجته في منزلهما ليل أول من امس. وعثر على جثة فروهر في مكتبه في الطابق الأول وهي مصابة بثلاثة طعنات بالسكين في الصدر، فيما وجدت جثة الزوجة في الطابق الأرضي وهي مصابة بطعنتين في الصدر ايضاً. ومنعت الشرطة الصحافيين من دخول المنزل الذي يقع في حي "مقتدائي" هوايت سابقا وسط طهران القديمة، مؤكدة ان التحقيقات لا تسمح بذلك. وأكد شهود عيان من الجيران ما نقلته الانباء الرسمية عن ان القاتل او القتلة "مألوفين" لدى فروهر. وذكر احد هؤلاء الشهود ان احد الفاعلين دخل المنزل حاملاً علبة حلويات. وقالت الشرطة انها وجدت ايضاً باقة ورد "ما يعني ان القتلة لم يكونوا مجهولين بالنسبة الى الضحيتين. وهو ما يجعل فرضية تصفية حسابات شخصية هي المرجحة كدافع لما جرى". لكن احد مؤيدي زعيم "حزب الشعب" اتهم في تصريحات السلطات الرسمية "بتدبير حادث الاغتيال"، وعزا ذلك الى "رغبة المتشددين المتنفذين في النظام والاجهزة الى ترهيب المعارضة واحباط اي استراتيجية لترسيخ الحريات العامة والاصلاح السياسي". وأضاف ان "ضحيتهم هذه المرة داريوش، وليس ابراهيم يزدي امين حركة الحرية مثلاً لأن يزدي يحظى بدعم اميركي. اما دارويش فانه يفتقد التغطية السياسية الخارجية". ورد رئيس تحرير صحيفة "عصرما" محسن آرمين، على مثل هذا الاتهام على نحو غير مباشر. وقال ان "داريوش فروهر، وان كان له تاريخ سياسي في السابق الا انه افتقد اي نشاط او تحرك ملفت خلال العقد الأخير، باستثناء اصدار مواقف في المناسبات. ولن يشكل حضوره او غيابه اهمية لأي جناح او طرف في النظام والسلطة". وأضاف ان الاوساط "المتشددة ذاتها تتمتع بنفوذ قوي في الدولة وهي قادرة على ان توجه السياسات وليست في حاجة الى عمليات عنف كهذه". الى ذلك قالت اوساط سياسية قريبة من جهات رسمية في طهران ان داريوش وأنصاره كانوا يهيئون لتنظيم تظاهرة وتجمع امام السفارة الايطالية في طهران تأييدا لزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان وتنديداً بتركيا وتعبيراً عن الاحتجاج على اي محاولة لتسليم اوجلان لأنقرة. وأكدت هذه المصادر ان الاشخاص الذين اكتشفوا جثتي داريوش وزوجته في المنزل "كانوا من بين منظمي التجمع". يذكر ان فروهر أ ف ب هو احد مؤسسي الحزب القومي الايراني الذي كان ناشطاً في ظل العهد الامبراطوري السابق. وأسس لاحقاً "حزب الشعب الايراني". وهو امضى 15 عاماً في السجن خلال عهد الشاه وقبل قيام الثورة الاسلامية في 1979. وقد تولى منذ سنوات عدة زعامة المعارضة القومية للنظام الاسلامي وغالباً ما كان يدلي وزوجته بمقابلات لمحطات اذاعية اجنبية تبث بالفارسية ينتقدان فيها المسؤولين الايرانيين. وكان فروهر يعتبر من اتباع محمد مصدق رئيس الوزراء القومي في عهد الشاه في الخمسينات. وقد لعب دوراً كبيراً في تعبئة اوساط المثقفين والقوميين من اجل اسقاط النظام الامبراطوري ووصول الامام الخميني، مؤسس الجمهورية الاسلامية، الى السلطة. وقد كلفته التنظيمات القومية الاتصال بالخميني وسافر لهذه الغاية الى فرنسا في نهاية العام 1978 للاجتماع به. وتولى حقيبة وزارية في الحكومة الأولى بعد سقوط الشاه والتي شكلها مهدي بازركان. لكنه اتخذ لاحقاً موقفاً معارضاً للنظام الاسلامي مدافعاً عن نظام علماني. وباغتياله تفقد المعارضة الليبرالية، الهشة اصلاً، سنداً قوياً. وفي باريس رويترز حمّل الرئيس الايراني السابق ابو الحسن بني صدر الذي يعيش منفياً في فرنسا السلطات الايرانية مسؤولية اغتيال فروهر. وقال: "الحكومات الغربية التي اعلنت من دون تردد ان النظام الايراني وضع حداً للحكم الشمولي وللعنف والاغتيالات السياسية مطالبة الآن بأن تشرح للرأي العام الاسباب وراء مغالطاتها". وأضاف بني صدر في بيان: "يأمل هذا النظام الدموي بقتل داريوش فروهر وزوجته بارفانه ان يقتل الديموقراطية في بلادنا لكن هذا على العكس يعزز تصميمنا على التمسك بنضال عادل"