لماذا يريد اي شخص ان يؤسس غاليري صالة عرض في وقت يغلب الاتجاه نحو تحويل مساحات الفن الى اماكن عامة، عكس ما هو معتاد في صالات العرض... المفهوم الحالي للغاليري لا يناسب حركة التطور السريعة في الفن التشكيلي على وجه عام. الاختبار قد يكون في البحث عن وجه جديد... المناسب ان تؤثر المعارض في اماكن استقبالها وليس كما يحدث حالياً. الطريقة التي سمعتها في غاليري "أرك" التي فتحت ابوابها قبل ايام توحي ان هناك رؤية اخرى بديلة. البداية ستكون في التركيز على اعمال الفنانين المختلطي الثقافة. هؤلاء لا يلقون عناية من المعارض الكبرى، على الرغم من ان الفن البريطاني ينتعش عالمياً من انتاج هؤلاء. مساحة الغاليري قد تكون بطاقة تعارف واتصال. اقل شيء انها اعلان، لكن "أرك" سيسير في اتجاه التبادل، انطلاقاً من ظهور فكرة العمل الى نهايته. اي ان المساحة هي ورشة افكار كما هي ورشة للابداع. المخطط الرئيسي هو ان تتحول الغاليري الى صالة عامة، الى مركز للتجربة وليس للانتقاء والتسعيرة. مفهوم معظم قاعات العرض في العاصمة البريطانية هو تأجير مساحة للبيع، وما يتبع ذلك من كلمات للنقاد وغيرهم تزكية توضع في ملف الفنان. "أرك" تميل نحو اسلوب تعاوني: الفنان يملك حقاً في تسيير الغاليري لصالح آخرين ايضاً وتعاوناً مع الجمهور. وقد اختلفت الاوصاف للغاليرهات عندما تفتح للمرة الاولى. الا ان النظرة لم تتغير منذ احقاب. هذا الجمود ساعد عليه انه لم يعد هناك بحث في الدور الذي تقوم به الغاليري وحتى المتحف... لننظر الى ما يحدث للمكتبة التجارية، انها تتطور في اتجاه الاستقبال والعناية: كتب الى جانب القفورة، ورفوف الى جانب كنبات للجلوس والمطالعة. بعض الغاليرهات في شمال لندن بدأت تخطو نحو الاتجاه. لكنها تظل مؤسسات بينها وبين الجمهور مسافات. اعادة النظر تتطلب شجاعة. اذ لا يكفي تقديم عمل الفنان. "أرك"، كما قال الزميل يوسف الناصر، ستساهم في تقديم صاحب العمل شخصية وحواراً: نوع من التلفزيونية هنا. الجمهور سيتعرف الى حياة الفنان والظروف التي ساهمت في تقديم العمل وتطوره وحتى يحصل الزائر، ان شاء، على الصورة المتكاملة، ثم ان الرسام سيقدم خلال ايام العرض لقاءات مع الجمهور. تنظيم اللقاءات جزء من مخطط الغاليري الذي يوجد في منطقة هادئة بعيدة عن تكتلات الفن. نخبة مختلطة الاجناس تشرف على الادارة، هذا المكان سيكون قريباً من انتاج الناس على اختلاف مشاربهم: اكثر من مجرد "كوميونتي سنتر" او نادٍ اجتماعي او للشباب. المنطلق هو الاختلاط والمشاركة والتعبير بأي وسيلة شاءها الناس. طبعاً هناك لجنة للتصفية، هذه اللجنة تتغير كل سنة. ستكون هناك مواسم مفتوحة ايضاً كما تفعل الغاليرهات الكبرى في لندن. الا انها في "أرك" ستكون على مستوى المحلية والاختلاط والحرية. قد يسأم المرء من الاستماع الى مثل هذه المشاريع. الخوف ان تكون مجرد احلام عجاف. الا ان هذه الغاليري القريبة من مقبرة مفتوحة للفن الحي وطرق التجاوب مع الفن... وفي معرض الافتتاح شارك تسعة رسامين بأعمالهم، من بينهم فنانة عربية. وليس هناك تخوف من "الغيتو" كما ان المشاركين معفون من دفع مبلغ مقابل العرض وهم يتكلفون بمصارفهم الخاصة. غاليري "أرك" تخطو في حلول جديدة. عملية العثور على المكان كانت مفاجأة. العمل على ترميمه واصلاحه اخذ صفة اسطورية. ايضاً الصعوبات البيروقراطية لتحويل المكان الذي كان مهجوراً الى مكان للفن والاختلاط لسكان المنطقة وضعت الارادة امام محك وتساؤلات: لماذا يجب فتح غاليري بهذه الصيغة في منطقة يفضل المسؤولون فيها سوبر ماركت؟ المحك تحول تحدياً. ويوم زرت المكان ولم اصدق كيف تحول من قاعة مهدمة الى محل للبناء والتعمير، على الاقل جمالياً الى اشعار آخر. "ARK" 197 A South Ealing Road London W5 Tel 01812328213