للخزانة السينمائية دور كبير في الذاكرة البصرية للشعوب في الوقت الحاضر وتزداد اهميتها كلما تأكد، يوماً بعد يوم، اكتساح الاجهزة السمعية البصرية لمجالات الادراك، لذلك لم يعد الاهتمام بالسينما مقتصراً على الانتاج والتوزيع والتسويق، وذلك ما يندرج ضمن دورتها الاقتصادية والتجارية المعتادة، وانما يفترض، ايضاً، ايجاد طرق ملائمة للحفاظ على التراث السينمائي وتخزين الانتاج السمعي البصري الوطني لكل بلد. وبعد مرور اكثر من نصف قرن على تأسيس المركز السينمائي المغربي 1944 من طرف سلطات الحماية الفرنسية قصد التشويش على العلاقة التي تمكن الفيلم المصري من نسجها مع الجمهور المغربي، وإقامة بنيات انتاج مغربية للتأثير على هذه المنطقة ثقافياً وفصلها عن امتدادها العربي، بعد كل هذه المدة، اهتدى المسؤولون المغربة الى انشاء خزانة سينمائية سنة 1995 للاشراف على التراث السينمائي بالمحافظة عليه وتخزينه وترميم ما تعرض من الافلام والوثائق لمؤثرات الزمان. وهكذا شرعت ادارة الخزانة السينمائية، منذ تأسيسها، في تقديم عروض سينمائية منتقاة حول السينما المغربية سواء منذ اواخر الستينات او الافلام التي صورت بالمغرب زمن الاستعمار الفرنسي، كما قدمت افلاماً أفريقية وهندية ومصرية وإيرانية وصينية وسوفياتية كلاسيكية... الخ. وذلك قصد تعميم الفائدة من الاعمال السينمائية الرفيعة، وتقديم افلام يصعب على موزعي الافلام الآن اقتراحها على الجمهور، ونظمت الخزانة، الى جانب ذلك، متحفاً للسينما وخزانة للكتب والمجلات والوثائق التي تهم السينما بالمغرب، كما اعلنت ادارتها عن رغبتها في جمع ما تم تصويره في المغرب من اشرطة سينمائية وطنية وأجنبية قصد تكوين ارشيف لصور المغرب في القرن العشرين، وتحويل الاشرطة المصورة ب35 ملم و16 ملم الى اشرطة فيديو حتى يتسنى للباحثين والطلبة والنقاد من الحصول، في ظروف افضل، على وثائق وأفلام سينمائية لم يكن من الممكن مشاهدتها او الحصول عليها من قبل. وعلى رغم ان الخزانة السينمائية توجد في العاصمة الرباط، فإنها تعمم خدماتها على باقي المدن المغربية الاخرى، كما ارتبطت بعلاقات مؤسسية مع خزانات دولية، وأصبحت عضواً ب"الفيدرالية الدولية لأرشيف الافلام"، وتتوفر الخزانة الآن على رصيد كبير من الصور التي التقطت بالمغرب منذ بداية القرن الى الآن. ويتكون هذا الرصيد من افلام مطولة وقصيرة صورت بالمغرب قبل الاستقلال 1956، والاخبار الاجنبية التي اهتمت بالمغرب وخاصة منها الفرنسية والاسبانية، وكل الاخبار التي تم تصويرها منذ 1956 وما يقرب من ثلاثة ارباع الانتاج المغربي منذ 1956 الى الآن، وقد دخل مسؤولو الخزانة في المرحلة الحالية في عملية مشاهدة لهذا الرصيد لتصنيفه وتنظيمه وأرشفته وفق القواعد المتعارف عليها دولياً. تعتبر الخزانة السينمائية بالرباط مكسباً ثقافياً حقيقياً وأداة ضرورية للمحافظة على الذاكرة البصرية الوطنية واطاراً مساعداً على البحث والدراسة.