القدس المحتلة، غزة، دمشق، عمان - أ ف ب - دانت القيادة الفلسطينية مجدداً امس عملية التفجير التي وقعت في القدس الغربية اول من امس، متهمة "قوى خارجية بتحريك بعض المجموعات الخارجة عن القانون"، ودعت اسرائيل، في الوقت نفسه، الى تنفيذ اتفاق واي ريفر "من دون مماطلة" ووقف الاستيطان "فورا". في غضون ذلك، شنت الشرطة الفلسطينية حملة اعتقالات في اوساط حركة "الجهاد الاسلامي" بعدما تبين ان الانتحاريين عضوان في الحركة. واعلن مصدر فلسطيني امس ان أحد منفذي عملية التفجير يدعى سلمان الطحاينة، وهو زوج اخت المنفذ الآخر للعملية يوسف الزغيّر الذي كشفت هويته اول من امس. وقال "ان الزغيّر والطحاينة ينتميان الى حركة الجهاد الاسلامي التي يتزعمها رمضان عبدالله شلّح المقيم في دمشق والقريبة من ايران". ويتحدر الزغيّر 18 عاما من بلدة عناتا التي يقع قسم منها في اطار مدينة القدسالمحتلة، في حين يقع القسم الاكبر منها في الضفة الغربية وفي اطار المنطقة "ب" التي تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الامنية الاسرائيلية. ويحمل الزغير الذي يقيم في القسم التابع للقدس الشرقية من البلدة بطاقة هوية مقدسية اسرائيلية تخوله المرور عبر الحواجز العسكرية الاسرائيلية والدخول الى اسرائيل من دون الحصول على اذن مسبق. اما الانتحاري الآخر، الطحاينة 23 عاما، فهو من قرية سيلة الحارثية التي تقع في اقصى الشمال الغربي من الضفة قرب "الخط الاخضر" الفاصل بين الضفة واسرائيل. وذكر باسم الزغيّر شقيق المنفذ يوسف ان "الجيش الاسرائيلي حضر الى منزل العائلة في الساعة الثانية والنصف من فجر اليوم السبت واخبرهم بأن شقيقهم قتل في عملية تفجير السيارة". واضاف: "هددنا بعض الجنود بأن عائلتنا ستعاقب وان منزلنا سيهدم واعتقلوا شقيقاً لي هو ابراهيم". وتابع ان شقيقه الذي نفذ العملية "خرج من السجن الاسرائيلي قبل سبعة شهور بعد ان امضى فيه ثلاث سنوات ونصف سنة بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الاسلامي"، مضيفا انه كان اعتقل قبل ذلك بنحو عام لمدة ثمانية شهور. واوضح: "لم تبد على شقيقي خلال الاشهر الماضية انه ينوي القيام بمثل هذه العملية، اذ كان يمضي معظم وقته في العمل في محل لبيع المواد الغذائية تملكه العائلة". واشار الى ان شكوكا انتابت العائلة طيلة اول من امس قبل ابلاغهم من الجيش الاسرائيلي أن شقيقهم قد يكون نفذ العملية بعد ان عرفوا من وسائل الاعلام ان سيارة "فيات" حمراء استخدمت للتنفيذ. وتابع: "كنا قد شاهدنا سيارة من هذا النوع متوقفة قرب المنزل في الليلة التي سبقت تنفيذ العملية وظننا انها من السيارات المسروقة التي تترك عادة في المنطقة القريبة من منزلنا". وفي خصوص زوج شقيقته الطحاينة الذي قتل ايضا في عملية التفجير، قال باسم: "لقد تعرف عليه شقيقي في السجن وقامت بينهما صداقة قوية وتقدم الطحاينة للزواج من شقيقتي قبل ثلاثة أشهر". وذكر ان الطحاينة سجن لمدة ثلاث سنوات اواخر سنوات الانتفاضة الفلسطينية 1987-1993 وانه معاق نتيجة اصابته بعيار ناري في احدى رجليه خلال مواجهات مع الجنود الاسرائيلين ادى الى بترها. وزاد ان "الطحاينة كان يخضع خلال السنوات الاخيرة لعلاج نفسي نتيجة اصابته باضطرابات نفسية"، مضيفاً ان "شقيقا له يدعى صالح وجد مقتولا قبل عام في مدينة رام الله في الضفة". بيان السلطة ودانت القيادة الفلسطينية بشدة عملية التفجير في بيان اصدرته اثر اجتماعها الاسبوعي في غزة برئاسة الرئيس ياسر عرفات، وقالت: "ان قيام بعض القوى الخارجية بتحريك بعض المجموعات الخارجة على القانون لتنفيذ عمليات ارهابية انتحارية في هذا الوقت بالذات انما يهدف الى تقديم المبررات للحكومة الاسرائيلية لمواصلة سياسة التسويف والمماطلة لعدم تنفيذ الاتفاق تحت ذريعة الامن". واضاف ان "القيادة الفلسطينية لن تقبل ابدا ان يكون مصير الارض الفلسطينية والشعب الفلسطيني رهينة في يد القوى الخارجية والاقليمية" من دون ان تذكر هذه القوى. وبعد ان اكدت القيادة انها "تحترم تعهداتها والتزاماتها"، دعت الحكومة الاسرائيلية الى "ان تحترم بدورها التزاماتها" والى "المباشرة بتنفيذ اتفاق واي ريفر وفق الجدول الزمني المتفق عليه" والى عدم "مواصلة سياسة المناورة والمماطلة"، ووقف "الحملة الاستيطانية المحمومة فورا" على اعتبار ان هذه الاعمال "هي خرق سافر للاتفاق وللتعهدات". اعتقالات الى ذلك، افاد مصدر امني فلسطيني امس ان الاجهزة الامنية الفلسطينية شنت ليل الجمعة - السبت حملة اعتقالات طالت قيادات "الجهاد" واعضائها في الضفة. وقال ان "الحملة طالت من يشتبه في أن له علاقة بممارسة نشاط عسكري او قدم مساعدة للقيام بمثل هذه النشاطات". ولم يفصح المصدر عن عدد المعتقلين، الا ان اوساطا مقربة من التيار الاسلامي اوضحت ان العدد بحدود العشرات كون "الجهاد الاسلامي" تنظيماً صغيراً لا يملك عضوية واسعة. وذكرت مصادر فلسطينية في قرية سيلة الحارثية التي يتحدر منها الطحاينة ان الجيش الاسرائيلي اعتقل سبعة فلسطينيين في القرية بينهم شقيق سلمان الذي يدعى ابراهيم 15 عاما. وقالت مصادر فلسطينية في مدينة بيت لحم جنوبالضفة الغربية ان اجهزة الامن الفلسطينية اعتقلت ستة اعضاء في "الجهاد" في المدينة كما اغلقت مؤسسة "النقاء الاسلامي" التي تديرها عضوة الحركة عطاف عليان، التي اطلقت قبل نحو عامين من السجون الاسرائيلية في اطار اتفاق مع السلطة الفلسطينية. التحقيقات من جهة اخرى، تتركز التحقيقات التي تجريها الاجهزة الامنية الفلسطينية، بعدما ثبت تورط عنصرين من حركة "الجهاد الاسلامي"، على علاقة "جهات خارجية" بهذه العملية وبشكل محدد "الدور الايراني". وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة لوكالة "فرانس برس" ان "هناك دلائل قوية على وجود اصابع ايرانية تحرك الجهات التي تنفذ هذه العمليات". وكانت آخر عملية عسكرية نسبت ل "الجهاد" هي العملية الانتحارية المزدوجة التي نفذت بداية العام 1997 قرب مستوطنتي نتساريم وكفار داروم جنوب قطاع غزة، والتي عرضت السلطة الفلسطينية بعدها على وسائل الاعلام شخصا يدعى ابراهيم الحلبي قالت انه الذي جند الانتحاريين وخطط للعملية. واقر الحلبي حينها انه يعمل لصالح الاستخبارات الاسرائيلية وانه نظم هذه العملية بناء على طلب منها لتوتير العلاقة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل وتعطيل تنفيذ الاتفاقات الموقعة بينهما. اما آخر عملية تبنتها حركة "الجهاد" رسميا فكانت تلك التي نفذت عند مفرق بيت ليد في اسرائيل العام 1996 وادت الى مقتل 22 جنديا اسرائيليا. واوضحت المصادر الفلسطينية ان "مصدر الشكوك في شأن وقوف جهات خارجية خلف العملية الاخيرة هو ان قيادة حركة الجهاد الاسلامي داخل المناطق الفلسطينية ابلغت السلطة الفلسطينية قبل اكثر من عام انها قررت تجميد عملياتها العسكرية لفترة غير محددة وانها تسعى للوصول الى توافق مع السلطة الفلسطينية وتجنب اي صدام معها". واضافت ان "التحقيقات الفلسطينية تتركز بشكل محدد على ما اذا كانت قيادات من الجهاد الاسلامي مقيمة في الخارج فتحت خطوط اتصال مباشر مع بعض خلايا الحركة في داخل المناطق الفلسطينية واذا كانت تتحرك بناء على اوامر منها". واشارت المصادر الى ان "المعلومات المتوافرة لدى القيادة الفلسطينية تؤكد وجود علاقات قوية بين قيادة الجهاد الاسلامي في الخارج وايران التي تقدم للحركة دعما تمويليا وتدريبيا كبيرا". وتابعت: "تشمل العلاقات بين قيادة الجهاد في الخارج وبين طهران تقديم دعم تمويلي وتدريبي وعبر قناة حزب الله اللبناني خصوصا". على صعيد آخر، افادت مصادر فلسطينية ان المبعوث الاميركي لعملية السلام دنيس روس ارجأ زيارته الى المنطقة التي كان يفترض ان تبدأ اليوم الى الاسبوع المقبل، وعزت ذلك الى تأجيل الحكومة الاسرائيلية المصادقة على اتفاق واي. واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جيمس روبن ان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت طلبت من عرفات في اتصال هاتفي ان "يتخذ اشد الاجراءات صرامة لقمع الارهابيين وتنفيذ مخطط العمل الذي وضع". واضاف ان اولبرايت "شعرت بأن عرفات يعتزم التحرك بحزم ضد الذين يريدون نسف عملية السلام". وفي وقت لاحق، قالت اولبرايت في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الايطالي لامبرتو ديني: "يجب ان يتحلى عرفات ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مجددا بالشجاعة والاصرار اللذين اديا الى اتفاق واي". واضافت: "من الاهمية بمكان ان يستأنف مجلس الوزراء مداولاته بسرعة بما يجعل من الممكن تنفيذ تعهدات واي ... واعتقد بناء على محادثتي الهاتفية مع رئيس الوزراء انه يريد ان يجد سبيلا لعمل ذلك". وكان رئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما اعرب في وقت متقدم اول من امس عن اسفه للهجوم. وفي دمشق، اتهمت الصحف السورية الحكومة الاسرائيلية امس باستغلال انفجار السيارة "لابتزاز سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية". اما الصحف الاردنية فاستنكرت قرار تعليق مناقشات الحكومة الاسرائىلية في شأن المصادقة على الاتفاق، واتهمت اسرائيل "بالبحث عن ذرائع" للتهرب من الاتفاق.