تتهيأ الجالية الاسلامية في بلجيكا لخوض انتخابات ديموقراطية، هي الاولى في تاريخ الهجرة العربيه الاسلامية، لاختيار اعضاء مجلس تأسيسي وهيئة تنفيذية تكون المحاور الرسمي للسلطات البلجيكيه في مسائل سير شؤون العبادة والمساجد والمدارس الاسلامية. ومن المقرر ان يتقدم الناخبون المسلمون الى صناديق الاقتراع في 13 كانون الأول ديسمبر المقبل في الجوامع والمراكز الاسلامية الموزعة في انحاء بلجيكا. ويشهد مقر هيئة "المجلس الاعلى للمسلمين" هيئة مؤقته حركة مكثفة هذه الايام لتسجيل قوائم الناخبين في اجهزة الحاسوب والتثبت من قوائم المرشحين التي اقفلت في نهاية الشهر الماضي. ويجري اعداد الانتخابات بالتعاون بين "المجلس الاعلى للمسلمين" و"مركز المساواة" وتحت اشراف "الادارة العامة للتشريعات والديانات" في وزارة العدل البلجيكيه. وكانت الحكومة البلجيكة وافقت في حزيران يونيو الماضي على قرار يمنح الجالية الاسلامية حق انتخاب ممثليها ليكونوا المتحدثين باسمها في الشؤون الدينية والطرف المحاور بالنسبة للسلطات الرسمية التي ستتولى، للمرة الأولى منذ اعتراف بلجيكا بالاسلام في عام 1974، مهمة تمويل شؤون العبادة. ويتوقع ان ترصد الحكومة الفيديرالية موازنة قيمتها 350 مليون فرنك بلجيكي لتمويل صيانة دور العبادة وصرف رواتب الائمة وتعليم الدين الاسلامي. وتعتمد المؤسسات الدينية الاسلامية، منذ عقود، على الهبات التي تقدمها الدول الاسلامية لتأمين تجهيز المساجد وتزويدها بكميات كبيرة من القرآن الكريم واستضافة المحاضرين والعلماء وسداد رواتب مدرسي الدين الاسلامي. ويضطلع المركز الثقافي الاسلامي التابع لرابطة العالم الاسلامي بدور رئيسي في تأمين حاجيات المساجد ومدارس الدين الاسلامية. ويجمع المسؤولون البلجيكيون والناشطون في صفوف الجالية بأن نجاح تجربة الانتخابات الاسلامية في بلجيكا "سيمثل سابقة قد تحتذي بها البلدان الاوروبية الاخرى" لايجاد متحدثين رسميين باسم الجاليات الاسلامية المتحدرة من اصول عربية وآسيوية متعددة. ويوجد في بلجيكا نحو 300 الف مسلم غالبيتهم من المغرب وتركيا الى عشرات الآلاف من المسلمين المتحدرين من الجزائر وتونس وبلدان الشرق الاوسط وآسيا والبلجيكيين الذين اعتنقوا الاسلام. ويرى عضو الهيئة المؤقته محمد بالي تونسي بأن طاقم المجلس الاعلى المؤقت يعيش هذه التجربة "بمثابة التحدي" لأن افراد الجالية يتحدرون من اصول مختلفة "ويحرص المجلس على ان تكون الانتخابات شفافة ونظيفة حتى تكون دليل نضج الجالية الاسلامية وتبنيها اساليب الديموقراطية الغربية في اطار اسلامي". ورأى محمد بالي بأن التجربة الانتخابية تمثل في حد ذاتها سابقة و"استحقاقا كبيرا" على رغم قصر فترة الحملة الانتخابية في صفوف جموع جالية "لم تمارس الانتخاب الديموقراطي في الماضي" اضافة الى ضعف الامكانات المادية. وذكر رئيس المجلس الاعلى للمسلمين في بلجيكا الدكتور ياسين بايينس في مؤتمر صحافي عقده بعد اقفال قوائم الناخبين والمرشحين بأن اكثر من 70 الفاً اكثر من ثلثي الناخبين المسلمين بادروا الى تسجيل اسمائهم في المراكز داخل الجوامع. ويجلس 15 من الطلاب والمتطوعين طوال ساعات امام شاشات الحاسوب لتسجيل قوائم الناخبين. وسيعلن المجلس الاعلى اسماء المرشحين الذين بلغ عددهم 280 مرشحاً و"يفتح ابوابه لتلقي الطعونات". ولغرض شرح اهداف الانتخابات المرتقبة، جال اعضاء الهيئة المؤقتة على 250 مسجدا في البلاد ويجري تسويق اسطوانة "سي دي روم" تتضمن تفاصيل المشروع الانتخابي وغاياته. وسينتخب المسلمون "المجلس التأسيسي" الذي سيتألف من 68 عضوا يتوزعون بين جنسيات مختلفة: 28 من المسلمين المتحدرين من المملكة المغربية، 16 من مسلمي تركيا، 12 من جنسيات مختلفه، 12 من البلجيكيين الذين اعتنقوا الاسلام. الا ان العدد الحقيقي للمنتخبين مباشرة سيصل الى 51 عضوا بينما ستتم تزكية 17 عضوا "من اجل الحفاظ على التوازنات المذهبية وتمثيل المرأة والشباب"، بحسب تفسير مصادر الهيئة التنفيذية. ومن المقرر حسب النظام الانتخابي ان يختار المجلس التأسيسي اعضاء الهيئة التنفيذية التي ستضم 7 اعضاء يتحدرون من المملكة المغربية و4 من تركيا و 3 من جنسيات اخرى و 3 من البلجيكيين الذين اعتنقوا الاسلام. وستكون الهيئة التنفيذية المحاور الرسمي للسلطات البلجيكية في مجالات الاشراف الاداري والمالي لتسيير شؤون العبادة ولحل مشاكل المقابر وشؤون المعتقلين والمرضى في المستشفيات وقضايا الذبح الشرعي ومراقبة برامج تعليم الدين الاسلامي. وينتظر ان تستعين الهيئة التنفيذية ب "مجلس علماء" يتم اخنياره بالتوافق بين التيارات الدينية للمساعدة على حل القضايا ذات الصله بالفقه الاسلامي