القاهرة من أنسب المدن العربية لتدريس تاريخ الشرق الأوسط، فليس هناك أفضل من أن تدرس الحدث في مكان وقوعه. والجامعة الاميركية في القاهرة تنفرد بين الجامعات في مصر لكونها تخصص كلية لدراسة تاريخ الشرق الأوسط. الدكتور غاراي مينكوشي، استاذ مساعد اميركي في تاريخ الشرق الاوسط، اختصاصي في التاريخ المعاصر لكل من سورية وفلسطين، يقول إن دراسة تاريخ الشرق الأوسط بالانكليزية يوفر فرصة للطلاب العرب والمصريين للتعرف على تاريخهم في عيون أجنبية. وعدد طلاب الجامعة الذين يختارون التخصص في تاريخ الشرق الأوسط قليل جداً، فهو لا يتجاوز العشرة ويقل عن الخمسة بالنسبة الى طلاب الماجستير. ويصف مينكوشي ذلك بأنه ظاهرة مؤسفة، لأنه لو لم يكتب سكان الشرق الأوسط تاريخهم بأنفسهم، فسيقوم بالمهمة آخرون من خارج المنطقة، وفي الأغلب لن تعجب النتيجة أهل المنطقة. ويعلل مينكوشي ذلك بأن الطلاب حالياً يتزاحمون على التخصص في مجالات مثل الاقتصاد وإدارة الأعمال وعلوم الكومبيوتر ليضمنوا فرص عمل مغرية بعد تخرجهم، في حين أن الآلاف من الطلاب الاميركيين يفضلون دراسة التاريخ، لأنه يؤهلهم لدراسة مجالات أخرى بعد ذلك مثل القانون. ويقارن مينكوشي بين خبرته في تدريس تاريخ الشرق الأوسط في كل من الولاياتالمتحدة الاميركية ومصر، ويقول إن خبرته في الأخيرة أكثر إثارة، إذ أنه يدرس التاريخ في موقعه الأصلي. ولما كان نظام التعليم في الجامعة الاميركية يعتمد فتح باب النقد والاختلاف في وجهات النظر على مصراعيه سواء مع الاساتذة أو مؤلفي الكتب، فإن مينكوشي يعتمد في التدريس - بالإضافة الى المحاضرات - المناقشات في داخل الفصل الدراسي، وقراءة كم كبير من الكتب التي تعكس وجهات نظر شتى. عن أكثر المواضيع إثارة للجدل بين طلابه في مصر يقول: قضية فلسطين، وقضايا الهوية العربية والمصرية والقومية. أما في الجامعات التي درس فيها في الولاياتالمتحدة الاميركية فتأتي القضية الفلسطينية على رأس المواضيع المثيرة للجدل والمناقشة. ويعترف مينكوشي بأنه ليس حيادياً بالنسبة الى تاريخ وقضايا الشرق الأوسط، ويؤكد أنه - سواء في مصر أو في خارجها - مناصر للقضايا العربية وقضية فلسطين بالذات. ومن العوامل التي دفعته الى ذلك الاتجاه الفترة التي أمضاها في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، بين عامي 1979 و1982، والتي ساهمت في إثراء فكرته عن المنطقة. ومن الكتب التي ينصح مينكوشي طلابه بقراءتها "إعادة اكتشاف فلسطين" لبشارة دهبي ويتعرض للتاريخ الاجتماعي في مدينة نابلس، و"الاقتصاد السياسي لسورية" لفولكهارد برثز، و"الطبقات الاجتماعية القديمة والحركة الثورية في العراق" لحنا بطاطو.