تفتتح مفاوضات توسيع الاتحاد الاوروبي بعد غد الثلثاء وسط أجواء من التردد والحذر لجهة صعوبة المسار التفاوضي في مختلف القطاعات الاقتصادية مع كل من الدول الشرقية الخمس زائد قبرص وارتفاع حجم "الفاتورة" التي سيصعب على الاتحاد سدادها في السنوات المقبلة جراء الضائقة المالية التي تجتازها الدول الأعضاء وضيق الهوامش المالية لدى كل من حكوماتها. واستبعدت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل استكمال المسار التفاوضي وانضمام الدول المرشحة لعضوية الاتحاد سنة 2002، وهو الموعد الافتراضي الذي كانت حددته المفوضية لنهاية المفاوضات. وتنطلق المفاوضات في إطار ثنائي بين الاتحاد وكل من بولندا وتشيخيا والمجر وسلوفينيا واستونيا وقبرص، فيما ستتواصل الشراكة مع الدول الشرقية الأخرى التي ستنال مساعدات مالية للمساهمة في عمليات تأهيل اقتصادها والالتحاق بعد سنوات بالفوج الأول من الدول المرشحة، وتبقى تركيا مرشحة من الناحية النظرية فقط لأنها "تواصل انتهاك حقوق الإنسان وحقوق الاقليات"، وهي شروط أساسية يفترض في كل مرشح الاستجابة إليها. تحسن المناخ السياسي والاقتصادي وعلى الصعيد السياسي تستنتج المفوضية الأوروبية بأن الدول الشرقية المرشحة أحرزت تقدماً متفاوتاً في تعزيز شروط الاستقرار السياسي والديموقراطي وحماية حقوق الإنسان باستثناء سلوفاكيا التي لا تزال الأقليات فيها تعاني انتهاكات. وأبرزت المفوضية في تحليل قدمته إلى المجلس الوزاري مشكلة انتشار الفساد و"محدودية الاجراءات" التي اتخذتها الدول المعنية، بل "ان الغالبية منها ينقصها التصميم الكافي لمكافحة الفساد واجتذاذ عروقه". وعلى الصعيد الاقتصادي، تبدو الدول المرشحة وقد قطعت شوطاً في اتجاه اقتصاد السوق وساعدتها الاصلاحات الهيكلية المتواصلة منذ أعوام على الاحتماء من عواقب الأزمات المالية والاقتصادية التي أربكت الفيديرالية الروسية. كما يُفسر ضعف تأثير الأزمة الروسية على الدول الشيوعية سابقاً بارتفاع درجات ارتباطها بالسوق الأوروبية إلى نحو 60 في المئة من تجارتها الخارجية. وتصنف المفوضية معدلات النمو الاقتصادي في الدول الشرقية بين 4 و7 في المئة، ضمن أعلى المعدلات في العالم وتمثل إحدى عناصر جذب الاستثمار المباشر بشكل متزايد وبلغ في جمهورية لاتفيا 6،7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. عدم الجاهزية وستتركز مفاوضات التوسيع لدى بدايتها في بروكسيل الثلثاء حول سبعة قطاعات تبدو الصعوبات في طريقها قليلة في مجالات الصناعة والثقافة والسياسة: العلوم والابحاث والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والتدريب والثقافة والقطاع السمعي البصري والسياسة الصناعية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والسياسة الخارجية والأمن المشترك. وأبرزت المفوضية الأوروبية عدم جاهزية الدول المرشحة للتفاوض في عدد من القطاعات وطلبت بولندا والمجر وقبرص مرحلة انتقالية بعد السنة 2002 بالنسبة لقطاع الاتصالات الذي يُفترض تخصيصه بالكامل وفتح السوق أمام التنافسية الأجنبية. كما طلبت المجر مرحلة انتقالية اضافية لشبكات الهاتف ولصناعات الفحم الحجري. كما تبحث سلوفينيا عن آجال اضافية قبل تحرير قطاع الوسائل السمعية والبصرية. وتُعد صعوبات المراحل الانتقالية المطلوبة لاكتمال تحرير القطاعات الصناعية سهلة مقارنة مع تأخر اصلاحات الأنظمة الاقتصادية. وقالت المفوضية بأن "أياً من الدول المرشحة لا يملك بعد نظاماً لمراقبة المعونات الحكومية التي تحصل عليها المؤسسات الصناعية". كما أن أنظمة الضوابط وشهادات المنشأ لا تتناسب بعد في أي من الدول المعنية من الأنظمة المعمول بها في السوق الأوروبية. ولم يتم بعد تعميم تنفيذ أنظمة الضريبة على القيمة المضافة وتنفرد سلوفينيا بعدم وضعها حتى الآن نظام الضريبة على القيمة المضافة. وللمساعدة على تأهيل اقتصادات الدول الشرقية الخمس بولندا، المجر، جمهورية التشيك، سلوفينيا، استونيا وقبرص والدول الشرقية الأخرى المرشحة رسمياً للالتحاق بعد أعوام بقاطرة مفاوضات التوسيع رومانيا، بلغاريا، سلوفاكيا، لثوانيا، ولاتفيا يخطط الاتحاد ليقدم لها مساعدات مالية كبيرة ومنتظمة بعد السنة ألفين، موعد انتهاء المفاوضات الصعبة في ما بين الدول ال 15أعضاء الاتحاد الأوروبي في شأن خفض معونات السياسة الزراعية وإعادة توجيه هبات صناديق التنمية التي كانت تتمتع بها اسبانيا واليونان والبرتغال وايرلندا والمناطق الصناعية القديمة داخل الدول الأعضاء، وكذلك مشاكل تحديد سقف الموازنة المشتركة للفترة بين 2000 و2006. وتقترح المفوضية الأوروبية استحداث آلية مالية حجمها 500 مليون ايكو سنوياً لتمويل الاصلاحات الزراعية في الدول الشرقية، وانشاء صندوق خاص بقيمة بليون ايكو سنوياِ 13،1 بليون دولار لتمويل مشاريع البيئة والبنيات التحتية للنقل. كما سيتم توحيد موازنة برامج التعاون الفني 5،1 بليون ايكو لتمويل برامج التحديث الإداري وأجهزة القضاء وأنظمة تشجيع الاستثمار لتشجيع واغراء الاستثمارات المباشرة. وتقدم المعونات السابقة 3 بلايين ايكو في شكل هبات من الموازنة المشتركة المقبلة ويدعمها بنك الاستثمار الأوروبي بوضع خطة قروض ستصل قيمتها إلى 7 بلايين ايكو. الى ذلك ينتظر أن تتضاعف حجم المساعدات وقروض بنك الاستثمار في الدول الشرقية في الحقبة المقبلة مقارنة مع قيمة برامج المساعدات الجارية في الفترة 1995 - 1999. احتمال تأجيل موعد توسيع الاتحاد ولا يخفي الخبراء من الجانبين الصعوبات التي ستواجهها مفاوضات التوسيع لأسباب عدم جاهزية الدول المرشحة، ما قد يدفعها الى تمديد المسار التفاوضي الى ما بعد السنة 2002، الموعد النظري لانضمام الدول المرشحة الخمس زائد قبرص، أو البعض منها الذي يكون قد استجاب في حينه للشروط كافة. لكن صعوبات تخلف الهياكل الادارية والقضاء والفساد ونقص التشريعات في مجالات تخصيص المؤسسات وحماية البيئة والأنظمة الضريبية وانعدام ملاءمتها مع قوانين السوق الأوروبية يدفع الكثيرين في بروكسيل الى توقع بداية توسيع الاتحاد الى سنة 2005 و2006. وتعزز هذه التوقعات الصعوبات المالية التي تواجهها الدول ال 15 أعضاء الاتحاد الأوروبي واتجاه أولوياتها خصوصاً فرنساوالمانيا، الى حل مشاكل البطالة. وتطالب المانيا بخفض مساهمتها في الموازنة المشتركة وتحدث المستشار الجديد غيرهارد شرودير عن ان أولويات المانيا تتركز على مكافحة البطالة قبل خطة التوسيع ونصح وزيره للخارجية جوشكا فيشر بالتحلي "بالواقعية" لأن هوامش التحرك ضيقة أمام كل من حكومات الدول الأعضاء. وإذا قل حماس المانيا، التي تعتبر المستفيد الأكبر من خطة توسيع الاتحاد على حدودها الشرقية، فلا غرابة أن ترفض كل من بريطانياوفرنسا زيادة مساهمتها المالية في الموازنة المشتركة لتمويل مراحل تأهيل اقتصادات الدول الشرقية. وتقف اسبانيا والبرتغال واليونان وايرلندا ضد خفض المعونات التي تحصل عليها الى حد الآن لتطوير البنيات التحتية وأن تعترض على توجيه هذه المعونات الى الدول الشرقية المرشحة لدخول الاتحاد.