دخلت الأزمة بين بغداد وفرق التفتيش التابعة للجنة الخاصة المكلفة التحقق من إزالة الاسلحة المحظورة أونسكوم منعطفاً جديداً امس بعد قرار مفاجئ اتخذته القيادة العراقية التي عقدت اجتماعاً برئاسة الرئيس صدام حسين وأعلنت وقف كل اشكال التعاون مع اللجنة ورئيسها ريتشارد بتلر، مصرة على تنحيته من منصبه ومعاودة تشكيل اللجنة وان ينظر مجلس الأمن في "حق العراق في رفع الحصار". راجع ص4 وأكدت بغداد ان قرار القيادة لا يشمل "طرد المفتشين" ووقف عمل كاميرات الرقابة، في حين اعتبرت واشنطن ان القرار "خطير" سيثير مضاعفات وانتقدته فرنسا بشدة ودانته بريطانيا. وكان متوقعاً ان يعقد مستشارو الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي اجتماعاً لبحث مستجدات الأزمة، يتزامن مع اجتماع استثنائي لمجلس الأمن. وقال الناطق باسم البيت الأبيض باري تويف لپ"الحياة" ان الرئيس بيل كلينتون على اطلاع مستمر على التطورات. وأضاف: "نتشاور مع حلفائنا ومع المسؤولين في الأممالمتحدة ونعرض الوضع ونحدد الخطوات المناسبة". وجاء القرار العراقي بعد ساعات قليلة على تبني مجلس الأمن رسالة ستوجه الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان رداً على توضيحات طلبتها بغداد، ولتشجيعها كي تستأنف التعاون مع فرق التفتيش والذي جمدته في 5 آب اغسطس الماضي. بيان القيادة العراقية واعلن بيان صدر أمس إثر اجتماع للقيادة العراقية رأسه الرئيس صدام حسين أن العراق تعامل مع قرارات مجلس الأمن و"التزمها على رغم أنها جائرة متعسفة وسابقة في التعامل الدولي على أمل أن يفضي هذا التعامل، بكل ما فيه من مرارة وتضحيات إلى رفع الحصار". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن البيان ان تجربة السنوات الثماني الماضية "اثبتت أن أميركا وعملاءها هم الذين يتحكمون بأمور ما يتصل بهذا الموضوع". ولفت إلى "الأكاذيب الأميركية في شأن المواقع الرئاسية، والتي كادت تؤدي إلى حرب مدمرة" خلال أزمة شباط فبراير الماضي، و"اللعبة القذرة التي لعبتها اللجنة الخاصة ورئيسها بالتنسيق مع أميركا حول ادعاءات وجود غاز الاعصاب في. إكس". وأشار إلى أن بتلر "لم تتخذ ضده الاجراءات الرادعة التي كان ينبغي اتخاذها بسبب كذبه وتلاعبه بالحقائق في ما يتعلق بتحليل رؤوس الصواريخ العراقية. وشدد على "خيبة الأمل من امكانات رفع الحصار بالطريق التقليدي"، معتبراً أن "الدور الحقيقي" للجنة الخاصة ورئيسها هو "ايذاء العراق والتجسس عليه واختراع الأكاذيب والذرائع والأزمات لإبقاء حال الحصار"، وقررت القيادة العراقية وقف كل أشكال التعامل مع بتلر و"أونسكوم" ووقف كل نشاطاتها في العراق بما فيها تلك التي تندرج في إطار المراقبة الطويلة الأمد، إلى أن يُطرد رئيس اللجنة الخاصة ويعاد تشكيلها لتصبح "محايدة" لا تعتمد أساليب "التجسس والعمالة لأميركا". واشترطت أيضاً للتراجع عن القرار أن "ينظر مجلس الأمن نظرة ايجابية نزيهة في حق العراق في رفع الحصار". باريس - لندن في باريس رويترز أعلنت وزارة الخارجية ان "فرنسا تنتقد بشدة قرار العراق وقف كل التعاون مع اللجنة الخاصة، بعدما كان وقفاً جزئياً منذ 5 آب اغسطس" الماضي. وحض بيان للوزارة بغداد على أن تستأنف "فوراً وفي شكل كامل التعاون مع الأممالمتحدة"، منبهاً إلى أن قرار القيادة العراقية أمس يثير استنكاراً، خصوصاً أنه تلى مداولات مجلس الأمن ليل الجمعة، التي انتهت إلى تبني رسالة هدفها طمأنة العراق إلى احتمالات استعجال المراجعة الشاملة للحظر حين سيستأنف تعاونه مع فرق التفتيش التابعة ل "أونسكوم". واعتبرت الخارجية البريطانية أن قرار القيادة العراقية "غير مقبول كليا"، مشيرة إلى أن "العراق استخف مجدداً بقرارات مجلس الأمن ومذكرة التفاهم" الموقعة مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وكان اعضاء مجلس الأمن اتفقوا في وقت متقدم ليل الجمعة وبعد بضعة أيام من المداولات، على نص رسالة رداً على "توضيحات" طلبتها بغداد في شأن الاجراءات المتعلقة بالمراجعة الشاملة للحظر. وفشلت روسياوفرنسا والصين في اقناع واشنطن بالموافقة على رسم "خريطة طريق" تؤدي الى رفع الحظر النفطي عن العراق بموجب الفقرة 22 من القرار 687. لكن المجلس ابدى استعداداً للنظر في اطار المراجعة الشاملة ما ان تتراجع بغداد عن قرارها الذي اتخذته في 5 آب اغسطس الماضي بوقف التعاون مع فرق التفتيش. كما وافق المجلس على "مرحلتين منفصلتين" في عملية المراجعة، تتناول الأولى مسألة نزع الاسلحة المحظورة فيما تركز الثانية على المسائل الاخرى كالأسرى الكويتيين والممتلكات الكويتية المفقودة.